التأمين (أركانه وأنواعه)

جامعة العلوم الاسلامية العالمية/الاردن
كلية الشريعة والقانون
قسم  الفقه واصوله


إعداد الطالبة
 هبــه صالح علي طقاطقه
 إشراف
الدكتور: موفق الدلالعة

 بحث مقدم استكمالا لمتطلبات النجاح في مادة (الشركات في الفقه والقانون)
العام الجامعي: 1431هـ / 2010م
بسم الله الرحمن الرحيم
المـقـدمـة :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، فهذا بحث  بعنوان  شركة التأمين، أنواعها، أركانها، وأحكامها ،أما بعد:.
تقول الدراسات المعاصرة : إن مما تقاس به درجة التقدم الاقتصادي لأي دولة يعتمد في المقام الأول على درجة تقدم صناعتي المصارف والتأمين وتطورهما ، فثمّت ارتباط وثيق وعلاقة قوية بين الصناعتين، وازدهارهما ينعكس على توازن ميزان المدفوعات الخاص بكل دولة ، باعتبارهما من الخدمات غير المنظورة التي لها أثر إيجابي ملموس على اقتصاد الدولة ومركزها المالي. ولقد أصبحت خدمات التأمين في الوقت الحاضر تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام رجال الأعمال في الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية وغيرها ، نظراً لاعتمادهم الكبير عليها في تهيئة حالة الطمأنينة والأمان لمشروعاتهم بمختلف أنواعها ، وللعاملين لديهم ولأسرهم ، ولأنفسهم من المخاطر التي يتعرضون لها مثل : الحريق ، والسرقة ، والسطو ، وخيانة الأمانة ، والاختلاس ، والتلف ، والغرق ، والانهيار(1).  ومن ذلك يتبين أن التأمين هو أحد الوسائل الحديثة الكبرى المهمة الداخلة في منظومة التنظيم الاقتصادي والمالي، فله دوره المتعاظم في التطور الصناعي ، والزراعي ، والتجاري ، وسائر الأنشطة الاقتصادية ، بل لقد أصبحت صناعة التأمين تضاهي إن لم تفق العمل المصرفي . وفي نظرة تاريخية فإن التأمين قام على اكتشاف مبدأ اجتماعي علمي نافع ، يتمثل في أن الأفراد بكلفة قليلة يمكنهم أن يتخلصوا من عبء الخسارة الناجمة عن الكوارث التي يمكن قياس احتمال حدوثها على وجه الدقة أو التقريب إذا كانت المجموعة البشرية كثيرة العدد ، وهذا ليس مرغوباً الانتفاع به فحسب ، بل إنه أمر متعين من أجل تحقيق التقدم والصدارة(2). وفيما يتعلق بالمسلمين في الوقت الحاضر وتوجههم نحو استعادة قوتهم وموقعهم باعتبارهم خير أمة أخرجت للناس ، فإن النظر في طريق المعاش وعمارة الأرض التي استعمرهم ربهم فيها واحد من هذه الميادين الذي يتعين أن يحظى بحقه من الإحياء والتنظيم والعناية بعد عنايتهم بأصل دينهم وعقيدتهم .ومن البدهي أن النظر في حكم التأمين هو نظر جزء من كل ، ذلك أن التطبيق الكامل للشريعة الإسلامية يحقق التعاون والتكافل على أساس محكم لم يسبق له نظير، وإن توسع الدول الإسلامية في التأمينات الاجتماعية حتى تشمل جميع فئات الرعية التي تعجز مواردها عن مواجهة الأخطار أمر لا بد منه ، فإن الدولة الإسلامية في حكم الإسلام تلتزم بتأمين فرصة العمل لكل قادر عليه ، وبتأمين العاجز عن العمل بإعطائه ما يكفيه في أكله ، وشربه ، وملبسه ، وسكنه ، حتى مركبه وعلاجه ، كما يرى بعض الفقهاء ، ولها في مورد الزكاة ما يقوم بذلك ، وإن لم تفِ الزكاة بذلك فلها أن تضع من المعالجات المشروعة ما يسد حاجة الفقراء ، و إعانة العجزة(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  بحث المشكلات العملية التي تواجهها شركات التأمين الإسلامية / أحمد محمد صباغ . مقدم لحلقة (حوار حول عقود التأمين الإسلامي) معهد البحوث البنك الإسلامي بجدة.                                             (2)  التأمين في الاقتصاد الإسلامي / د. محمد نجاة الله صديقي ص 2-1.
(3)  حكم الشريعة في عقود التأمين د. حسين حامد ص 519.

  خـطـة الـبحـث:
يشتمل البحث على مقدمة وستة مباحث وخاتمة:
· المبحث الأول : مفهوم التامين ونشأته
 
المسألة الأولى : تعريف التأمين لغة واصطلاحا
 المسألة الثانية : النشأة التاريخية لفكرة التأمين
· المبحث الثاني: أقسام التأمين.
 المسألة الأولى : من حيث الموضوع.
 المسألة الثانية : من حيث العموم والخصوص.
 المسألة الثالثة: من حيث الشكل .
· المبحث الثالث: وفيه ثلاث مسائل.
 
المسألة الأولى : اركان التامين .
 المسألة الثانية : خصائص التأمين .
 المسالة الثالثة : وظائف التأمين.
 · المبحث الرابع: حكم التأمين.
 المسألة الأولى : حكم التأمين التجاري .
 المسألة الثانية: حكم التأمين الإسلامي .
 · المبحث الخامس: توصيف التأمين الإسلامي وتكييفه الفقهي
المسألة الأولى : توصيف التأمين الإسلامي .
المسألة الثانية : تكييفه الفقهي .
 · المبحث السادس : خصائص نوعي التأمين والفروق بينهما
 المسألة الأولى : خصائص التأمين التجاري .
 المسألة الثانية : خصائص التأمين الإسلامي
 المسألة الثالثة : الفروق.
 ·   الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج والتوصيات.

المبحث الأول: مفهوم التأمين ونشأته
المسالة الاولى : تعريف التأمين في اللغة والاصطلاح  :
التأمين: في اللغة(1): من مادة أمن يأمن أمنا, إذا وثق وركن إليه فهو آمن, وأمنه تأمينا, إذا جعله في الأمن, وفرس أمين القوي, وناقة أمون قوية ، أمينا, أي: جعله في ضمانه
تعريف التأمين في الإصطلاح : فقد اختلفت تعاريف التأمين لدى بعض الباحثين: فآثر القانون المصري المدني التعريف التالي للتأمين فجاءت المادة بهذا النص :
التأمين: عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا, أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين في العقد, وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.
ويرى بعض العلماء (2) من الناحيتين التأمينية والقانونية: أنه بالرغم من أن هذا التعريف كان خلاصة ما انتهت إليه مجموعة لجان إلا أنه لم ينج من نقد علماء القانون, وبالرغم من خبرتهم في إعطاء تعريف دقيق للتأمين إلا أنهم قد انتهوا أخيراً إلى ما يلي:
التأمين عملية بها يحصل شخص يسمى المؤمن له على تعهد لصالحه أو لصالح غيره بأن يدفع له آخر هو المؤمن عوضا ماليا في حالة تحقق خطر معين, وذلك في نظير مقابل مالي هو القسط.
التأمين: عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال, أو إيرادا مرتباً أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد، وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية يؤديها المؤمن له للمؤمن, ويتحمل بمقتضاه المؤمن تبعة مجموعة من المخاطر بإجراء المقاصة بينها وفقا لقوانين الإحصاء.
ويقول الأستاذ مصطفى الزرقا(3) : بأن علماء القانون يفرقون بين نظام التأمين باعتباره فكرة وطريقة ذات أثر اقتصادي واجتماعي ترتكز على نظرية عامة ذات قواعد فنية وبين عقد التأمين باعتباره تصرفا قانونيا ينشئ حقوقا بين طرفين متعاقدين وتطبيقا عمليا لنظام التأمين(4).
فيمكن تعريف نظام التأمين بأنه: نظام تعاقدي يقوم على أساس المعاوضة غايته التعاون على ترميم أضرار المخاطر الطارئة بواسطة هيئات منظمة تزاول عقوده بصورة فنية قائمة على أسس وقواعد إحصائية.
أما عقد التأمين فقد عرفه القانون المدني السوري والقانون المدني المصري بالتعريف الآتي مع تحوير في الصياغة: عقد بين طرفين أحدهما يسمى: المؤمن، والثاني: المؤمن له، ويلتزم فيه المؤمن بأن يؤدي إلى المؤمن لمصلحته مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع حادث أو تحقق خطر مبين في العقد، وذلك في مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له إلى المؤمن . ا هـ.
وعلى أي حال فمهما وجد الاختلاف بين العلماء في تعريف التأمين فإن الاتفاق واقع بينهم على العناصر الأساسية لعقد التأمين من وجود الإيجاب والقبول من المؤمن له والمؤمن واتجاه التأمين إلى عين يقع عليها التأمين، وأن يقوم المؤمن له بدفع مبلغ من المال دفعة واحدة أو على أقساط يتم الاتفاق عليها للمؤمن، وأن يقوم المؤمن بضمان ما يقع على العين المؤمن عليها إذا تعرضت لما يتلفها أو جزءا منها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) لسان العرب, (13/21), مادة (أ م ن), ومختار الصحاح, ص (37), والمعجم الوسيط, ص (28).
(2) الأستاذ جمال الحكيم في كتابه -عقود التأمين ص30
(3)  من ابرز علماء الفقه في العصر الحديث أطل على العالم الإسلامي، هو مصطفى بن أحمد بن محمد الزرقاء، ولد في مدينة حلب بسورية 1322ه 1904م،توفي عام 1999م
(4) عقد التأمين وموقف الشريعة الإسلامية منه ص45

المسألة الثانية: النشأة التاريخية لفكرة التأمين(1) :
لقد مرت فكرة التأمين منذ عهد قديم بأطوار عدة وأحوال مختلفة، فيرى بعض الباحثين أن فكرة التأمين كانت موجودة ومعمولا بها في القرن العاشر قبل الميلاد، فقد صدر أول نظام يتعلق بالخسارة العامة في رودس عام 916 قبل الميلاد حيث قضى بتوزيع الضرر الناشئ من إلقاء جزء من شحنة السفينة في البحر؛ لتخفيف حمولتها على أصحاب البضائع المشحونة فيها.
ويرى فريق آخر من العلماء: أن الإمبراطورية الرومانية كانت أول من ابتدع فكرة التأمين، حيث ألزمت تجار الأسلحة بإرسال أسلحتهم بحرا؛ لتزويد قوات الإمبراطورية بها على أن تقوم الدولة بضمان الخسارة.
ويكاد المؤرخون يجمعون على أن التأمين البحري هو أسبق أنواع التأمين ظهورا، حيث كان أول تطبيق عملي له بشكل تجاري كان في القرن الثاني عشر الميلادي؛ حيث جرى على عهد تجار مناطق البحر الأبيض المتوسط ممارسة هذا النوع من التأمين. ويذكر المؤرخ ( فيللاني ) الذي عاش في القرن الرابع عشر من الميلاد: أن التأمين على المنقولات بحرا بقصد التعويض عن الخسارة التي تنتج من ضياعها في البحار- ظهر في لمبارديا سنة 182 م بواسطة جماعة اللومبارد، ثم انتقل بواسطة هذه الجماعة إلى إنجلترا وإلى غيرها من الأقاليم الأوربية، وصدرت الأوامر الحكومية لتنظيم هذا النوع من التأمين، ثم نشأ بعده التأمين ضد الحريق، وقد كان موجودا في إنجلترا قبل القرن السابع عشر الميلادي على شكل نقابات تعاونية، كانت تعطي إعانة لأعضائها في حال احتراق أملاكهم، وفي منتصف القرن السابع عشر أخذ التأمين ضد الحريق طابعا تجاريا صدرت به نظم إدارية تختلف باختلاف أوضاع البلدان.
أما التأمين على الحياة، فيقال: بأن أول وثيقة للتأمين عليها صدرت سنة 1583 م في إنجلترا، ومع ذلك فقد كان وجوده محددا جدا, ولم يتخذ قالبا نظاميا معتبرا إلا في سنة 1774 م، وقد كان للثورة الصناعية وما صاحبها من ظهور طبقة متوسطة أثر كبير في الإقبال على التأمين على الحياة واتساع نطاق انتشاره.
وفي القرن التاسع عشر بعد أن عمت الثورة الصناعية البلدان الأوربية وتبع ذلك تطور الآلة وانتشارها ظهرت فكرة التأمين ضد الحوادث.
السكة الحديدية، وكانت بطاقات التأمين تباع مع بطاقات السفر، ثم تطورت الفكرة حتى شملت التأمين ضد الحوادث الشخصية وكافة الأمراض.
وبالتوسع في الأخذ بفكرة التأمين ظهر ما يسمى بـ: التأمين ضد خيانة الأمانة، وبـ: التأمين ضد الضمانات القضائية مما هو خاص بالمسئوليات المالية على الأوصياء الذين يعينون بقرارات قضائية على القصار والأوقاف والمعتوهين ونحوهم، وبالتأمين ضد التضمينات الحكومية من جراء خيانة بعض الموظفين، وبالتأمين ضد حوادث السيارات والطائرات.
أما تأريخ دخول التأمين على البلدان الإسلامية فإن كثيرا من علماء المسلمين ممن كتب في هذا الموضوع يرى أن دخوله على البلاد الإسلامية كان قريبا جدا، بدليل أن فقهاء المسلمين حتى القرن الثالث عشر الهجري لم يبحثوا هذا الموضوع مع أنهم بحثوا كل ما هو محيط بهم في شئون حياتهم العامة من عبادات ومعاملات وأحوال شخصية.
ويقال: بأن أول من كتب فيه من علماء المسلمين هو ابن عابدين، وذلك حينما قوي الاتصال التجاري بين الشرق والغرب بعد النهضة الصناعية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قرار هيئة كبار العلماء, رقم: 55, وتاريخ: 4/4/1397?. وقرار مجمع الفقه الإسلامي الصادر في شعبان 1398?, ينظر: فقه النوازل, محمد بن حسين الجيزاني, (3/268-285), وفتاوى اللجنة, (15/275)
(2) نظام التأمين, الزرقاء, ص (27), نقلا من: المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي, الدكتور محمد عثمان شبير, ص (122), وينظر: فقه النوازل, الجيزاني, ص (283-285).
(3)  سبق تخريجه, ص (54), وينظر: فتاوى اللجنة, (15/278).
المبحث الثاني:أقسام التأمين:
للتأمين عدة تقسيمات لاعتبارات مختلفة:
المسألة الاولى: وينقسم التأمين من حيث موضوعه إلى قسمين:
الأول: تجاري، ويشتمل على التأمين البحري والنهري والبري والجوي.
- التأمين البحري:هوالتأمين من المخاطر التي تحدث للسفن أو لحمولتها، وهذا النوع يعتبر أقدم أنواع التأمين.
- التأمين النهري:هو التأمين من مخاطر النقل في مياه الأنهار والترع العامة.
- التأمين الجوي:هو التأمين من مخاطر الجو التي تتعرض لها الطائرات أو حمولاتها.
- التأمين البري: هو التأمين ضد الحوادث العامة فيما عدا حوادث البحر والجو.
الثاني: التأمين على الأموال ، وذلك بتعويض المؤمن له عن الخسارة التي قد تلحقه في ماله من سرقة أو حريق أوموت حيوان أو فياضانات أو آفات زراعية أو غير ذلك من أسباب الأضرار والمخاطر.
أما تأمين الأشخاص: فيتناول أنواع التأمين المتعلقة بشخص المؤمن، وذلك بتعويض المؤمن له أو وارثه عن الضرر الذي أصابه في جسمه سواء كان موتا أو عاهة أو مرضا أو شيخوخة بما يتناسب مع مقدار الإصابة التي حلت به.
ويشمل هذا النوع: التأمين على الحياة والتأمين من الحوادث الجسمية.
أما التأمين على الحياة فله صور متعددة أهمها ما يلي:
أ- التأمين للوفاة: وهو عقد يتعهد المؤمن بمقتضاه بأن يدفع للمؤمن له مبلغا معينا عند وفاة المؤمن عليه، وذلك لقاء أقساط دورية أو دفعة واحدة
تدفع له, وقد يكون الاتفاق على أن يدفع المؤمن المبلغ في أي وقت مات فيه المؤمن عليه. ويسمى هذا النوع بـ: (التأمين العمري).
وقد يكون الاتفاق على أن يدفع المؤمن المبلغ إذا مات المؤمن على حياته خلال مدة يتم الاتفاق على تحديدها، فإن مات المؤمن على حياته بعد انقضاء المدة برئت ذمة المؤمن، ولا حق للمؤمن له في الأقساط التي دفعها للمؤمن لقاء التأمين.
ب- التأمين للبقاء: وهو عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يدفع للمؤمن له مبلغا من المال إذا امتدت حياة المؤمن له إلى تاريخ معين, فإن مات قبل ذلك التاريخ برئت ذمة المؤمن بحيث لا يستحق المؤمن له شيئا من المبلغ، كما أن الأقساط التي دفعها للمؤمن تعتبر من حق المؤمن نفسه وليس للمؤمن له منها شيء(1).
ج- التأمين المختلط البسيط: وهو من أكثر أنواع التأمين على الحياة انتشارا وشيوعا، وهو: عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه بأداء مبلغ معين في تأريخ معين للمؤمن له نفسه 3إذا امتدت حياته إلى ذلك التأريخ, فإن مات قبل ذلك التأريخ فيدفع المؤمن المبلغ المتفق على دفعه إلى المستفيد المعين، أو إلى ورثة المؤمن له، وذلك لقاء دفع المؤمن له للمؤمن مجموعة أقساط دورية يتم الاتفاق على تعيينها وتعيين مقدارها، وفي بعض أنواع التأمين المختلط يتعهد المؤمن بأن يدفع مبلغ التأمين المتفق عليه في حال وفاة المؤمن عليه خلال الفترة المحددة، وأن يضاعف هذا المبلغ إذا بقي حيا بعد انتهاء الفترة وهذا ما يسمى بـ: (التأمين المختلط المضاعف).
أما التأمين من الحوادث الجسمية : فهو عقد يتعهد المؤمن بمقتضاه أن يدفع للمؤمن له مبلغا من المال معينا في حالة إصابته أثناء المدة المتفق على التأمين عليها بحادثة جسمانية أو إلى المستفيد المعين، أو ورثة المؤمن له في حال وفاته، وذلك لقاء دفع المؤمن له للمؤمن أقساطا دورية يتم الاتفاق على تعيينها وتعيين مقدارها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1)) الإسلام والتأمين /د. محمد شوقي الفنجري ص36.
المسألة الثانية: ويقسم التأمين من حيث العموم والخصوص إلى:
تأمين فردي وتأمين اجتماعي.
-التأمين الفردي : هو الذي يكون فيه المؤمن له طرفا مباشرا في العقد حيث يتولى نفسه مباشرة العقد ليؤمن على نفسه من خطر معين لمصلحته الشخصية.
- التأمين الاجتماعي : فيقوم على فكرة التضامن الاجتماعي لتأمين الأفراد الذين يعتمدون في معاشهم على كسب أيديهم من بعض الأخطار التي قد يتعرضون لها، فتعجزهم عن العمل؛ كالمرض والشيخوخة والبطالة والعجز، ويكون في الغالب إجباريا، ويشترك في دفع القسط مع العامل صاحب العمل والدولة، وتتحمل الدولة دائما أكبر نسبة من أجزاء القسط المدفوع إلى المؤمن، وهذا النوع من التأمين يعتبر مظهرا من مظاهر السياسة العامة للدولة فهي التي تخطط برامجه وتحدد نطاقه؛ ضمانا لمصالح الطبقات المختلفة في المجتمع، ورفع مستواها، وقد تكون الدولة الطرف المؤمن، ومن صور هذا النوع التأمينات التقاعدية والاجتماعية والصحية وغيرها من أنواع التأمينات العامة.
المسألة الثالثة: فينقسم من حيث شكله إلى قسمين:
 تأمين تعاوني، أو ما يسمى بـ: (التأمين التبادلي)، وتأمين تجاري، أو ما يسمى بـ: (التأمين بقسط ثابت).
الاول- التأمين التجاري : أو ما يسمى بـ: (التأمين بقسط ثابت) فهو الذي تنصرف إليه كلمة التأمين عند إطلاقها، فالمؤمن له يلتزم بدفع قسط دوري محدد إلى المؤمن -شركة التأمين- في مقابلة تعهد المؤمن بتعويضه عند تحقق الخطر المؤمن منه، ويتميز هذا النوع عن سابقه باستقلال المؤمن عن المؤمن له حيث إن المؤمن هو الذي يستفيد من الربح إذا زادت الأقساط الدورية عن مبالغ التعويض المستحق دفعها للمؤمن لهم. كما أنالمؤمن هو وحده المتضرر بالخسارة في حال نقص الأقساط الدورية عن مبالغ التعويض المستحق دفعها.
فالتأمين التجاري: يكون المؤمن له غير المؤمن الذي ليس له هدف إلا الربح، وبهذا يتضح الفرق بينه وبين سابقه، ذلك أن التأمين التبادلي أو التأمين التعاوني لا يسعى أصحابه إلى الربح، وإنما غايتهم التعاون على تحمل المخاطر، وكل واحد من أعضائه يعتبر مؤمنا له ومؤمنا، أما التأمين التجاري فالتعاون فيه يأتي بطريق غير مباشر وغير مقصود أيضا.
وهناك من الكتاب من يذهب في تحليله عملية التأمين التجاري إلى أن التعاون بين المؤمن له والمؤمن هو الفكرة الأساسية للتأمين، ذلك أن المؤمن لا يعتمد في دفع مبالغ التأمين على رأس ماله، وإنما سنده في ذلك الأقساط الدورية التي يجمعها من المؤمن لهم. فالمؤمن لهم هم في الواقع المؤمنون لأنفسهم، وتتلخص وظيفة المؤمن في تنظيم هذا التعاون، وتوزيع المخاطر على المؤمن لهم(1)
الثاني_ التأمين التعاوني: أوما يسمى بـ(التأمين التبادلي): فهواشتراك مجموعة من الناس بمبالغ بغير قصد الربح على جهة التبرع تخصص لتعويض من يصيبهم الضرر منهم ، وإذا عجزت الأقساط عن التعويض دفع الأعضاء أقساطاً إضافية لتغطية العجز ، وإن زادت فللأعضاء حق استرداد الزيادة . وهو تأمين تعاوني لأن غايته التعاون في دفع الأخطار وليس الربح والكسب المادي.
كما يسمى بالتأمين التبادلي لأن الأعضاء المشتركين مؤمنون ومؤمَّن لهم في آن واحد ، فليس بينهم وسيط ، أو مساهمون يتقاضون أرباحاً على أسهمهم.ويسمى أيضاً التأمين بالاكتتاب لأن ما يدفعه العضو هو اشتراك متغير وليس قسطاً ثابتاً (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحث اللجنة / مجلة البحوث / العدد 19 ص 51 مع إضافة قيد (بغير قصد الربح) ، ( على جهة التبرع).
(2) الإسلام والتأمين /د. محمد شوقي الفنجري ص76.

ومن التعريف السابق يتبين أن التأمين التعاوني نوع من التأمين يقوم به أشخاص يتعرضون لنوع من المخاطر ، يكتتبون على سبيل الاشتراك بمبالغ نقدية تخصص لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه منهم الضرر ، فإن لم تف الأقساط المجموعة طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز ، وإن زادت عما صرف من تعويض كان للأعضاء حق استرداد هذه الزيادة ، وكل واحد من أعضاء هذه الجمعية يعتبر مؤمِّنا ومؤمناً له.
والغرض من ذلك درء الخسائر التي تلحق بعض الأعضاء بتعاقدهم على توزيعها بينهم . وهي أشبه بجمعية تعاونية تضامنية لا تهدف إلى الربح(1).و يدخل في كل النشاطات التأمينية في مختلف الأخطار المحتملة من الحريق ، والحوادث ، وفي النقل البري والبحري والجوي ، وفي كل أنواع الأموال ، ما عدا التأمين على الحياة. وقد تطور التوسع فيه بحيث أصبح يجمع أعداداً غفيرة تتعرض لأخطار متعددة دون أن يعرف بعضهم بعضاً .
ولئن كان التأمين في مبدأ نشأته يقوم على اكتتاب يحصل من المشاركين فقد تطور على أساس قسط ثابت نسبياً يدفع مقدماً وبانتظام.
- وبعد إيراد تعريف التأمين التعاوني يحسن إيراد تعريف خاص بالتأمين الإسلامي.
أولاً : تعريف التأمين الإسلامي باعتباره نظاماً :
"تعاون مجموعة من الناس يسمون : ( هيئة مشتركة يتعرضون لخطر أو أخطار معينة من أجل تلافي آثار الأخطار التي يتعرض لها أحدهم أو بعضهم بتعويضه عن الضرر الناتج من وقوع هذه الأخطار ، وذلك بالتزام كل منهم على سبيل التبرع (2) وبغير قصد الربح بدفع مبلغ معين ( يسمى القسط) أو (الاشتراك) تحدده وثيقة التأمين أو عقد الاشتراك ، أو تتولى شركات التأمين الإسلامية إدارة عمليات التأمين واستثمار أمواله نيابة عن هيئة المشتركين في مقابل حصة معلومة من عائد استثمار هذه الأموال باعتبارها مضارِباً ، أو مبلغاً معلوماً باعتبارها وكيلاً ، أو هما معاً بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية"(3).
ثانياً : تعريف التأمين الإسلامي باعتباره عقداً :
" اتفاق بين شركة التأمين الإسلامي باعتبارها ممثلة لهيئة المشتركين وشخص ( طبيعي أو اعتباري) على قبوله عضواً في هيئة المشتركين ، والتزامه بدفع مبلغ معلوم يسمى " القسط" على سبيل التبرع منه ومن عوائد استثماره لأعضاء الهيئة بغير قصد الربح ، على أن تدفع الشركة نيابة عن هذه الهيئة من أموال التأمين التي تجمع منه ومن غيره من المشتركين ، التعويض عن الضرر الفعلي الذي أصابه من وقوع الخطر المعين ، وذلك في التأمين على الأشياء والتأمين من المسؤولية المدنية ، أو مبلغ التأمين ، وذلك في التأمين على الأشخاص على النحو الذي تحدده وثيقة التأمين ويبينه أسس النظام الأساسي للشركة حسب ما تقضى به أحكام الشريعة(4).
- لقب "التأمين الإسلامي" بدلاً من "التأمين التعاوني ".
من المستحسن أن يسمى التأمين الذي يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية بـ(التأمين الإسلامي) بدلاً من التأمين التعاوني أو التبادلي أو غيرها منالتسميات التي قصدها الأساس التعاون والتكافل وليس الربح والتجارة ذلك أن هذه الأسماء من ( التبادلي أو التعاوني وأمثالها): موجودة لدى غير المسلمين ولاسيما في بلاد الغرب التي هي أصل منشأ هذا النوع من التأمين ، وليست متطابقة مع الصيغة الإسلامية ذلك أن الشريعة تتطلب في هذا النوع من التعاون أو التكافل شروطاً وخصائص لا تتوافر في أنواع وصيغ التأمين التعاوني والتبادلي في الغرب(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) –راجع : بحث اللجنة الدائمة / مجلة البحوث عدد 19ص22.
(2) –لا يوجد تعارض بين التبرع والالتزام ، لأن التبرع يعني الدفع من غير مقابل أو عوض ، أما الالتزام فيتعلق بتعهد المتبرع أو المحسن بالوفاء ما تبرع به وهذا لا يعارض التبرع لأن جهة اللزوم غير جهة التبرع.
(3) –التأمين على حوادث السيارات د/ حسين حامد حسان ص 2-3 بحث مقدم لحلقة العمل حول عقود التأمين الإسلامي / معهد البحوث / البنك الإسلامي بجدة .
(4) - التأمين على حوادث السيارات في الشريعة الإسلامية /د.حسين حامد حسان 4-5.   (5) –التأمين على حوادث السيارات في الشريعة الإسلامية /د. حسين حامد ص 1.
المبحث الثالث:وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الاولى: أركان التأمين
يرى بعض علماء القانون أن عقد التأمين كغيره من العقود اللازمة يعتمدمن هو أهل للإلزام والالتزام ، فلا أثر لإرادة عديم الأهلية كالصغير والمجنون والسفيه والمحجور عليه لحظ غيره فيما إذا كان محل العقد أمواله الواقعة تحت الحجر ، وبشرط أن تكون الإرادة خالية عما يؤثر على صحتها ؛ كعقود الغرر والغبن والغلط وغيرها .
أما محل العقد: فقد اختلف الكتاب في تعيينه: فذهب بعضهم إلى القول بأن محل التأمين هو الخطر المؤمن منه، وذهب البعض الآخر إلى أن محل التأمين يتكون من ثلاثة عناصر هي : الخطر ، وقسط التأمين ، والتعويض .
وذهب فريق ثالث : إلى أن محل التأمين هو المصلحة التأمينية ، وهي المصلحة الاقتصادية التي تربط المؤمن له بالشيء المؤمن عليه.
وقد ذهب إلى هذا الرأي مجموعة من الكتاب ، وبه أخذ القانون المصري حيث نصت المادة ( 749 ) على ما يلي : يكون محلا للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على الشخص من عدم وقوع خطر معين . وهناك رأي رابع يتلخص في أن محل التأمين هو كل شيء مشروع ينتفع المؤمن له بسلامته ويتضرر بضرره ، وقد أخذ بهذا الرأي القانون العراقي .
ويشترط ل محل العقد أن يكون موجودا وقت التعاقد أو ممكن الوجود في المستقبل خلال فترة نفاذ العقد ، وأن يكون معينا وذلك بذكر خصائصه وأوصافه التي يتميز بها عن غيره فيكون بذلك معلوما ، وأن يكون مشروعا بحيث يمكن التعامل به فلا يجوز التأمين على أموال مسروقة أو مغصوبة أو على بيوت دعارة أو أثاثها، وأن يكون محل التأمين محلا لاحتمال وقوع الخطر عليه وقت عقد التأمين ، فلا يجوز مثلا التأمين على بضاعة في البحر قد تلفت ، ولا على بضاعة في البحر قد وصلت وأدخلت مخازن أهلها .
أما الركن الثالث من أركان عقد التأمين : فهو السبب الذي يحمل كلا من طرفي عقد التأمين -المؤمن والمؤمن له- إلى إبرام عقد التأمين بينهما والالتزام بالآثار الحقوقية المترتبة عليه . فإذا انتفى السبب الذي يقوم عليه التزام المؤمن له للمؤمن بدفع القسط الدوري لقاء التزام المؤمن بدفع تعويض عن الضرر اللاحق به في محل التأمين بأن لم يكن هناك خطر يخشى منه على الشيء المراد تأمينه ، أو لم يكن لطالب التأمين مصلحة تأمينية في ذلك الشيء بطل عقد التأمين ؛ لانعدام سبب الالتزام ، وبهذا جاء القانون المدني العراقي حيث نصت المادة ( 132 ) منه على ما يأتي : يكون العقد باطلا إذا التزم المتعاقد دون سبب أو لسبب ممنوع قانونا أو مخالف للنظام العام والآداب.
ب- عناصر عقد التأمين أو أركانه:(1)
يرى بعض علماء القانون: أن عقود التأمين يجب أن تشتمل على أربعة عناصر إذا تخلف أحدها اعتبر التأمين باطلا بطلانا أصليا ، تلك العناصر هي : الخطر والقسط ومبلغ التأمين والمصلحة التأمينية.
أ- أما الخطر فإن الغاية من التأمين هي ابتغاء مصلحة اقتصادية تقي خطرا معينا يخشى وقوعه كأخطار الحريق والسرقة والإصابات وغيرها. وبعض الكتاب يرى أن التأمين لا يكون دائما ضد الأخطار والكوارث فقد
يكون الحادث المؤمن منه حادثا سعيدا ؛ كإنجاب الأولاد وتزويجهم والتأمين على الحياة وغير ذلك؛ ولهذا يميل بعضهم إلى القول بأن الغاية من التأمين توقي ضائقة اقتصادية بابتغاء مصلحة اقتصادية تقيها.
ويجب أن يكون الخطر المؤمن ضده معينا تعيينا دقيقا يتضح به نوعه وحده ؛ ليعرف به المؤمن حدود التزامه ، ويعرف المؤمن له الحال التي يستطيع فيها الرجوع على المؤمن عند حدوث الخطر لطلب التعويض .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): معالم الاقتصاد الإسلامي الشيخ/ ناصر بن محمد الأحمد الجزء الاول ص39
ويشترط لعنصر الخطر في التأمين الشروط التالية:
1 - أن يكون وقوع الخطر احتماليا ، وبهذا جاءت المادة ( 782 ) من القانون المدني المصري بما نصه : يقع عقد التأمين باطلا إذا تبين أن الخطر المؤمن عنه كان قد زال ، أو كان قد تحقق في الوقت الذي تم فيه العقد .
2 - أن لا يكون وقوعه إراديا محضا ؛ لما في ذلك من انتفاء ركن احتمال وقوع الخطر ؛ لأن وقوعه بالإرادة المحضة متعلق بإرادة أحد طرفي العقد .
3 - أن لا يكون الخطر مخالفا للنظام العام أو الآداب ، وبهذا جاءت المادة ( 749 ) من القانون المدني المصري حيث نصت على أن يكون محلا للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة ، فلا يجوز التأمين على الأخطار المترتبة على أعمال التهريب ، أو الاتجار في المخدرات ، أو على الأماكن التي تدار للدعارة أو المقامرة إلى غير ذلك من أنواع المصالح غير المشروعة التي تخل بالنظام العام والآداب.
ب- وأما القسط في عقد التأمين فهو المقابل الذي يستحصله المؤمن من المؤمن له ؛ ليتحمل مسئولية الخطر المؤمن منه ، ولقسط التأمين أهمية كبرى في قدرة هيئات التأمين على مواجهة التزاماتها ، ولكل خطر قسطه المحدد له ، ويخضع تحديد القسط لعدة قواعد فنية أهمها : قاعدة نسبة القسط إلى الخطر ، وقاعدة حجم المخاطر المتشابهة على محل التأمين وللإحصاءات الدولية المنتظمة التي تقوم بها هيئات التأمين في أنحاء العالم على أنواع المخاطر ، وفي الغالب تختلف فئات تحديد القسط بالنسبة للخطر الواحد تبعا لاختلاف الظروف والملابسات والمكان الذي يقع فيه محل  التأمين .
ولمبلغ التأمين أثر في تحديد القسط ، فكلما كان المبلغ كثيرا كان القسط أكثر ، وكلما كان قليلا كان القسط أنقص .
ج- أما مبلغ التأمين فهو المال الذي يتعهد المؤمن بدفعه إلى المؤمن له عند حدوث الخطر المؤمن عنه ، ويكون مبلغ التأمين الواجب دفعه من المؤمن نقودا سواء دفعها إلى المؤمن له مباشرة أو دفعها لغيره في مقابلة إصلاح محل التأمين كالسيارة المصدومة أو استبدال غيره به كالبضائع التالفة ، وللمؤمن له حق طلب قيمة الإصلاح أو التالف ؛ ليقوم بنفسه بإصلاح ما أمن عليه أو استبدل غيره به أو الاحتفاظ بالقيمة دون إصلاح أو استبدال بشرط براءة ذمة المؤمن من عهدة ذلك .
د- أما المصلحة التأمينية فتعتبر أساسا لمشروعية التأمين وعنصرا مهما في عقده ، وقد نصت مجموعة من القوانين العربية والغربية على اعتبار عقد التأمين باطلا إذا لم يكن للمؤمن له مصلحة في التأمين ، وقد حددها بعضهم بقوله : هي علاقة مشروعة تربط طالب التأمين بمحل العقد من شأنها أن تجعله يتضرر فعلا من وقوع الحادث المؤمن منه وينتفع من عدم مصلحة تأمينية بالمال الذي تحت يده بخلاف علاقة زيد من الناس بملك عمرو ، فليس له فيه مصلحة تأمينية تعطيه حق التأمين عليه .
ويشترط لاعتبار المصلحة التأمينية أن تكون مالية فلا عبرة بالمصلحة الأدبية ، كتأمين الصديق على حياة صديقه ، أو تأمين الأخ على أموال أخيه ، وأن تكون مشروعة ، فلا صحة لتأمين السارق على ما سرق ، والغاصب على ما غصب ، وكالتأمين على بيوت الدعارة ، ومخاطر التهريب ، والاتجار في المخدرات ، ويذكر علماء القانون أن اعتبار المصلحة التأمينية عنصرا أساسيا لعقد التأمين ومدى مشروعيته يعطي عقد التأمين صفة تخرجه من عقود المقامرة والرهان . وإلى هذا تشير المادة الرابعة من قانون التأمين البحري الإنجليزي إلى أن أي عقد للتأمين البحري لا يكون فيه طالب التأمين في موقف يجعله يتضرر بتضرر المال المراد تأمينه وينتفع بسلامته يعتبر عقدا للمقامرة والرهان .
وكذا نص قانون التأمين على الحياة الإنجليزي على ما يأتي :
يقع باطلا كل تأمين يجري من قبل شخص أو أشخاص على حياة أي شخص أو أشخاص إذا كان الشخص أو الأشخاص الذين نظمت وثيقة التأمين لمصلحتهم لا يملكون مصلحة تأمينية في إجراء التأمين المذكور.

المسألة الثانية: خصائص عقد التأمين (1)
لعقد التأمين مجموعة خصائص :
صدور الإيجاب والقبول من طرفيه سواء كان ذلك شفاها أو كتابة ، ويرى بعضهم أن العقد لا يكون ساري المفعول حتى يكون مسجلا ، وبعضهم يرى : أن عقد التأمين يبدأ نفاذه من استلام أول قسط من المؤمن له .
الثانية : أنه عقد احتمالي ؛ لأن خسارة أو ربح كل من طرفي العقد غير معروفة وقت العقد ، إذ إن ذلك متوقف على تحقق أو تخلف الخطر المؤمن عنه فعند تحققه أو تخلفه يتعين الرابح منهما والخاسر ، وهذا خاص في العلاقة الحقوقية القائمة بين طرفي العقد ، أما المؤمن فحيث إنه يتعامل مع مجموعة كبيرة من طالبي التأمين فخسارته مع أحدهم تتحملها أرباحه مع الآخرين، ولهذا الجانب اتجه بعض الكتاب إلى أن عقد التأمين يعتبر احتماليا بالنسبة إلى المؤمن له إذ هو الطرف الوحيد الذي يتجه إليه احتمال الربح أو الخسارة ، أما المؤمن فإن خسارته محمولة بأرباحه مع الآخرين فلا وجه لاحتمال خسارته ، وهناك من الكتاب من يرى أن الطرف الذي يعتبر العقد احتماليا بالنسبة له هو المؤمن إذ هو الوحيد الذي يتحمل الخسارة ويحصل على الربح ، أما المؤمن له فهو خاسر على كل حال ؛ لأنه إن انتفى الخطر المؤمن عليه خسر قسط التأمين.
المسألة الثالثة:  وظائف التأمين
يكثر الباحثون من القول بأن للتأمين وظيفة أساسية تتلخص في الوقاية ويقولون بأنها تتلخص وظائف التأمين هي:                                                                                                                    أولا: يعتبر أحد عوامل الإنماء الصناعي؛ لما يقدمه من ضمان لأصحاب رؤوس الأموال عما تتعرض له أموالهم من مخاطر عندما يقومون بتوظيفها في مشاريع صناعية(2).                                                               ثانيا: يعتبر أحد عوامل اتساع نطاق التجارة، حيث إن تأمين التاجر على بضائعه المستوردة يمنحه الثقة والضمان لمخاطر نقلها برا وبحرا وجوا، وبالتالي يعطيه القدرة على توسيع دائرة تجارته فتزداد بذلك الحركة التجارية تصديرا   وتوريدا.                                                                                                            ثالثا: كما يعتبر أحد العوامل ذات الأهمية في نشوء البيوت المالية التي لها خدماتها في الميدان الاقتصادي بما تقدمه من قبول الودائع وفتح الاعتمادات وتمويل المشاريع المختلفة، وما إلى ذلك من أعمالها المصرفية، فبتأمينها على أعمالها التجارية تستطيع أن تضاعف من نشاطها، وأن توسع دائرة أعمالها وبالتالي تزداد مراكزها المالية قوة وثباتا. رابعا: يعتبر أحد العوامل الواقية للمجتمع من عوامل التصدع والانهيار، حيث إن التأمين بتدخله لرفع الخطر عن كاهل صاحب أي مشروع.                                                                                                   خامسا: يساعد على تكوين رؤوس الأموال، وذلك حينما تتجمع نسبة كبيرة في أيدي شركات التأمين تضطر نتيجة لتكدسها لديها إلى توظيفها في مشاريع تجارية وصناعية وعمرانية، وفي توظيفها في ذلك إتاحة فرصة لتشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة، كما أن في ذلك زيادة للنقد المتداول في البلاد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
                                                                                       (1)  أبحاث هيئة كبار العلماء المؤلف : هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية -الجزء الرابع ص33الى  ص63
(2) التأمين وأحكامه،دزسليمان بن إبراهيم بن ثنيان /90-95



سادسا: كما يعتبر أحد عوامل الادخار: ذلك أن المؤمن على حياته مثلا يدفع مقابل تأمينه أقساطا ضئيلة تكون مدخرا للمؤمن له لدى صندوق المؤمن؛ حيث تدفع له بعد فترة من الزمن يتم الاتفاق عليها في عقد التأمين، فإن توفي المؤمن له قبل ذلك كان لورثته حق الحصول على مبلغ التأمين.
سابعا: يعتبر أيضا عاملا من العوامل المحققة للضمان الاجتماعي؛ ذلك أن التأمين الاجتماعي يهيئ للفرد ضمانات كثيرة ومتعددة يواجه بها أخطارا قد تصيبه في بيته أو في عمله أو أثناء سفره، وفي ذلك ضمان للفرد من أن يقع عبئا ثقيلا على الدولة، وضمان للمجتمع من أن يتعثر أفراده فتنشل الحركة العامة له ويصاب بالتدهور والانهيار.وإلى جانب آخر هذه الوظائف التي تنتج من التأمين يرى كثير من الكتاب أن التأمين لا يخلو من أضرار أهمها: استخفاف المؤمن لهم بالحفاظ على أموالهم وأشخاصهم من التعرض للمصائب، بل قد يتجاوزون ذلك إلى افتعال الحوادث فيؤدي الأمر إلى كثرة الحوادث وتفاقمها، وفي ذلك ضرر بالغ على الأفراد بحكم الاستخفاف بحقوقهم، كاستخفاف السائقين المؤمن لهم على أنفسهم وعلى سياراتهم بقوانين السير وأنظمته، وما ينتج عن ذلك من تعريض أفراد المجتمع للأضرار دهسا وصدما.كما أن في ذلك ضررا بالغا على المجتمع في تحمل أكبر نسبة ممكنة من التعويض عن الحوادث المفتعلة أو التي لم تبذل الأسباب لتفاديها.ويجيب على هذا الإيراد الأستاذ بهاء بهيج شكري : في كتابه -النظرية العامة للتأمين-: بأن هذا التخوف والأضرار مبالغ فيه، وعلى فرض وقوعه فينبغي أن لا يكون محل اعتبار بجانب الفوائد العظيمة التي يجنيها المجتمع من التأمين فضلا عن أن القواعد العامة التي تحكم التأمين قد عالجت هذا الجانب حيث أوجبت على المؤمن له أن يبذل جهده في الأخذ بالأسباب التي تدرأ المصائب، وأن يحرص على المحافظة على أمواله بالدرجة التي يحرص فيها لو كانت غير مؤمن عليها. فإذا ثبت للمؤمن تساهل في الاحتياط على دفع الأضرار كان له حق الدفع بذلك قضائيا؛ ليحكم له بعدم دفعه التعويض المتفق على دفعه.







ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أبحاث هيئة كبار العلماءالمؤلف : هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الجزء الرابع ص45








 المبحث الرابع: حكم التأمين:(1)
المسلة الاولى: حكم التأمين التجاري
لا يكاد الباحث يجد ذكراً للتأمين في عبارات المتقدمين إذ لم يعرف التأمين على هذا النحو في العالم الإسلامي إلا في القرن الثالث عشر الهجري، وأول من تكلم فيه من الفقهاء هو ابن عابدين صاحب الحاشية حيث فرق بين عقد التأمين الذي جرى في بلاد الإسلام وبين عقد التأمين البحري الذي جرى في بلاد الحرب، فالأول عقد معاوضة فاسد لا يلزم به الضمان لأنه التزام ما لا يلزم والثاني عقد لا حكم له.
ولقد تصدت المحافل العلمية المعاصرة لبحث التأمين حيث انتهت إلى حرمة عقود التأمين التجارية لما يكتنفها من الغرر(2)
الفاحش والقمار والربا بنوعيه فضلاً ونسيئة وأخذ مال الغير بالباطل والإلزام بما لا يلزم شرعاً، وجواز كل من التأمين التعاوني والتأمين الاجتماعي لقيامها على التبرع، ويغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات، ثم برز إلى الوجود شركات تأمين إسلامية تقوم على فكرة المعاونة والتبرع بدلاً من فكرة المعاوضة التي تقوم عليها شركات التأمين التجارية.
ونسوق في هذا المقام نص قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي حول موضوع التأمين (3).
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد:
فإن مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في ذلك، وبعد ما أطلع على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/97هـ بقراره رقم (55) من التحريم للتأمين التجاري بأنواعه.
وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك للأدلة الآتية:
* الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر.
* الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى:﴿ يا أيهاالذين آمنووا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ﴾ [المائدة: 90].
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)المرجع : خلاصة في حكم التأمين للشيخ الدكتور سليمان بن إبراهيم الثنيان عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالقصيم . (www.islam-qa.co)
(2)- فتاوى الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي، نقلاً عن فتاوى التأمينمسائل حديثة في فقه المعاملات جمعها وأعدها: فهد بن محمد الحميزي الجزء الاول ص14
(3) انظر: نص هذا القرار في مجلة المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، الجزء الثاني صحيفة 731.


* الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نساء، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
الرابع: عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصر للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل)) (1). وليس التأمين من ذلك فكان محرما.
* الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي .
* السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً.
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي:
أ- الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة، وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين، والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.
ب- الإباحة الأصلية لا تصلح دليلاً هنا لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة ، والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد فبطل الاستدلال بها.
شرعاً تلجئ إلى ما حرمته الشريعة من التأمين.
ج- لا يصح الاستدلال بالعرف فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام وإنما يبني عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظ النصوص ومن عبارات الناس في أيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاجون إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال، فلا تأثير له فيما تبين أمره وتعين المقصود منه، وقد دلت دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها.
د- الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة أو في معناها غير صحيح:
فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة حسبما يقضي به نظام التأمين.
وإن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم إلا قسطاً واحداً، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته.
... وإن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسباً مئوية مثلاً بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين أو مبلغ غير محدود.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أبو داود (2574)، والترمذي (2464)، والنسائي (6/ 226)، أحمد (2/ 474)، ورجاله ثقات. إسناده صحيح.



هـ- قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة بخلاف عقد ولاء الموالاة فالقصد الأول فيه التآخي في الإسلام والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال، وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع.
و- قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به لا يصح لأنه قياس مع الفارق، ومن الفروق أن الوعد بقرض أو إعارة أو تحمل خسارة مثلاً من باب المعروف المحض فكان الوفاء به واجباً أو من مكارم الأخلاق، بخلاف عقود التأمين فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر.
ز- قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب قياس غير صحيح لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومن الفروق أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض، بخلاف التأمين فإنه عقد معاوضة تجارية يقصد منها أولاً الكسب المادي، فإن ترتب عليه معروف فهو تابع غير مقصود إليه، والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع ما دام تابعاً غير مقصود إليه.
ح- قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق لا يصح فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله.
ط- قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح فإنه قياس مع الفارق أيضاً، لأن ما يعطي عند التقاعد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسئولاً عن رعيته، وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف، ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم، فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة، لأن ما يعطى في حالة التقاعد يعتبر حقاً التزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها، وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة مكافأة لمعروفه وتعاوناً معه - جزاء تعاونه ببدنه وفكره وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة.
ي- قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة لا يصح فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل خطأ أو شبه العمد من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ولو دون مقابل، وعقود التأمين تجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة لا تمت إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة.
ك- قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة غير صحيح لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومن الفروق أن الأمان ليس محلاً للعقد في المسألتين، إنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس، أما الأمان فغاية ونتيجة وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس.
ل- قياس التأمين على الإيداع لا يصح لأنه قياس مع الفارق أيضاً، فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه، بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن ويعود إلى المستأمن بمنفعة إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة ، وشرط العوض عن الضمان لا يصح بل هو مفسد للعقد، وإن جعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جعل فيها مبلغ التأمين أو زمنه فاختلف عن عقد الإيداع بأجر.
م- قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحاكة لا يصح، والفرق بينهما أن المقيس عليه من التأمين التعاوني وهو تعاون محض، والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية فلا يصح القياس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الكتاب : معالم الاقتصاد الإسلامي،المؤلف : الشيخ/ ناصر بن محمد الأحمد الجزء الاول ص39،

مخالفة الأستاذ الدكتور مصطفى الزرقاء(1):
إخواني الأساتذة الفضلاء أعضاء المجمع الفقهي.... إني أخالف ما ذهبتم إليه من اعتبار التأمين الذي أسميتموه تجاريًّا بمختلف أنواعه وصوره حرامًا، وميزتم بينه وبين ما أسميتموه تعاونيًّا، وأرى أن التأمين من حيث إنه طريق تعاوني منظم لترميم الأضرار التي تقع على رؤوس أصحابها من المخاطر التي يتعرضون لها، هو في ذاته جائز شرعًا بجميع صوره الثلاث وهي: التأمين على الأشياء، والتأمين من المسئولية المسمى (تأمين ضد الغير)، والتأمين المسمى- خطأً- بالتأمين على الحياة. وإن أدلتي الشرعية من الكتاب العزيز والسنة النبوية، وقواعد الشريعة ومقاصدها العامة، والشواهد الفقهية، بالقياس السليم عليها، ودفع توهم أنه يدخل في نطاق القمار أو الرهان المحرَّمَين، ودفع شبهة أنه ربا، كل ذلك موضح تمام الإيضاح في كتابي المنشور بعنوان (عقد التأمين، وموقف الشريعة الإسلامية منه) وأنتم مطلعون عليه، مع بيان حاجة الناس في العالم كله إليه. وقد بينت لكم في هذه الجلسة أيضًا، أن التمييز بين تأمين تعاوني وتجاري لا سند له، فكل التأمين قائم على فكرة التعاون على تفتيت الأضرار وترميمها، ونقلها عن رأس المصاب، وتوزيعها على أكبر عدد ممكن، بين عدد قليل من الأشخاص الذين تجمعهم حرفة صغيرة، أو سوق، ويتعرضون لنوع من لأخطار فيساهمون في تكوين صندوق مشترك، حتى إذا أصاب أحدهم الخطر والضرر، عوَّضوه عنه من الصندوق الذي هو أيضًا مساهم فيه، هذا النوع الذي يسمى في الاصطلاح تبادليًّا وسميتموه (تعاونيًّا) لا تحتاج إدارته إلى متفرغين لها، ولا إلى نفقات إدارة وتنظيم وحساب... إلخ.
 فإذا كثرت الرغبات في التأمين، وأصبح يدخل فيه الألوف، عشراتها أو مئاتها أو آلافها من الراغبين، وأصبح يتناول عددًا كبيرًا من أنواع الأخطار المختلفة، فإنه عندئذ يحتاج إلى إدارة متفرغة، وتنظيم ونفقات كبيرة، من أجور محلات وموظفين ووسائل آلية وغير آلية ...إلخ.
 وعندئذ لابد لمن يتفرغون لإدارته وتنظيمه من أن يعيشوا على حساب هذه الإدارة الواسعة، كما يعيش أي تاجر أو صانع أو محترف أو موظف على حساب عمله. وعندئذ لابد من أن يوجد فرق بين الأقساط التي تجبى من المستأمنين، وبين ما يؤدى من نفقات وتعويضات للمصابين عن أضرارهم، لتربح الإدارة المتفرغة هذا الفرق، وتعيش منه، كما يعيش التاجر من فرق السعر بين ما يشتري ويبيع. ولتحقيق هذا الربح يبنى التأمين الذي أسميتموه تجاريًّا على حساب إحصاء دقيق، لتحديد القسط الذي يجب أن يدفعه المستأمن في أنواع من الأخطار، هذا هو الفرق الحقيقي بين النوعين.
أما المعنى التعاوني فلا فرق فيه بينهما أصلاً من حيث الموضوع.
 كما إني أحب أن أضيف إلى ذلك: أن هذه الدورة الأولى لهذا المجمع الفقهي الميمون، الذي لم يجتمع فيها إلا نصف أعضائه فقط، والباقون تخلفوا أو اعتذروا عن الحضور لظروفهم الخاصة، لا ينبغي أن يتخذ فيها قرار بهذه السرعة، بتحريم موضوع كالتأمين من أكبر الموضوعات المهمة اليوم خطورة وشأنًا، لارتباط مصالح جميع الناس به في جميع أنحاء المعمورة، والدول كلها تفرضه إلزاميًّا في حالات، كالتأمين على السيارات ضد الغير، صيانة لدماء المصابين في حوادث السيارات من أفئدة تذهب هدرًا إذا كان قائد السيارة أو مالكها مفلسًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكتاب : قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة،الدورة الأولى (1398 هـ) - الدورة التاسعة عشرة (1428هـ )من القرار رقم (1) إلى القرار رقم (112)،جمع وترتيب : الباحث جميل أبو سارة،الجزء الاول ص5





فإذا أريد اتخاذ قرار خطير كهذا، وفي موضوع اختلفت فيه آراء علماء العصر اختلافًا كبيرًا في حله أو حرمته، يجب في نظري أن يكون في دورة يجتمع فيها أعضاء المجمع كلهم أو إلا قليلاً منهم، وعلى أن يكتب لغير أعضاء المجمع من علماء العالم الإسلامي، الذين لهم وزنهم العلمي، ثم يبت في مثل هذا الموضوع الخطير في ضوء أجوبتهم، على أساس الميل إلى التيسير على الناس عند اختلاف آراء العلماء، لا إلى التعسير عليهم(1).
 ولا بد لي ختامًا من القول بأنه إذا كانت شركات التأمين تفرض في عقودها مع المستأمنين شروطًا لا يقرها الشرع، أو تفرض أسعارًا للأقساط في أنواع الأخطار غالية بغية الربح الفاحش، فهذا يجب أن تتدخل فيه السلطات المسئولة لفرض رقابة وتسعير لمنع الاستغلال، كما توجب المذاهب الفقهية وجوب التسعير والضرب على أيدي المحتكرين لحاجات الناس الضرورية، وليس علاجه تحريم التأمين، لذلك أرجو تسجيل مخالفتي هذه مع مزيد الاحترام لآرائكم(2).
الترجيح:
يترجح للباحث حرمة التأمين التجاري، لقوة أدلة المحرمين ووضوحها مع ضعف أدلة المجيزين, وقد سبقت الإجابة عنها(3).
تطبيق القاعدة على هذه المسألة:
هذه المسألة من تطبيقات القاعدة على القول المرجوح القاضي بجواز التأمين التجاري, خاصةً مع اعتبار ما يدفع المستأمن لشركة التأمين أنه في مقابلة الأمان والاطمئنان الذي يحصل عليه بهذا العقد, فيكون ما فيه من الغرر يسيراً مغتفراً, والله أعلم.
أما على القول الراجح القاضي بتحريم التأمين التجاري فليست هذه المسألة من تطبيقات القاعدة؛ لأن الغرر الذي يشتمل عليه التأمين التجاري ليس يسيراً, بل هو فاحش, فلا يغتفر(4)  .
وأما الغرر الذي يشتمل عليه التأمين التعاوني فهو مغتفر لا لكونه يسيراً, ولكن لكون هذا النوع من التأمين من عقود التبرعات التي يعفى عن الغرر فيها, وفق قاعدة الغرر(5).






ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ينظر: المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي, الدكتور محمد عثمان شبير, ص (126).
(2) ينظر: فتاوى اللجنة, (15/284), وفقه النوازل, الجيزاني, (3/272).
(3) ينظر: الغرر في العقود وآثاره في التطبيقات المعاصرة, الدكتور الضرير, ص (581-612).
(4)  الكتاب : التطبيقات الفقهية لقاعدة اليسير مغتفر في البيوع ،بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير بقسم الفقه المقارن ،إعداد الطالب : هاكيا بن محمد كانوريتش ،الإشراف العلمي : فضيلة الشيخ الدكتور / يوسف بن عبد الله الشبيلي الجزء8 ص36
(5) الكتاب : قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة،الدورة الأولى (1398 هـ) - الدورة التاسعة عشرة (1428هـ )من القرار رقم (1) إلى القرار رقم (112)،جمع وترتيب : الباحث جميل أبو سارة،الجزء الاول ص5



المسألة الثانية:حكم التأمين التعاوني
من أجل استجلاء الحكم الشرعي للتأمين التعاوني يحسن الإشارة إلى مسائل ثلاث :
أولاً : مبدأ التعاون .
ثانياً: الغرر .
ثالثاً: القصد التجاري .
أولاً: مبدأ التعاون:
التأمين باعتباره فكرةً ونظاماً يقوم على التعاون والتضامن ، وذلك يجعله محققاً لمقاصد الشريعة متفقاً مع غاياتها وأهدافها ، غير أن الشريعة إذ جعلت التعاون غاية مطلوبة فقد بينت الطرق التي يتحقق بها هذا التعاون والتضامن ، ولم تترك ذلك لهوى الناس ، ومن ثم يخطئ من يستدل بمشروعية الغاية والهدف على جواز الوصول إلى هذه الغاية أو تحقيق ذلك الهدف بأي طريق ، فالشريعة الإسلامية عندما بينت الغايات والمقاصد حددت الوسائل المشروعة لهذه الغايات والمقاصد (1).
وعلى هذا فإن التأمين بفكرته ونظامه هو تعاون منظم تنظيماً دقيقاً بين عدد كبير من الناس معرضين جميعاً لخطر واحد حتى إذا تحقق الخطر في حق بعضهم تعاون الجميع على مواجهته بتضحية قليلة يبذلها كل منهم يتلافون بها أضراراً جسيمة تحيق بمن نزل الخطر به لولا هذا التعاون . فهو تضامن يؤدي إلى تفتيت أجزاء المخاطر والمصائب وتوزيعها على مجموع المستأمنين عن طريق التعويض الذي يدفع للمصاب من المال المجموع من حصيلة أقساطهم ، بدلاً من أن يبقى الضرر على عاتق المصاب وحده(2).
ولا شك أن هذا القدر غير مختلف في حكمه ، ولكن يخطئ بعض الباحثين حين يقولون إن التأمين الذي يقوم عليه التأمين التجاري ليس إلا انضماماً إلى اتفاق تعاوني نظم تنظيماً دقيقاً بين عدد كبير من الناس يتعرضون جميعاً للخطر ، وأن ما يدفع إلى شركة التأمين من أقساط ما هي عليه إلا وصية وراعية ، وأن المعاوضة في عقد التأمين واقعة بين القسط المدفوع والأمان المبذول بمقتضى العقد ، وأن المستأمن يحصل على العوض بمجرد عقد التأمين دون توقف على وقوع الخطر .
هذه كلها افتراضات غير واقعة ، وليس لها سند من الأنظمة التي تنظم العلاقة بين الشركة وطالب التأمين(3).
فشركات التأمين في وضعها الحالي لا تعمل إلا لحساب نفسها ، ومصالحُها تتعارض مع مصالح المستأمن ، فهي تسعى للحصول على أكبر ربح ، وتحدد قدر الأقساط على النحو الذي يمكنها من ذلك . وتحاول التخلص من تعهداتها بأسباب وعلل تغص بها قاعات المحاكم(4).
إن الصيغة العملية التي شرعها الإسلام للتعاون والتضامن وبذل التضحيات في باب المعاملات هي عقود التبرعات ، حيث لا يقصد المتعاون ربحاً من تعاونه ، ولا يتطلع إلى عوض مالي مقابلاً لما بذل ، ومن ثم جازت هذه العقود مع الجهالة والغرر ، ولم يدخلها القمار والمراهنة والربا، ذلك أن محل التبرع إذا فات على من أحسن إليه به بسبب هذه الأمور لم يلحقه بفواته ضرر ، لأنه لم يبذل في مقابل هذا الإحسان عوضاً ، بخلاف عقود المعاوضات ، فإن محل المعاوضة إذا فات على من بذل فيه العوض لحقه الضرر بضياع المال المبذول في مقابلته(5) .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حكم الشريعة في عقود التأمين /د. حسين حامد حسان ، ص 416. بحوث مختارة من المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي.
(2) المرجع السابق ص 418-419.
(3) حكم الشريعة في عقود التأمين / د. حسين حامد حسان ص417.
(4) المرجع السابق ،ص 444.
(5)) حكم الشريعة في عقود التأمين د. حسين حامد ص 518.
وبين يدينا حديث جليل فيه من فقه الباب ما لا ينقضي منه العجب يتجسد فيه صورة التعاون والمواساة والتكافل الذي ترمي إليه الشريعة .
جاء في الصحيحين خبر الأشعريين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد،ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم "(1).
ومن لطائف هذا الحديث الشريف وفوائده مما نحن بصدده:
o       التضامن عند الحاجة في الغزو أو في الإقامة.
o       ما يأتي به الواحد يختلف مقداراً عما يأتي به الآخر.
o       يخلطون ما يجمعون خلطاً يزيل التمييز .
o       كل فرد يأخذ من المجموع ( مالاً أو طعاماً ) ما يكفيه.
o   ما يفضل من طعامهم لا يتفاضل فيه واحد عن غيره، ذلك أن المال قد خلط خلطاً يزيل صورة الملكية الأصلية ومقدارها(2).
صورة التعاون في التأمين
يقوم الراغبون في التأمين من أجل تحقيق هدف معين وهو اتقاء المخاطر المتوقعة عليهم بقبولهم تحمل ما قد يقع من هذه المخاطر موزعاً بينهم لإذابة عبء الخطر عليهم ، وتفتيت آثاره ، إذ يدفع كل واحد مبلغاً من المال يتفق مع نسبة الخطر الذي يخشى وقوعه إلى صندوق هيئة التأمين أو شركة التأمين ، فيتكون منه رصيد تغطى منه الأضرار التي تقع على الأفراد المشتركين فيه، ومن ذلك يتبين أن التأمين يستند إلى الأسس التالية:
1- قيام تعاون بين هؤلاء الأفراد المهددين بالخطر تحت إشراف شركة التأمين
2- المقاصة بين المخاطر إذ تتولى شركة التأمين تنظيم توزيع الأخطار بين المشتركين بطرق حسابية إحصائية منضبطة(3)
3- التأمين لا يمنع الأخطار ، ولا يسعى في تأمين وسائل دفعها ، ولكنه يدفع تعويضاً مالياً عند حدوثها ، كما يعني بتصميم وسائل الدفع وطرق حسابها(4) .
ثانياً: الغرر :
من المسائل المؤثرة في الحكم بين التأمينَين التجاري والتعاوني مسألة الغرر ، وهذا بيان موجز لها .
الغرر هو : الخطر والمخاطرة التي لا يدرى أتكون أم لا تكون كبيع السمك في الماء ، والطير في الهواء ن وبيع المجهول ، وما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول ، وبيع ما لا يملك ، فالغرر هو المجهول العاقبة(5) والذي لا يدري أيحصل أو لا يحصل (6). وهو يكون في المبيع وفي ثمنه.
والغرر يغتفر فيما بابه البر والإحسان ، ويؤثر فيما بابه المعاوضات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – البخاري مع فتح الباري 5/153 ح 2486، صحيح مسلم 4/1994 ح 2500 .
(2) –التأمين على الحياة بين التأمين التجاري والتأمين الإسلامي / محمد المختار السلامي ص 15 بحث مقدم إلى حلقة الحوار.
(3) – بحث اللجنة (مجلة البحوث) العدد 19 ص 29-30.
(4) – التأمين في الاقتصاد الإسلامي د. محمد نجاة الله صديقي ص 15-16.
(5) – بحث اللجنة / مجلة البحوث/ العدد 20 ص 94.
(6) – بحث اللجنة ( مجلة البحوث ) العدد 19 ص 71-72 باختصار.
- والغرر في المعاوضات المالية ثلاثة أقسام:
1-غرر كثير : وهذا يؤثر في عقود المعاوضات فيفسدها إجماعاً كبيع الطير في الهواء
2-غرر يسير : وهذا لا تأثير له إجماعاً كالقطن المحشوة به الجبة ، وأساس الدار.
3-غرر متردد بين الكثير واليسير :وهذا محل خلاف واجتهاد ، فمن ألحقه بالكثير أعطاه حكمه ، ومن ألحقه باليسير أعطاه حكمه.والغرر في التأمين ليس باليسير جزماً ، بل هو متردد بين الكثير والمتوسط ، وهو إلى الكثير أقرب(1).
وبه يتبين أن عقد التأمين من عقود المعاوضات التي يؤثر فيها الغرر
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول : والغرر ثلاثة أنواع:
إما المعدوم كحبل الحبلة .
وإما المعجوز عن تسليمه كالعبد الآبق.
وإما المجهول المطلق ، أو المعين المجهول جنسه أو قدره(2).
الفرق بين الغرر والجهالة:
الغرر هو الذي لا يدري أيحصل أو لا يحصل .
أما الجهالة فتكون فيما علم حصوله وجهل صفته.
فالغرر والجهالة بينهما عموم وخصوص مطلق فيوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه .فوجود الغرر بدون الجهالة كشراء العبد الآبق المعلوم قبل الإباق ، فلا جهالة فيه لكن فيه غرر .
والجهالة بدون غرر كشراء مادة يراها ولا يدري حقيقتها أزجاج أو ياقوت ، فالحصول متحقق ولكن معرفة الحقيقة مجهولة ، واجتماع الغرر مع الجهالة كالعبد الآبق مجهول الصفة.
والغرر والجهالة يقعان في تسعة أشياء: في الوجود والحصول ، ولجنس والنوع ، والمقدار ، والتعيين والبقاء ، والأجل ، والصفة(3).
قاعدة من كلام شيخ الإسلام:
"إذا كانت مفسدة بيع الغرر هي كونه مظنة العداوة والبغضاء ، وأكل أموال الناس بالباطل فمعلوم أن هذه المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدمت عليها ، كما أن السباق بالخيل والسهام والإبل لما كان فيه مصلحة شرعية جاز بالعوض،وإن لم يجز غيره بعوض .
ومعلوم أن الضرر على الناس بتحريم هذه المعاملات أشد عليهم مما قد يتخوف فيها من تباغض أو أكل مال بالباطل لأن الغرر فهيا يسير والحاجة إليها ماسة والحاجة الشديدة فيدفع بها يسير الغرر ، والشريعة مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضها حاجة راجحة أبيح المحرم ..."الخ كلامه ...مع حذف يسير(4) ، وبالنظر بين التأمينين التعاوني والتجاري ، يظهر أنه ليس هناك حاجة إلى الأخذ بهذه القاعدة في الغرر المعلوم في التأمين التجاري ، لأن السلامة منه متحققة في التأمين التعاوني ، فالتأمين التعاوني معاملة أساسها التعاون والتبرع ، فهي خالية من معنى المعاوضة، وإذا عدم معنى المعاوضة ،فقد انتفى عنها مفسدة الجهالة والغرر والغبن وشبهة الربا(5).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – بحث اللجنة (مجلة البحوث ) العدد 19 ص 77-78.
(2) – بحث اللجنة ( مجلة البحوث ) العدد 20ص 96.
(3) – بحث اللجنة ( مجلة البحوث ) العدد19ص72-73.
(4) – بحث اللجنة ( مجلة البحوث) العدد 20ص 114. 
(5) – الإسلام والتأمين د. محمد شوقي الفنجري ص 64.

ثالثاً:القصد التجاري
أ:القصد التجاري في عقد التأمين:
تحرير هذه المسألة هو من الحدود الفاصلة بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني :
 فالأصل في نشأة عقد التأمين التجاري أن قصد التجارة فيه ظاهر وبخاصة من قبل شركات التأمين ، والقصد في حق المؤمَّن له هو التعويض عن الخطر ، أو تقليل آثاره ، أو تقليل أضراره.
ولمزيد من الإيضاح يقال : إن التأمين بالنسبة للمؤمِّنين عملية تجارية محضة يهدف أصحابها إلى الربح ، أما في حق المؤمَّن لهم فقد يكون تصرفهم تجارياً كالتأمين على المستودعات التجارية والبضائع المنقولة ونحو ذلك ، وقد يكون مدنياً كالتأمين على الحياة أو حوادث الحريق والسرقة .
والأصل ألا يربح المؤمَّن له من التأمين ولكنه يحفظ بالتأمين ماله على نفسه (1).
ولمزيد من التكييف الفقهي لمسألة القصد ، يحسن بيان أثر النية في الأحكام واختلاف الحكم في الشيء ذي الصورة الواحدة باختلاف النية فيه مع اتحاد الصورة، فإخراج المال يختلف فيه الحكم حسب نية المخرج ما بين هبة ،أو صدقة تطوع ، أو زكاة ، والصورة واحدة ، والذبح يكون بقصد القربة لله ، ويكون للضيافة ، كما أنه قد يكون شركاً وكفراً إذا كان ذبحاً لغير الله والصورة واحدة ، ودخول المسجد يكون للعبادة وللراحة ، والغسل يكون لواجب ، أو سنة ، أو بقصد التبرد ... وهكذا (2).
\ومنه يتبين أن الصورة بين التأمين التجاري والتعاوني قد تتحد ويفرق بينهما في قصد الربح والتجارة من عدمه.
ب-القصد التجاري في التأمين التعاوني:
الذي يذهب إليه كثير من الباحثين المعاصرين من رجالات القانون والاقتصاد القول بأن التأمين التعاوني ليس تأميناً تجارياً بل هو إجراء تعاوني لا يهدف إلى الربح بل يهدف إلى تبديد الأخطار وتوزيعها بين أكبر عدد ممكن .
وذهب بعضهم إلى اعتباره تجارياً لأنه يؤدي إلى تجنب الخسارة (3).
والذي يقال هنا أن تحقيق ربح في التأمين التعاوني لا يؤثر في حكمه ما دام انه لم يكن مقصوداً في الأصل ، بل جاء تبعاً ، أو جاء أثراً للحفاظ على الأموال المجموعة ، ذلك أن الغرض الأصلي هو التعاون على درء آثار المخطر ، وتأمين مبالغ كافية لتغطية ما يحتمل وقوعه من أخطار ، ولم يكن الربح مقصوداً بالقصد الأول . وحصول الربح تبعاً من غير أن يكون مقصوداً بالقصد الأول لا يؤثر في الحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)) – بحث اللجنة ( مجلة البحوث) العدد 19ص 39.
(2) -مقاصد المكلفين د. عمر الأشقر ص 69-70 ،مكتبة الفلاح ، وانظر الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 24 تحقيق / محمد مطيع الحافظ
(3) – بحث اللجنة ( مجلة البحوث) العدد 19ص 39.







المبحث الخامس: في توصيف التأمين الإسلامي وتكييفه الفقهي وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: توصيف التأمين الإسلامي. (1)
1-أساسه عقد التبرع الشرعي وهو تبرع يلزم بالقول على رأي الإمام مالك رحمه الله.وعلى هذا يكون العضو ملتزماً بدفع القسط بمجرد توقيعه على العقد ، وبالتالي يكون الأعضاء متبرعين بالأقساط التي يدفعونها ، وبعوائد استثمار هذه الأقساط ، في حدود المبالغ اللازمة لدفع التعويضات عن الأضرار التي تصيب أحدهم . كما يتضمن التوقيعُ على وثيقة التأمين قبولَ العضو للتبرع من مجموع أموال التأمين أي الأقساط وعوائدها الاستثمارية وفقاً لأحكام وثيقة التأمين والنظام الأساسي للشركة حسب أحكام الشريعة الإسلامية ، والعضو لا يتبرع بالأقساط وعوائدها جملة ، بل يتبرع منها بما يكفي لدفع التعويضات.
2- يقوم على مبدأ التعاون من أجل تلافي آثار الأخطار التي تحددها عقود التأمين . فيعوض المشترك عن الأضرار الناجمة عن هذه الأخطار .
3- أموال التأمين ملك لهيئة المشتركين ، وليس لشركة التأمين ، وهم يدفعون منها ما يكفي لدفع التعويض عن الأضرار.
4- شركات التأمين التعاوني شركات خدمات ، أي أنها تدير عمليات التأمين وتستثمر أمواله نيابة عن هيئة المشتركين ، وعلاقة الشركة بهيئة المشتركين علاقة معاوضة ، فهي الأمينة على أموال التأمين ، وتقوم بالإدارة نيابة عن هيئة المشتركين ، والعوض الذي تأخذه الشركة مبلغ مقطوع ، أو نسبة من الأقساط التي تجمعها ، أو التعويضات التي تدفعها باعتبارها وكيلاً ، أو في نسبة معلومة من عائد الاستثمار باعتبارها مضارباً ، أو هما معاً.
5- طرفا العقد هما: المشترك وشركة التأمين ، فالمشترك هو المستأمن أو المؤمِّن له من جهة ، وشركة التأمين باعتبارها ممثلة لهيئة المشتركين وهي هيئة اعتبارية أو حكمية لازمة لترتيب أحكام عقد التأمين.
6- هيئة المشتركين : وهي تمثل المشتركين ، وهي هيئة اعتبارية يدفع أعضاؤها الأموال الطائلة للشركة التي تدير عمليات التأمين وتستثمر أموالهم نيابة عنهم.
ووجود هذه الهيئة الحكمية مهم من الناحية الشرعية حتى ولو لم يكن لها وجود في الخارج ولم تفرغ في الصيغ القانونية .


ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) –أشرنا في تعليق سابق ص (8) إلى أنه لا تعارض بين التبرع واللزوم ، فالتبرع يفيد بذلك المال من غير انتظار عوض ، أما اللزوم فيتعلق التزام المتبرع بالدفع أو الوفاء بما تبرع به فجهة اللزوم غير جهة التبرع فهما جهتان منفكتان.








ويمكن التمثيل لذلك بعقد المضاربة فإنه يمثل شركة مضاربة بين ربّ المال والمضارب ، فتترتب أحكام المضاربة باعتبارها شخصية معنوية لها ذمة مالية مستقلة عن ذمة المضارب وربّ المال ، حتى جاز لهما البيع والشراء مع المضاربة وكانت مسئوليتهما محددة برأس المال لا تتعداها إلى أموالهما ، وهناك مصروفات تتحملها المضاربة وأخرى يتحملها المضارب ، وشركة المضاربة قد لا تُوجد قانوناً في الخارج ،ومع ذلك يقال بمشروعية عقد المضاربة ، والأحكام المترتبة عليها تفترض وجود مثل هذه الشخصية المعنوية ، ومثل ذلك بيت المال والوقف(1).
وبمنظور آخر فإنه يجب أن يكون في شركات التأمين هيئتان : هيئة المشتركين ، أي حملة وثائق التأمين باعتبارهم متبرعين من أموال التأمين المملوكة لهذه الهيئة لا تشاركها فيها شركة التأمين.
وهيئة المديرين أو المضاربين وهو مساهمو شركة التأمين التي تدير عملية التأمين وتستثمر أمواله نيابة عن هيئة المشتركين في مقابل أجرة الوكالة أو حصة المضاربة، أو هما معاً بأن تأخذ أجراً على إدارة عمليات التأمين باعتبارها وكيلاً ، وحصة من عوائد استثمار أموال التأمين باعتبارها مضارباً (2).
7 – العلاقة بين المشترك وشركة التأمين الإسلامية:
تتمثل هذه العلاقة في عقد إدارة مع ((هيئة المشتركين )) شركة التأمين الإسلامية، ويترتب على هذه العلاقة قيام شركة التأمين بإبرام عقود التأمين، وجمع الأقساط ودفع التعويضات نيابة عن هيئة المشتركين، وهي تستثمر أموال التأمين لحسابهم وعلى مسؤوليتهم باعتبارها مملوكة لهم في مقابل حصة من عوائد استثمارها، فالعقد إذن عقد إدارة ومضاربة بين شركة التأمين والهيئة الاعتبارية.
والعقد الذي تبرمه شركة التأمين مع المشترك عقد تبرع، يقوم فيه المشترك بالتبرع، يجسد ذلك قبوله لنظام الشركة، وحينئذ يكون عضواً في هيئة المشتركين، وبتوقيع العقد من قبله تكون شركة التأمين قبلت عضويته وتبرعه باعتبارها نائبة عن هيئة المشتركين التي تملك الأقساط.
8- محل عقد التأمين شيئان :
أ- القسط: وهو التبرع الذي يدفعه المشترك مرة واحدة أو على أقساط ليستفاد منه في الغرض الذي قامت له الشركة وهو دفع الأخطار المحددة حسب نظام الشركة، وهذا القسط يحدده عقد التأمين الذي يوقعه العضو مع شركة التأمين.
والقسط يتناسب مع نوع الحظر المؤمن منه ومبلغ التأمين، والعضو لا يتبرع بكامل القسط وعوائد استثماره، بل بما يكفي لدفع التعويضات المطلوبة من الشركة خلال المدة، والباقي باق على ملك المشترك، ويمكن توزيعه على أفراد جماعة المشتركين على شكل فوائض تأمين، وذلك بعد خصم بعض الاحتياطات لصالح أفراد المشتركين في المستقبل ويجوز في بعض أنواع التأمين أن ينص في وثيقة التأمين على أن المشترك يعفى من القسط في حالات وظروف خاصة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)                  التأمين على حوادث في الشريعة الإسلامية د/ حسين حامد حسان ص 7.
(2)                  التأمين على حوادث السيارات في الشريعة الإسلامية د/ حسين حامد حسان ص 3-6 باختصار .





 وتعفى ورثته بعد موته من دفع القسط، ولا يؤثر ذلك في استحقاق مبلغ التعويض في حالة وقوع الخطر كالحريق أو العجز ونحوهما، أو تحقق المسؤولية مثلاً، لأن مبنى التعاون الإسلامي على التعاون القائم على التبرع، وللمتبرع أن يضع من الشروط ما يراه مناسباً لتبرعه إذا كانت هذه الشروط مشروعة وهذه الشروط يتضمنها النظام الأساسي لشركة التأمين الإسلامية.
ويعتبر العضو قابلا لذلك بتوقيعه على العقد ويجب أن يطبق ذلك على جميع المشتركين بعدالة ومن غير تميز ولا محاباة.
ب- التعويض : وهو التعويض عن الأضرار الفعلية التي تصيبهم حين تتحقق الأخطار المؤمن عليها. وهو يستحق هذا التعويض مع أنه متبرع ، لأنه شرطه في تبرعه ، والشروط في التبرعات جائزة ، فمن تبرع بمال لطائفة موصوفة بصفة معينة كالفقر أو العلم أو المرض ، فإنه يستحق الأخذ مما تبرع به إذا كان من أهل هذه الصفة(1) .
9- توزيع الفائض التأميني على المشتركين: وهو يتمثل في المبلغ المتبقي بعد دفع التعويضات والالتزامات مضافاً إليه عوائد الاستثمار الشرعي فيوزع على المشتركين بنسب اشتراك كل منهم.
10-المشاركة في الخسارة: ذلك لأن مبنى التأمين الإسلامي على التعاون والتكافل، فهو تضامن في السراء والضراء، فإذا كان رأس المال، والاحتياطات، وجملة الأقساط لا تكفي للوفاء بحجم الخسارة فيوزع القدر الزائد من الخسارة على المشتركين كل على حسب نسبة ما دفع، ولكن بالممارسة العملية لشركات التأمين الإسلامية يكاد يكون هذا نظرياً، إذ أن فكرة إعادة التكافل خير سند في تحمل الخسارة.
11- فصل أموال حملة الأسهم عن أموال حملة العقود (الوثائق):
تلتزم شركة التأمين الإسلامي بهذا الفصل، وتستثمر المالين بصورة منفصلة، وتضيف لكل وعاء عائد استثماراته، وإذا تحمل حملة الوثائق مصروفات الاستثمار تضاف لهم نسبة معينة من عوائد استثمار رأس المال، والعكس بالعكس، وذلك كله بطريق المضاربة(2)
 وفي سبيل تحقيق ذلك والاطمئنان فيه يجب على شركة التأمين الإسلامية أن تمسك حسابين منفصلين:
 أحدهما: لأموال التأمين وهي الأقساط وعوائدها لحملة الوثائق.
ثانيهما: لأموال الشركة أي حقوق المساهمين وعوائدها، وما تستحقه الشركة من حصة في الأرباح مقابل استثمار أموال حملة الوثائق أو أجر مقابل الوكالة(3).




ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)      التأمين على حوادث السيارات في الشريعة الإسلامية د/ حسين حامد حسان 11- 12
(2) بحث : الإطار الشامل لنماذج التكافل المختلفة المتعامل بها وخطوات التطبيق د/ أحمد علي عبد الله ، السيد / حامد حسن ص 3-5 مقدم لمعهد البحوث ، بك التنمية الإسلامي.
(3) التأمين على حوادث السيارات في الشريعة الإسلامية د/ حسين حامد ص 17

(2)       


والسبب في هذا الفصل وجود ذمتين ماليتين مستقلتين :
الأولى ذمة جماعة حملة الوثائق الذي يملكون أموال التأمين على الشيوع.
 الثانية : ذمة جماعة حملة الوثائق الذي يملكون رأس مال الشركة وغيره من حقوق المساهمين ويستثمرونها لحسابهم في وعاء خاص بهم أو مشترك مع أموال التأمين
وهذا العقد الأخير ليس محل اتفاق بين الفقهاء المعاصرين الذين قالوا بجواز التأمين التعاوني الإسلامي، فقد جاء في كل من قراري هيئة كبار العلماء في المملكة والمجمع الفقهي في الرابطة بأنه إذا حصل العجز فتقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة، وبخاصة أنه قد يكون من المشتركين حديثو الانضمام إلى الشركة والعجز قد حدث قبل انضمامهم(1).
ولكن إذا ضمن ذلك في نصوص العقد المبرم بين الشركة والمستأمن فلعل في ذلك ما يرفع الأشكال.
المسألة الثانية : التكييف الفقهي للتأمين الإسلامي :
 ينتظم التأمين الإسلامي خمسة عقود تتداخل فيما بينها لتحقيق العملية التأمينية:
 العقد الأول:عقد تأميني جماعي: ويتمثل بالاتفاق التعاوني التكافلي الذي يجمع المؤمن لهم، وتنشأ به علاقة حكمية بين المستأمنين تقوم على أساس التعاون والالتزام، وتبادل التضحية، وتقاسم آثار الأخطار.
العقد الثاني :عقد هبة : وهو عقد التبرع الذي يقوم به المستأمن ليدفع لمستحقه التعويض من المتضررين وفي ذات الوقت هو متبرع له بما يأخذ من تعويض عند حلول الضرر به.
 العقد الثالث: عقد الوكالة: وهو عقد بين شركة التأمين ( وكيل ) وبين المستأمنين ( موكلين ) وبموجبه تقوم الشركة بإدارة العمليات التأمينية نيابة عن المستأمنين .
العقد الرابع:عقد المضاربة: حيث تقوم الشركة ( المضارب ) باستثمار المتوفر من أقساط التأمين من المستأمنين ( رب المال ) ومن ثم تقسم الأرباح بينهم حسب الاتفاق بما يتوافق مع أحكام الشريعة
.العقد الخامس: عقد الكفالة: ويكون ذلك حين يكون إجمالي أموال المستأمنين لا تكفي لدفع حصتهم من التعويضات للمتضررين فتقوم الشركة بدور الكفيل عن المستأمنين فتتكفل بتحمل الالتزامات المالية المستحقة للمتضررين من أموال الشركة قرضاً حسناً لتستردها من أموال المستأمنين بعد ذلك (2).
تعليق : ليس من المتعين في أي عقد جديد أن يبحث له عن مشابه من عقد أو عقود سابقة من العقود المسماة ، بل يكفي في العقد الجديد أن يكون خالياً من الموانع الشرعية من الغرر والجهالة والربا ، أما أن يكون من المتحتم مشابهته أو مطابقته مع عقد أو عقود من العقود المعروفة ، فلا يبدو هذا لازماً لا شرعاً ولا فقهاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - المشكلات القانونية التي تواجهها شركات التأمين مع عملائها، سراج الهادي قريب الله ورقة بحث مقدمة إلى حلقة حوار حول عقود التأمين الإسلامي ( معهد البحوث ) بنك التنمية الإسلامي بجدة.
(2)- المشكلات التطبيقية والعملية غير القانونية التي تواجهها شركات التأمين ، أحمد محمد صباغ ص 12 مقدمة لحلقة حوار حول عقود التأمين الإسلامي ( معهد البحوث ) بنك التنمية الإسلامي بجدة.






المبحث السادس : في خصائص نوعي التأمين والفروق بينهما : وفيه ثلاثة مسائل :
 المسألة الأولى : خصائص التأمين التجاري :
هذا إيراد لبعض الخصائص التي تبين فيها طبيعة التأمين التجاري ويتميز بها مما يساعد على تجلية الحكم الشرعي في التأمين التعاوني.
 1-التأمين عقد إلزامي ليس من باب الإعانات ولا التبرعات
 2-يغلب على عمليات التأمين القصد التجاري، وإن وجد فيه التعاون فالغالب أنه جاء بطريق التبع لا بطريق القصد الأول.
 3-ليس لشركة التأمين ( المؤمن ) مجهود في اتفاق المخاطر، بل مجهودها محصور في استقصاء المعلمومات عن احتمال وقوع الخطر بملاحظات المؤثرات والظروف ودراسة الأحوال المحيطة لا لأجل دفع الخطر ولكن لتقدير احتمالات وقوعه لتحيد قيمة التعويض لتجنب نفسها الخسارة.
4-التأمين في حق الشركة ( المؤمّن ) التزام احتمالي أي معلق قيامه على وقوع الخطر المؤمن عنه. وأما بالنسبة للمؤمن له فالتزامه بدفع الأقساط التزام منجز ليس للاحتمال فيه مجال.
5-من عقود الإذعان : لإذعان المؤمن له لقبول شروط المؤمن .
6-عقد معاوضة لالتزام المؤمن بمبلغ التأمين مقابل الأقساط التي يدفعا المؤمن له(1).
7-المؤمنون قد يعانون ضد المستفيدين ليؤلفوا جماعات احتكارية ، فيرفعون رسوم التأمين أضعافأً مضاعفة ، مما يؤكد القول بأن غاية التأمين التجاري هو الكسب وليس التعاون لرفع الأخطار(2)، بل يفرضون شروطاً تعسفية استغلالاً لحاجة الناس إلى التأمين ، فضلاً عن مطالبتهم باقساط تأمين مبالغ فيها جرياً وراء الكسب الفاحش.
8-في التجاري : ليس للمؤمن له حق في استرجاع الأقساط التي دفعها أو شيئاً منها.
9-ليس له حق في الأرباح التي تحققها الشركة ( المؤمّن ).
10-ليس للشركة ( المؤمن ) حق في اقتطاع جزء من مبلغ التعويض عند وقوع الخطر على محل التأمين عند استكمال
قيام التزامه بدفع كامل مبلغ التأمين(3).




ــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) بحث اللجنة ( مجلة البحوث ) العدد 19 ص 48 – 49
(2) نظام التأمين وموقف الشريعة منه ، فيصل مولوي ص 16
(3)الإسلام والتأمين ، محمد شوق الفنجري ص 39






المسألة الثانية: خصائص التأمين التعاوني:
 1- اجتماع صفتي المؤمن المؤمن له لكل عضو في التأمين : من أظهر خصائص التأمين التعاوني وجود تبادل في المنافع والتضحيات فيما بين أعضاء التأمين. فتدفع التعويضات لمن يصيبه الخطر منهم من حصيلة الاشتراكات المدفوعة من الأعضاء ، فمجموعة الاشتراكات تكون الرصيد في الحساب المشترك.
2- تضامن الأعضاء : أعضاء هذا التأمين متضامنون في تغطية المخاطر التي تصيب أحدهم أو بعضهم.
 3- تغير قيمة الاشتراك : وهذه إحدى خصائص هذا التأمين ، نظراً لأن كل واحد منهم مؤمن ومؤمن عليه ، من أجل هذا كان الاشتراك المطلوب من كل واحد عرضة للزيادة أو النقص تبعاً لما يتحقق من المخاطر سنوياً، وما يترتب على مواجهتها من تعويضات فإذا انقضت التعويضات كان للأعضاء حق استرداد الزيادة ، وإذا حصل العكس أمكن مطالبة الأعضاء باشتراكات إضافية.
وهذا يبين بوضوح أن الربح ليس من مقصود النوع من التأمين ، ومع هذا فإن إدارة هذه الشركات تحرص على حسن الإدارة والتوجه إلى عدم مطالبة أعضائها بمزيد من الاشتراكات ، كما تحرص على إنشاء احتياطي لمواجهة الطوارئ عن طريق استثمار رؤوس الأموال المجتمعة لديها . وقد تقوم بإدارة المال بنفسها ، أو تسنده إلى جهة متخصصة تديره بمقابل(1).
ولا يؤثر على التعاوني في غايته وحكمه أن يتبع الأساليب الفنية الحديثة التي تتبعها شركات التأمين التجاري ، بما في ذلك الأقساط الثابتة المحسوبة ، والعقود الفردية ، ما دام أن المعاملات والنشاطات التي يتعاطاها لا تخالف الشرع، وما دام أنه لم يقصد إلى الربح أو الاتجار بالتأمين ، ولا الاستغلال والشروط التعسفية ، بحيث تبقى غايته وهدفه تعاونياً إنسانياً بحتاً (2).
ولا مانع أن يحقق التأمين التعاوني أرباحاً من خلال استثمار الأرصدة المجتمعة لديه استثماراً مشروعاً ، والممنوع هو أن تكون الغاية المعاوضة والاسترباح لا مجرد تحقيق الأرباح(3).
وتجدر الإشارة إلى أن التأمين التعاوني تطور من حيث التعاقد فقد كان في أول نشأته تعاقداً جماعياً بين جميع المؤمّنين ثم أصبح عقوداً فردية تعقدها هيئة التأمين مع كل مؤمن باعتبارها ممثلة لجميع المؤمّنين(4).
 وهذه التطورات لا تؤثر في غايته وحكمه.
ولقد بلغ في تطوره ونجاحه أن أصبح ينافس التأمين التجاري حتى قال الأستاذ مصطفى الزرقا وهو من أنصار التأمين التجاري ومن القائلين بحله ورافعي لواء التدليل على ذلك والمدافعين عنه يقول:
 والتأمين التبادلي قد أقض مضاجع شركات التأمين وأزعجها، لأنه نافسها لمقاومة استغلالها منافسة قوية وفنية صالحة لأن تحل محل شركات التأمين التجارية في النطاق الواسع الذي تعمل فيه ولكن على أساس تعاوني وتبادلي محض يقدم للمستأمنين حماية رخيصة بسعر الكلفة(5).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - التأمين في الشريعة الإسلامية والقانون / غريب الجمال ص 171 – 174 باختصار وتصرف.
(2) - الإسلام والتأمين / د. محمد شوقي الفنجري ص 41
(3) -الإسلام والتأمين / د. محمد شوقي الفنجري ص74.
(4) -الإسلام والتأمين / د. محمد شوقي الفنجري ص 43-44.
(5) - نظام التأمين موقعه في الميدان الاقتصادي بوجه عام وموقف الشريعة الإسلامية منه د. مصطفى الزرقا ص 394 / بحوث مختارة من المؤتمر العالمي الأول للإقتصاد الإسلامي



المسألة الثالثة : الفروق بين التأمين التعاوني والتجاري :
1-في التأمين التعاوني المؤمّنون هم المستأمنون وأقساطهم لا تستغل لشركة التأمين إلا بما يعود عليهم جميعًا بالفائدة ، أما في التأمين التجاري فالمستأمن عنصر خارجي عن شركة التأمين وتقوم شركة التأمين التجاري ، باستغلال أموال المستأمنين بما يعود بالنفع عليها وحدها.
2-هدف التأمين التعاوني تحقيق التعاون بين أعضائها المستأمنين ، فليس الهدف الأهم للشركة هو الربح ، ولكنها تقصد إلى تغطية التعويضات والمصاريف الإدارية.
أما التأمين التجاري فهدفه تحقيق الأرباح على حساب المستأمنين.
 3-المؤمن في التأمين التعاوني شريك له نصيب من الأرباح الناتجة من الاستثمار. والمؤمن في التأمين التجاري ليس شريكا وتنفرد الشركة بالأرباح(1).
4-المال ملك للجميع في التأمين التعاوني وهو ملك للشركة في التجاري(2).
5-التعاون الحقيقي أن تكون الجماعة كلها تنتفع من الثمرات ، وكلها يسهم فيه، وتكون المكاسب والخسائر متكافئة ، وتكون في مجموعها ذمة واحدة(3).
6-التأمين التعاوني يمنع الاحتكار،إذ المؤمن هم جموع المستأمنين،أما التأمين التجاري فهو يؤدي إلى الاحتكار،إذ المؤمن شركات خاصة تسيطر عليها فئة قليلة تتحكم في مدخرات الناس وأموالهم ووسائل الإنتاج.
7- في شركة التأمين التعاوني تكون العلاقة بين حملة الوثائق وشركة التأمين على الأسس التالية:
أ- يقوم المساهمون في الشركة بإدارة عمليات التأمين، من إعداد الوثائق وجمع الأقساط، ودفع التعويضات وغيرها من الأعمال الفنية، في مقابل أجرة معلومة وذلك بصفتهم القائمين بإدارة التأمين وينص على هذه الأجرة بحيث يعتبر المشترك قابلاً لها .
ب- يقوم المساهمون باستثمار( رأس المال) المقدم منهم للحصول على الترخيص بإنشاء الشركة، وكذلك لها أن تستثمر أموال التأمين المقدمة من حملة الوثائق، على أن تستحق الشركة حصة من عائد استثمار أموال التأمين بصفتهم المضارب.
ج- تمسك الشركة حسابين منفصلين، أحدهما لاستثمار رأس المال، والآخر لحسابات أموال التأمين ويكون الفائض التأميني حقاً خالصاً للمشتركين ( حملة الوثائق)
د- يتحمل المساهمون ما يتحمله المضارب من المصروفات المتعلقة باستثمار الأموال نظير حصته من ربح المضاربة، كما يتحملون جميع مصاريف إدارة التأمين نظير عمولة الإدارة المستحقة لهم
ه- يقتطع الاحتياطي القانوني من عوائد استثمار أموال المساهمين ويكون من حقوقهم وكذلك كل ما يتوجب اقتطاعه مما يتعلق برأس المال..
بينما العلاقة بين حملة الوثائق وشركة التأمين، في التامين التجاري، أن ما يدفعه حملة الوثائق من أموال تكون ملكاً للشركة ويخلط مع رأس مالها مقابل التأمين. فليس هناك حسابان منفصلان كما في التأمين التعاوني.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) -نشرة عن ( شركة التأمين الإسلامية – إنجازات وآمال) إعداد / إدارة البحوث والتسويق والإعلام ص 10 – 11
(2)- نظام التأمين وموقف الشريعة منه / فيصل مولوي ص 136.
(3) -التأمين في الشريعة الإسلامية والقانون ، غريب الجمال ص 73 نقلأ عن أبي زهرة.



8-  شركات التأمين التعاوني لا تستثمر أموالها في النواحي التي يحرمها الشرع. وعلى النقيض من ذلك فشركة التأمين التجاري لا تأبه بالحلال والحرام(1).

9- في التأمين التعاوني لابد أن ينص في العقد على أن ما يدفعه المستأمن ما هو إلا تبرع وأنه يدفع القسط للشركة لإعانة من يحتاج إليه من المشتركين. أما في التأمين التجاري لا ترد نية التبرع أصلاً، وبالتالي لا يذكر في العقد(2).

10- أن التعويض في التأمين التعاوني يصرف من مجموع الأقساط المتاحة.فإذا لم تكن الأقساط كافية في الوفاء بالتعويضات طلب من الأعضاء زيادة اشتراكاتهم لتعويض الفرق. وإذا لم يمكن زيادة الاشتراكات للوفاء بالتعويض لم يقع التعويض ، إذ ليس هناك التزام تعاقدي بالتعويض. أما التأمين التجاري فهناك التزام بالتعويض مقابل أقساط التأمين. ويترتب على هذا الالتزام تحمل الشركة لمخاطرة الأصل المؤمن عليه دون سائر المستأمنين. ولذا كان الهدف من العقد هو المعاوضة، ولكن هذه المعاوضة لا تسمح بربح الطرفين، بل إن ربحت الشركة خسر المستأمن وإن ربح المستأمن خسرت الشركة. فهي معاوضة تتضمن ربح أحد الطرفين مقابل خسارة الآخر ولابد وهذا أكل المال بالباطل(3) .
\














ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكتاب : مسائل حديثة في فقه المعاملات ،جمعها وأعدها: فهد بن محمد الحميزي الجزء الاول ص1
(2) الإسلام والتأمين د. محمد شوقي الفنجري ص 85.
(3) بحث الالتزامات التعاقدية في عقود وشركات التأمين د / محمد الزحيلي ص 38 ، مقدم إلى حلقة الحوار.





الـخـاتـمـة:
وفي خاتمة هذا البحث الموجز أشير إلى بعض التوصيات  والملاحظات التي ينبغي رعايتها ليأخذ التأمين التعاوني موقعه.
أولا :  ينبغي أن يتقرر أن التأمين التعاوني لا يمكن أن ينتشر أو يحقق أهدافه – كغيره من المشروعات والنظم – إلا مع توافر كثير من الوعي العلمي والاقتصادي والكفاية الفنية في علم الرياضيات والإحصاء ، كما يحتاج إلى إحسان في جمع مدخرات المستأمنين واستثمارها فهو صناعة تتطلب أجهزة متخصصة فنية ومالية وإدارية
 ثانياً : التأمين التعاوني الخالي من المخالفات الشرعية تأمين إسلامي بديل عن التأمين التجاري،لأنه يقوم عل التبرع، ولا يضر فيه حصول المستأمن عند حدوث الخطر على تعويض عما لحقه من ضرر.
ثالثاً :يجب النص في وثيقة التأمين على صيغة التبرع.
رابعاً : لا بد من جهة حكومية تشرف على شركات التأمين وأنظمتها ، وتراقب علاقتها بالمستأمنين ، حتى لا يؤدي إهمال ذلك إلى انفلات سوق التأمين والتلاعب بأموال الناس ، وبخاصة الراغبين الصغار ، فيدخل السوق شركات صغيرة ، ومكاتب وسطاء مما يتسبب في ضياع ثروات الأمة.
خامساً :  يذكر كثير من المتخصصين والباحثين أن شركات التأمين الإسلامية على تفاوت بينها تغفل في أنظمتها وأسسها أموراً لا بد من ذكرها من أجل صحة الشركة ، ومن أجل حفظ حقوق الناس من ذلك على سبيل المثال :
1)      عدم النص على التبرع وهو أمر لا بد من النص عليه من أجل صحة عقد التأمين التعاوني.
2)   إجازات بعض العقود ردّ جزء من الاشتراك ( القسط ) إذا طلب المشترك فسخ العقد ، في حين لم تجز بعض العقود استرداد جزء من القسط إلا إذا كان الفسخ من جانب الشركة.
3)   عدم إعلام حملة الوثائق بالمبلغ أوالنسبة التي تستقطع من الأقساط لمقابلة المصاريف الإدارية للشركة عند بدء التعاقد.
4)   لم ينص في العقود على كيفية التعامل مع أرباح استثمار الاشتراكات وكيفية معالجة العجز في صناديق التأمين إذا زادت تكاليف المخاطر عن موارد الصندوق مما قد يخل بصحة العقود.
5)      أن تكون التزامات المؤمن والمستأمن مفصلة، وواضحة بعيداً عن الغموض الذي قد يؤدي إلى التنازع.
6)      تنمية روح التعاون والمواساة والتكافل.
7)      يلاحظ الفصل بين حقوق حملة الوثائق وحقوق الماساهمين ، فينفرد كل نوع بحساب مستقل.
8)   يكون لكل شركة تأمين هيئة رقابة شرعية ، وتكون قراراتها ملزمة ، ويكون لها سلطة رقابية مطلقة ، فتطلع على كل ما ترى الاطلاع عليه من دفاتير وسجلات وحسابات وعقود ومعاملات وتعاملات.
9)   ضرورة المتابعة في تطوير الأنظمة والقوانين ذات العلاقة بعمل شركات التأمين الإسلامية بما يساعد على حسن الأداء لرسالتها ، والتمشي مع المستجدات من المعاملات ومتطلبات السوق والمجتمع ، وحماية جميع الأطراف ذوي العلاقة ويمكنها من المنافسة.
10)  عقد ندوات  ومؤتمرات عن التأمين بين العلماء وتكثيف مشاركة العلماء والفقهاء لضبط الالتزامات التعاقدية.
11) قيام العلماء وأهل الاختصاص ومراكز البحوث وخبراء التأمين الإسلامي بتقديم مزيد من البحوث والدراسات لتطوير مشروعات وثائق التأمين التعاوني الإسلامي وتنويعها ومراجعة شروطها بما يحقق التطبيق الأمثل والصحيح لصيغ التأمين التعاوني من خلال حلقات عمل متخصصة وتقديم بحوث ودراسات متعمقة.
فـهـرس الـمـراجـع

(1)   بحث المشكلات العملية التي تواجهها شركات التأمين الإسلامية / أحمد محمد صباغ . مقدم لحلقة (حوار حول عقود التأمين الإسلامي) معهد البحوث البنك الإسلامي بجدة.
(2)   التأمين في الاقتصاد الإسلامي / د. محمد نجاة الله صديقي ،دارالعواصم المتحدة ،الطبعه الاولى.
(3)     الإسلام والتأمين /د. محمد شوقي الفنجري ،دار الفكر العربي،الطبعة الأولى .
(4)    حكم الشريعة في عقود التأمين /د. حسين حامد حسان ، بحوث مختارة من المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي/ معهد البحوث / البنك الإسلامي بجدة .
(5)    البخاري مع فتح الباري 5/153 ح 2486، صحيح مسلم 4/1994 ح 2500 .
(6)   التأمين على الحياة بين التأمين التجاري والتأمين الإسلامي / محمد المختار السلامي بحث مقدم إلى حلقة الحوار.   بحث اللجنة (مجلة البحوث) العدد 19 .20
(7)      مقاصد المكلفين د. عمر الأشقر الطبعة الأولى ،،مكتبة الفلاح.
(8)      الأشباه والنظائر لابن نجيم تحقيق / محمد مطيع الحافظ.دار الكتب العلمية،الطبعة الأولى.
(9)      الإطار الشامل لنماذج التكافل المختلفة المتعامل بها وخطوات التطبيق د/ أحمد علي عبد الله ، السيد / حامد حسن مقدم لمعهد البحوث ، بنك التنمية الإسلامي.
(10)  المشكلات القانونية التي تواجهها شركات التأمين مع عملائها، سراج الهادي قريب الله ورقة بحث مقدمة إلى حلقة حوار حول عقود التأمين الإسلامي ( معهد البحوث ) بنك التنمية الإسلامي بجدة.
(11)  نظام التأمين وموقف الشريعة منه ، فيصل مولوي،دار الفكر،الطبعة الأولى.
(12)  التأمين في الشريعة الإسلامية والقانون / غريب الجمَال ، باختصار وتصرفدار الإعتصام ،القاهرة.
(13)  نظام التأمين موقعه في الميدان الاقتصادي بوجه عام وموقف الشريعة الإسلامية منه د. مصطفى الزرقا / بحوث مختارة من المؤتمر العالمي الأول للإقتصاد الإسلامي .
(14) نشرة عن ( شركة التأمين الإسلامية – إنجازات وآمال) إعداد / إدارة البحوث والتسويق والإعلام .
(15) التأمين في الشريعة الإسلامية والقانون ، غريب الجمال ، دار الشروق ،جدة.
(16)  بحث الالتزامات التعاقدية في عقود وشركات التأمين د / محمد الزحيلي ، مقدم إلى حلقة الحوار.
(17) من توجيهات حلقة ( عقود التأمين الإسلامية ) نظمها المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب ، بنك التنمية الإسلامي ( 28 – 30 شوال 1422 هـ ) جدة .
(18) لسان العرب, (13/21)إبن منظور ،دارلسان العرب ،بيروت, ومختار الصحاح, ,
(19)  والمعجم الوسيط ،إخراج إبراهيم مصطفى ورفاقه ،المكتبة الإسلامية ، تركيا,
(20) الغرر في العقود وآثاره في التطبيقات المعاصرة, الدكتور الضرير
(21) المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي, الدكتور محمد عثمان شبيردار النفائس،الأردن،الطبعة الأولى,
(22) فقه النوازل, محمد بن حسين الجيزاني
(23) نظام التأمين_حقيقتة والرأي الشرعي فيه،الأستاذمصطفى الزرقا ،مؤسسة الرسالة ،الطبعة الأولى.
(24) المدخل الفقهي العام ،الأستاذ مصطفى الزرقا،دار الفكر.


فـهـرس الـمحـتويـات
المـوضـوع
رقم الصفحة

الـمقـدمـة
1

خـطة الـبحـث
2
المبحث الأول مفهوم التأمين ونشأته
3
المسألة الأولى :مفهوم التأمين في اللغة والإصطلاح
3
النشأة التاريخية للتأمين
4
المبحث الثاني : اقسام التأمين
5
          المسألة الأولى :اقسام التأمين من حيث الموضوع
5
المسألة الثانية : اقسام التأمين من حيث العموم والخصوص
6
المبحث الثالث :والمسألة الأولى:أركان التأمين
8
المسألة الثانية : خصائص عقد التأمين
10
المسألة الثالثة : وظائف التأمين
10
المبحث الرابع :حكم التأمين
11
المسألة الأولى : حكم التأمين التجاري
11
المسالة الثانية :حكم التأمين التعاوني
17
المبحث الخامس : توصيف التأمين الإسلامي وتكييفه الفقهي
20
المبحث السادس : خصائص نوعي التأمين والفرق بينهما
24
المسألة الأولى : خصائص التأمين التجاري
25
المسألة الثانية : خصائص التأمين التعاوني
26
المسألة الثالثة : الفرق بين التأمين التعاوني والتجاري
27
الـخـاتمـــة
29
فـهـرس الـمراجــع
30
فـهـرس الـمـحـتويــات
31




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة