عندما يصبح جري 150 متر أصعب من اختراق ضاحية 15 كيلو متر

عندما يصبح جري 150 متر أصعب من اختراق ضاحية 15 كيلو متر
سرعة الإنسان المقدرة تبلغ 30 كيلو متر في الساعة . ولا أعلم كيف حسب العلماء هذه الحسبة  ، ولكني سعيد بفضل الله في إتمامنا لمسافة 15 كيلو بدون توقف خلال 90 دقيقة بمتوسط  6 دقائق لكل كيلو  بتشكيلات جري متعددة :- خلفي ... جانبي شمال ويمين  ، مع رفع أثقال من البيئة كالأحجار والكاوتش ، وتخطي بالقفر حواجز طبيعية كحواجز الحارات في الطريق .
في مسابقات  جري السرعة يعتبراستغراق  10 ثواني إلي 12 ثانية في قطع مسافة 100 متر سبرنت أداء متميز لغير المحترفين ، ولكن في جري الصمود وبترجمة  معدلات أداؤنا نجد أن مسافة الـ 100 متر استغرقت زمن 36 ثانية بتأخير يفوق 26 ثانية لكل 100 متر .ولكنها لا تحسب علي هذا النحو فلا يخفي علي أحد أن أدائك العضلي ينخفض مع مرور الوقت فالإنسان إنسان وليس ماكينة .

جري التحمل ( عدو المسافات الطويلة ) رياضة من نوع خاص لا يمكنك ابدا تجاهل فائدتها العقلية والخلقية ، إنها :-  مواجهة .. تحدي .. معركة  مع الألم ووفقا لقوة شخصيتك وصدق إرادتك  وصلابة صمودك فإنها بإذن الله تكون تحدي فائز في معركتك مع الألم.
تكمن روعة هذه الرياضة في تعايشك مع آلام جسدك :- جنبك .....كتفك ...... رجلك ....  أنفاسك .... وقلبك .....  وتحدي كل ذلك  ببذل المزيد من الجهد لتحقيق النجاح والصمود .
ويزداد الأمر صعوبة عندما تتكاتف ضدك ممتلكاتك ...... فقلبك  يهددك أنه سيتوقف إن لم تتوقف ، وقدمك تخبرك أنها ستخونك وتعصي أوامرك ، ويكيل لك جانبيك ألما موجعا لتجبرك علي التراجع  ، ويسكب جبينك قطرات عرق مالحة علي عينيك فيزيد تأففها علي  طاعتك  في التطلع إلي هدفك  ..... يصبح الجميع ضدك ....... يقف الجميع عائقا في طريقك .
حتي عقلك ...... عقلك أنت ...... يصاب بانفاصمية  :- فتارة يدعمك ويذكرك بفتوحاتك السابقة وانجازاتك وصفاتك ومواقفك فتزداد حماسا وتنسي أمر الألم ، وتارة أخري تجوب في عقلك أفكار الألم والضعف والتراجع والإستسلام والإعياء ........ يتآمر هو الأخر ضدك مع بقية أعضائك فلا يقوي علي طرد الطاقات السلبية من الأفكار الضعيفة ويستسلم لها فينسي أي مصدر ألهام للقوة والصمود .
ولكنها وحدها التي تقف حائلا ضد فكرة الاستلام التي تراودك بعد أول بادرة ألم
ولكنها وحدها التي تردع هجمات الضعف
ولكنها وحدها التي تمثل درع الصد لسيوف العجز
إنها الفكرة بنت العقل البارة التي تقوم بتقويم والدها ان ضعف انها الفكرة الغرس المزدهر في الأرض الصالحة التي تسرك بالتفكير فيها إنها الفكرة التي تغرسها في عقلك فيتبناها ويصدقها فإن عجز أو ضعف أو اقترب من الإستسلام قومته الفكرة واعادتة الي بهائه وقوتة
انها فكرة :- لن استسلم ...... لن أتراجع ...... لن استجيب لضعفي ..... لن ارضخ لآلمي .... فقط سأرضخ لهدفي .
إنها فكرة الصمود لإثبات الذات
معركة حياتنا اليومية وخطتنا الإستراتيجية
المصيبة بقي أنه جري ال 15 كيلو دول مكنوش بنفس صعوبة جري 150 متر في أولهم وهنا تبدأ وتحلو الحكاية .
الشخصيات :- محمود ( الراوي)، وحسن ، وإبراهيم
المشهد :- مساء الجمعة في الطريق إلي ضاحية الجري  حسن راكب عجلة ومعاه إبراهيم ومحمود بيسخن جري جنبهم وبعدين طقت في دماغة إنه ادفع حسن وهو علي العجله من ناحية ابذل مجهود زيادة عشان اشد علي عضلاتي ، ومن ناحية احرك الشباب اسرع  .
الأحداث :-
بنجري عادي بس طبعا لانه احجامنا وأوزنا تقيلة وعلي طريق ترابي بجوار مناطق زراعية مهجورة يبدو أننا كنا عاملين دوشة وقلق وإحنا في الطريق ....... وأثناء مرورنا في المنطقة الزراعية يبدوا أننا استفزنا بجرينا وصوتنا المرتفع  كلب حراسة لأحد المزارع .
والذي من فضل الله علينا انه اعطي انذارا بنباح متعصب قبل أن يشرع في بدأ مطاردة لنا ودا اللي خلانا نسرع جرينا ونفرق عنه حوالي 20 متر ......  حسن راكب العجلة وواخد إبراهيم قدامة وأنا بجري علي يمينهم ومكان حراسة الكلب علي الشمال بس لما نبح سرعنا الجري وسبقناه بع 20 متر  فاصبح خلفنا الي جهة الشمال يعني مفترض انه العجلة مأمناني .
بس مأمناني إمتي بقي لو كنا في مستوي واحد ....... الكلب فضل يجري والسرعة طبعا في أول 50 أو 60 متر في معدل متزايد بفضل الإدرينالين ....... أنا مبصتش ورايا ...... أنا سرعت قوي معدل الجري بس ابتديت أضعف بسرعة خصوصا اني كنت جاري حوالي 700 متر قبلها.... ، وساعتها لقيت حسن وابراهيم علي العجلة هيسبقوني وبكده هفقد درع الحماية ( الي هو العجلة والعزوة ) لما حسيت إن سرعتي ابتدت تبطأ أو ربما سرعة الكلب تزداد قلت أقيم الوضع واخد قرار ..... أنا ابص بصة ورايا كده وأعاين الموقف .
طبعا وأنا بجري ومن غير م أقف  سندت ايدي علي كتف حسن وهو سايق العجلة عشان لما ابص ورايا وانا بجري متكعبلش فيه لو طلع قدامي
المهم بدور رقبتي عشان أقيم الوضع وأخد قرار الوقوف والقتال إن لزم الأمر الاقي بسم الله ما شاء الله ......... سنان ولسان وصدر عريض قوي اه ........... آه والله ...... الكلب ما شاء الله متربي علي الغالي عريض قوي وبعدين بيجري بغل قوي وواخد الموضوع علي أعصابة  .وفاتح بقة ولسانه طالع بره بيرمي لعاب وعمال يطوح بين فكيه شمال ويمين من أثر الغباء في السرعة .
أنا فكرة واحدة بس اللي جت في بالي ..... عادي جد هقف واقاتل أنا اصلا كنت بربي كلاب واعرف تسيطر علي الكلب ازاي بس الكائن اللي كالن بيجري ورانا دا لو انا وقفت وهو اصطدم  في بس من غير م يهاجم بمخالبة وأيابة يبقي انا كده شكرا هحتاج  تأهيل نفسي بعد م أخلص متابعة طبية تخشلها في كام شهر 
وساعتها استبعدت فكرة الوقوف دي نهائيا وقررت انه السندة اللي كنت سندتها علي كتف حسن وهو سايق متبقاش بغرض تأكيد إتزاني ...... لا يامعلم العيال الواطية دي هتسيبني عشان اتاكل لوحدي وهيهربوا يبقي يا نعيش عيشة فل يا نتعض احنا الكل ورحت قافش في كتف حسن واعتبرتها دفعة لي عشان اجري انا كمان .... انا كنت ابتديت اتعب من الجري والكلب بن الكلاب مش راضي يكبر دماغة لمسافة  120 متر لغاية دلوقتي ومش باين عليه عاوز يتفاهم ... فأنا قلت لو وقعت وأنا مكلبش في صحابي هتسحل وراهم عادي جدا مفهاش حاجه لكن لو وقفت للكلب دا وبعد التعب دا وبحجمه ده يبقي اقل واجب هرّوح - لو روحت يعني – من غير فردتين الكوتشي ورجل بنطلون وحوالي 2 أو 3 كيلو لحمة من جسمي بقي علي بال م يشبع جناب اهلة .
هي كانت لحظات بعد مسافات 120 متر جري سرعة هزم فيها الأدرينالين ورغبتنا في النجاه صمود الكلب علي المثابرة في مهاجمتنا ..... أنا فكرت للحظات اللي هيضعف هيخسر يخسر قوي .....
قبل المطاردة :- سعادة بقوتي جري 700 متر تسخين قبل زمايلي وفي دفع حوالي 180 كيلو ( وزن ابراهيم وحسن والعجلة ) علي عجل وفرحة ابراهيم وحسن بسرعتهم علي الطريق من غير حتي م يحرك البدال واصوات ضحكة الفرحة تعلي بهزار الشباب .
اول 60 متر في المطاردة :- الأدرينالين دا معجزة فورا اتسحب اي فكرة في دماغك ووجع او احساسا حتي في جسمك وفورا تمام جهوزية لاعلي معدلات الهروب والمناورة فورا وبدون تفكير قرار بجري هروبي فورا وبأقص سرعة ممكنة .
الــ 60 متر التالية :- تقريبا إفراز الأدرينالين خف شوية فانفتحت مسافة لأفكار المصيبة اللي ممكن تحصل لو الكلب دا طال واحد فينا ودا قصر علي معدلات زيادة السرعة بالعكس .
خلال الــ 30 متر الأخيرة :- هي فكرة واحدة بس لو الكلب دا ميأس ووقف المطاردة دي يبقي شكرا....
ودي كانت فعلا أصعب 150 متر في رحلة الـــ 15 كيلو .
اللي كنت مستغربلة بقي لغاية م فكرت شوية وعرفت السبب هو انه واحد بس اللي أخد بالة من كل التفاصيل وشكل الكلب ولونة وحجمه والمنطقة بالتحديد اللي طلع علينا منها ودرجة اقترابة منننا في كل المسافة  ....... كان ابراهيم ..... انا مختش بالي غير لما افتكرت انه كل دورة ومجهودة في المطاردة دي انه كان راكب العجلة قدام حسن وماسك الجدون جامد عشان ميقعش ... ههههههههه عاش يا بطل عاش . ههههههه

هناك تعليقان (2):

  1. يعنى حسن وابراهيم والعجلة كانوا هيبقوا حائط صد ليك لو الكلب حصلنا ؟؟يابنى انت لازم تفهم حاجه واحدة لو الكلب جه مش هيكون فيه غير احتمالين اما ان محمود حموده يبقى الضحية وحسن وابراهيم يهربوا .. أو ابراهيم يبقى الضحية وحسن ومحمود يهربوا ...

    ردحذف
    الردود
    1. شوف هو انا متفق جدا مع الاقتراح التاني
      وخصوخا انه احنا بينا مذاكرة مشتركة يا شيخ حسن

      حذف

تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة