دراسة آراء المراجعين حول المسئولية القانونية للمراجع الخارجي تجاه الطرف الثالث


إعــــــــــــداد:
سالمة محمود الزوي 
مقدمة :
يتكون النشاط الاقتصادي لأي دولة من الأنشطة التي تزاولها الوحدات الحكومية الإنتاجية والخدمية ومجموعة الوحدات الاقتصادية التابعة للقطاع الخاص، وحرصاً من الدولة على المحافظة على رأس المال القومي وتنميته ، فقد أخضعت هذه الوحدات عند مزاولتها لأنشطتها الخدمية والإنتاجية لمجموعة من القوانين واللوائح والنظم المنظمة لهذا النشاط ، والتي تهدف إلى المحافظة عليه وتنميته لتحقيق المزيد من الدخل القومي لإسعاد المجتمع وزيادة رفاهيته ([1]).
غير أن إدارة المنشأة أو الوحدة الاقتصادية قد تقوم بمخالفة هذه القوانين والنظم سواء بقصد أو عن غير قصد ، مما يترتب عليه حدوث بعض الآثار الضارة للمجتمع أو الأطراف الأخرى المتعاملة مع المنشأة أو الوحدة وفي ظل هذا الوضع فإن إخلال مراجع الحسابات بواجباته قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالفئات المختلفة المستخدمة للبيانات المالية ، مما يعرض المراجع إلى المقاضاة ومطالبته بالتعويض عن تلك الأضرار التي لحقت بهم .
وحيث إن المراجع الخارجي هو الرقيب على أعمال الإدارة والراعي لحقوق المساهمين وغيرهم من ذوي المصالح بالمنشأة ، فقد تعرض المراجعون لضغوط متزايدة من قبل عدة أطراف لتحمل المسئولية عن اكتشاف التجاوزات والانتهاكات التي تقع لتلك القوانين واللوائح ، وكذلك تحمل مسئولية الإفصاح والتقرير عن آثارها المباشرة وغير المباشرة على القوائم المالية ([2]).
وتواجه هذه المطالبات اعتراضات من جانب المراجعين الخارجيين انطلاقاً من أن خبرتهم تتصل أساساً بمجال المحاسبة والمراجعة ، وأنهم لم يؤهلوا أو يتدربوا على المسائل القانونية بما يمكنهم من التعرف على المخالفات التي يرتكبها العملاء للقوانين واللوائح واجبة التطبيق ، كما أن تكليفهم بهذا الدور على إطلاقه وتحميلهم مسئولية اكتشاف التصرفات غير القانونية لجميع جوانب النشاط والعمليات التي تقوم بها المنشأة العملية تمثل عبئاً شاقاً لا يمكن احتماله خاصة في ظل تجدد القوانين وتعقيداتها وكثرة التعديلات التي تجرى عليها ([3]).
غير أن البعض ([4]) يرى أن الدور التقليدي المتعارف عليه لمراجع الحسابات والمتمثل في إبداء الرأي الفني المحايد حول مدى عدالة القوائم المالية وتمثيلها للمركز المالي ونتائج الأعمال أصبح غير كافي بالرغم من أهميته واستحالة الاستغناء عنه لبث الاطمئنان للأطراف المعنية ، إذ يؤيدون فكرة ضرورة توسيع مجالات مسئولية المراجع الخارجي .
ومن المهام التي يناط بها مراجع الحسابات الخارجي أو التي يطلب إليه القيام بها - سواء كان ذلك طبقاً لقانون الشركات في الدولة ، أو من واقع المسئولية المهنية النابعة من كونه وكيلاً محايداً عن مجموعة أصحاب رأس المال- هي الإفصاح عن مدى تطبيق إدارة الوحدة لكل ما ألزمها به القانون ([5]).
ويترتب على السلطة الممنوحة للمراجع مسئولية معينة تقع عليه عند إخلاله بواجبات في تنفيذ العمل الموكل إليه على الوجه المطلوب وترتبط تلك المسئولية بمفهوم العناية الواجبة ، ويعتبر التقصير فيها أساساً لمساءلة المراجع سواء كان ذلك بقصد أو بغير قصد ، وتتحدد تلك المسئولية في إطار المسئولية القانونية والمهنية ، ويتعين لإثباتها ضرورة توافر شروط معينة للتحقق من إخلاله بواجباته المهنية ووقوع الضرر على الغير نتيجة هذا الإخلال .
وتختلف مسئولية المراجع باختلاف الجهة التي فوضته ، فهو مسئول مسئولية مدنية تعاقدية تجاه عميله بالإضافة لمسئوليته التقصيرية تجاه الغير في حالة الشركات المساهمة ، نظراً لما يتطلبه هذا النوع من الشركات من ضرورة نشر تقرير المراجعة على الغير .

ولقد كثر الجدل والنقاش بخصوص مدى امتداد مسئولية المراجع تجاه الأطراف الأخرى خلاف عميله ، واختلف فيها رأي القضاء في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا ، فقد رأى القضاء الأمريكي ضرورة امتداد مسئولية المراجع تجاه الأطراف الخارجية بالمجتمع خلاف عميله ، وقام بتقسيم تلك الأطراف إلى مجموعتين ، الأولى هي التي يعلم المراجع بأن المعلومات التي يحتويها تقريره تقدم من أجلهم ولخدمة مصالحهم ، وتتحدد مسئوليته تجاه هذه الفئة في ما يقع فيه من إهمال بسيط ، أما المجموعة الثانية فهم الجهات التي يعد تقرير المراجع من أجلهم ولاستخدامهم بصفة خاصة ، ولكنهم يمثلون جهات يعلم المراجع أنهم يستخدمون بيانات تقريره عادة ، ويعتبر المراجع مسئولاً أمامهم عند وجود خطأ جسيم أو بسيط ([6]).
كما رأت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية بعدم مسئولية المراجع تجاه الأطراف الأخرى خلاف عميله ، وأن التحديد الواضع للمسئولية القانونية للمراجع قد يؤدي إلى تحقيق العدالة لكافة الأطراف ذات العلاقة من خلال توفير نفس الحماية ضد المساءلة القانونية للمراجعين مثلما هو الحال مع باقي الملاك في مجالات الأعمال والمهنيين ، وهذا يساعد أيضاً في التأكيد على بقاء المهنة واستمرارها من خلال تشجيع أفراد جدد على الانضمام إليها .
وأن معظم أدبيات المحاسبة والمراجعة تقسم مسئوليات المراجع إلى المسئولية الفنية والأخلاقية والمدنية والجنائية والقانونية ، أما الفنية وهي التي تدخل في صميم عمله كمراجع حسابات قانوني للشركة كمسئوليته في التحقق من أن الشركة قد طبقت وبشكل سليم القواعد والمبادئ المحاسبية المتعارف عليها ومسئوليته في التحقق من أن نصوص القوانين واللوائح وغيرها من الوثائق قد طبقت تطبيقاً سليماً ، وأما المسئولية الأخلاقية وهي التي تتعلق بعمل المراجع في حالة إهماله في القيام بأداء عمله وعدم بذل العناية المهنية اللازمة وكذلك عند وقوع المراجع في بعض الأخطاء أثناء مراجعته وعدم قيامه أصلاً بالمراجعة ، وأما المسئولية الجنائية تتمثل في ارتكاب المراجع لبعض التصرفات الضارة بمصلحة الشركة عن عمد ، وأما المسئولية القانونية فهي ناتجة عن التزام المراجع بمتطلبات القانون التي تحدد مستوى مناسباً من العناية المهنية التي يجب بذلها عند تقديمه للخدمة ([7]).
وتشمل المسئولية القانونية مسئولية المراجع بموجب القانون العام ، وهو القانون المبني على ما قررته المحاكم في القضايا السابقة وليس بناءً على تشريع مكتوب ، وتكون إما تجاه العميل وإما تجاه الطرف الثالث ، فالمسئولية تجاه العميل أساسها العلاقة التعاقدية بين مراجع الحسابات والعميل ، وهذه المسئولية يتم تحديدها بالرجوع إلى رسالة التعيين من المراجع وعميله . وأما المسئولية تجاه الطرف الثالث تشمل المسئولية تجاه أي فئة قد تعتمد على رأي المراجع في القوائم المالية مثل : المصارف والدائنين والمقرضين ، ويتمثل الطرف الثالث في الأشخاص الذين ليس لهم حق الإطلاع على العقد ، ومن الناحية القانونية يسمى الطرف الثالث في بنود العقد على أنه الطرف الثالث المستفيد ، أما الطرف الثالث الذي لم يرد ذكره في بنود العقد ولكن يتوقع استخدامه للبيانات المالية فيعرف بالمستخدمين المتوقعين للبيانات المالية .
وتتمثل قواعد القانون العام في مجموع الأحكام القضائية التي تصدر على مر الأيام في مجال المساءلة القانونية لمراجعي الحسابات من جانب الأطراف المتضررة من الاعتماد على رأي المراجع عن القوائم المالية وما تحتويه من معلومات محاسبية .
أما المقصود بالطرف الثالث هم جميع الأطراف التي تعتمد على القوائم المالية وما تحتوي عليه من معلومات محاسبية في اتخاذ القرارات الاقتصادية المختلفة ، وذلك بخلاف العميل ومن بين هذه الأطراف حملة الأسهم الحاليين والمحتملين ، البائعين ، رجال المصارف ، الدائنين المختلفين ، العاملين ، المستهلكين .
وبشكل عام فإن المراجع يتحمل المسئولية تجاه الطرف الثالث إذا تحققت الشروط التالية ([8]):
1.    أن يكون معلوماً للمراجع مسبقاً أن الطرف الثالث سيعتمد على البيانات المالية لغاية معينة .
2.    حصول إهمال أو تقصير شديد من المراجع أدى إلى الإخلال بواجبه .
3.    أن ينتج عن ذلك ضرر يصيب الطرف الثالث .
4.    أن يكون الضرر الذي أصابه الطرف الثالث ناتجاً عن إهمال وتقصير المراجع فيكون بينهما علاقة سببية .
5.    أن يكون هناك إمكانية لتقدير الضرر بشكل معقول .
وقد تعرضت مسئولية المراجع تجاه الطرف الثالث إلى بعض التطورات ، ففي قضية التراميرز – توش روس (Ultrmares Cor Portion V. Touche)  ، التي حصلت في الولايات المتحدة سنة 1931 لم يحمل القاضي المراجع مسئولية الإهمال تجاه الطرف الثالث ، الذي اعتبر من غير المستفيدين الرئيسيين ، حيث إن المراجع في هذه القضية فشل في اكتشاف عمليات تزوير قامت بها إدارة شركة فريد – سيتزن Fred Sterns Co حيث تم تضخيم الأصول وحقوق الملكية بقيمة 700000 دولار ، وبناء على البيانات المالية المراجعة قامت شركة التراميرز بإقراض هذه الشركة ثم عجزت شركة فريد – سيتزن عن السداد نتيجة الإفلاس وقامت هي الأخرى بمقاضاة المراجع توش روس ، وقد حكم القاضي بأن المراجع مذنب بسبب الإهمال ، ولكن لا ينبغي أن يتحمل المراجع أي مسئولية تجاه الطرف الثالث ، ما لم يكن ذلك الطرف مستفيداً أساساً ، أي أن يكون معلوماً للمراجع بشكل مسبق أنه سيعتمد على تقريره .
وفي عام 1968 تم توسيع هذه القاعدة بشمول فئات أخرى غير الطرف الأساسي ، حيث حكمت إحدى المحاكم في إحدى الولايات المتحدة الأمريكية في قضية (Rush Factor V. Levin) بأن المراجع مسئول عن الإهمال تجاه الأطراف التي يتوقع أنها ستعتمد على تقريره في قراراتها الاقتصادية .
وقد تزايد الاهتمام مؤخراً بهذه القضية (مسئولية المراجع تجاه الطرف الثالث) في عدد كبير من الدول بعد الانحرافات التي وقعت في إدارات وحسابات بعض المصارف وشركات توظيف الأموال والتي أثرت على سياسة تشجيع الاستثمار الخاص وتجميع المدخرات بشكل سلبي مما أدى إلى زعزعة ثقة المودعين والمساهمين ([9]).
ومن ناحية أخرى فإن دستور مهنة المحاسبة والمراجعة قد أوضح الضمانات الواجب توافرها في الأداء ، مما يضيف الثقة على رأي المراجع عن القوائم المالية محل الفحص بما يساعد مستخدمي القوائم المالية وخاصة المستخدمين القانونيين في تقييم جودة المعلومات المحاسبية المتاحة .


الدراسات السابقة :
حظي موضوع مسئولية المراجع الخارجي باهتمام كبير من قبل الباحثين والهيئات العلمية والمنظمات المهنية ، كما تعد مسئولية المراجع تجاه الطرف الثالث من الموضوعات المطروحة على بساط البحث من قبل المجتمعات العلمية والمنظمات المهنية العالمية المتخصصة في مجال المحاسبة والمراجعة ، ومن ضمن الدراسات التي تناولت موضوع مسئولية المراجع الخارجي بشكل عام ومسئوليته تجاه الطرف الثالث بشكل خاص :
[1] دراسة (Gwilliam, 1987) ([10]):
وهي عبارة عن دراسة كان الهدف منها التعرف على الظروف التي يتحمل فيها المراجع الخارجي المسئولية تجاه الطرف الثالث ، وقد قام باختيار عدد من القضايا في المملكة المتحدة ودول الكومنولث المتعلقة بمسئولية المراجع الخارجي لبذل العناية المهنية المعقولة تجاه الطرف الثالث . وقد أظهرت نتائج الدراسة أن هناك توجهاً لزيادة مسئولية المراجع تجاه كل من :
1.    العميل فقط والأطراف الأخرى المتعاقد معها .
2.     فئات أو مجموعات محددة من الطرف الثالث يتوقع أن تعتمد على البيانات المالية .
3.    أي طرف ثالث يتوقع أنه سيعتمد على البيانات في المستقبل .
[2] دراسة (يوسف عبد القادر عبد الوهاب 1992) ([11]):
وقد استهدف الباحث من خلال دراسته تحديد مصادر التوسع في مسئولية المراجع وآثار التوسع في مسئولية المراجع على مجهود المراجع وعلى تكاليف وأتعاب عملية المراجعة ، وكذلك تحديد آثار التوسع في مسئولية المراجع على كمية المعلومات المفيدة المتاحة لمستخدمي القوائم المالية ، وذلك بهدف تحديد الزيادة أو التوسع العادل في مسئولية المراجع والذي يحقق مصالح كل من المراجع والمنشأة محل المراجعة ومستخدمي القوائم المالية على حد سواء .
واستنتج الباحث أن مهنة المراجعة تتعرض للعديد من الانتقادات من قبل الرأي العام بأنها لا تقدم الخدمات المطلوبة على الوجه الأكمل ، مما أدى إلى ممارسة الضغوط من قبل الجهات التشريعية والقضاء لاقتراح زيادة مسئولية المراجعين ، وهذا أدى للعديد من المخاوف داخل أوساط المهنة من عدم عدالة التوسع في مسئولية المراجعين المفروضة بواسطة الجهات التشريعية ، مما قد يعرضهم لتحمل خسائر كبيرة قد تؤدي إلى عدم استمرارهم في ممارسة المهنة ، وبالتالي تهديد بقائها وفي هذه الحالة لن يستفيد المجتمع من ذلك .
[3] دراسة (بوبكر فرج شريعة 1994)([12]) :
لقد كان الهدف من هذه الدراسة هو تحديد الإطار العام لمسئولية المراجع الخارجي في ليبيا ، ومن أهم النتائج التي خلص إليها الباحث هي :
1.  إجماع المراجعون المشاركون في الدراسة على الإقرار بمسئوليتهم تجاه الدولة سواء تم تعيينهم من قبل الجهاز الشعبي للرقابة أو تكليفهم من قبل الشركة محل المراجعة .
2.  تبين للباحث أن المراجع الخارجي في ليبيا يتمتع بحقوقه مما يوجب عليه القيام بواجباته على غرار هذه الحقوق .
3.  أجمع كل من المراجعين والقانونيين على ضرورة إصدار قانون خاص يحدد مسئولية المراجع الخارجي في ليبيا ؟.


[4] دراسة (مصطفى علي الباز 1999) ([13]):
تهدف الدراسة إلى استخدام نظرية السببية في التنبؤ بدرجة فجوة التوقعات بين مراجعي الحسابات ومستخدمي القوائم المالية ، وكذلك الأسباب الحقيقية لحدوث هذه الفجوة في الواقع العملي لمهنة المراجعة وذلك في محاولة لدفع المنظمات العلمية والمهنية للمحاسبة والمراجعة وحكومات العالم نحو اتخاذ التدابير اللازمة لتضييق هذه الفجوة بهدف زيادة ثقة المجتمع في خدمات المراجعة التي تكتسب أهمية خاصة في ظل العولمة الاقتصادية ، واستنتج الباحث أن هناك علاقة بين نظرية السببية وفجوة التوقعات في المراجعة ، وكذلك أن هناك أسباب جوهرية لفجوة التوقعات في المراجعة وقدمت مقترح عن الأسباب الجوهرية لفجوة التوقعات في المراجعة لتشريع خاص بها ينظم العلاقة بين هذه المهنة ومستخدمي القوائم المالية .
[5] دراسة (سمية أمين علي 2001) ([14]):
تهدف الدراسة إلى التعرف على فجوة التوقعات وعلى آراء مجموعة مختلفة من المستفيدين من خدمات المراجعة ، فيما يتعلق ببعض قضايا التوقع في المراجعة مثل : إدراك مستخدمي تقارير المراجعة لواجبات المراجع الخارجي الموجودة حالياً ، ومعيار أدائه لتلك الواجبات ، بالإضافة إلى آرائهم حول مدى كفاية الواجبات التي يؤديها المراجع الخارجي أو ما يتوقع أداؤها بواسطته وذلك من خلال دراسة ميدانية على عينة من المستقصي منهم .
علاوة على ذلك يعرض الباحث بعض المقترحات التي قد تساعد على تضييق الفجوة بين إدراك المستفيدين من خدمات المراجعة للواجبات والمسئوليات التي يقوم بها المراجع الخارجي وما يتوقعونه منه .
استنتج الباحث أن هناك وجود فجوة التوقعات بين ما يتوقعه المستخدمين لخدمات المراجعة وبين الأداء الفعلي للمراجعين الخارجيين ، كما يدركه المستفيدين من خدماتهم ، وأن وجود هذه الفجوة يرجع إلى عدم الإلمام الكافي من جانب المستخدمين لخدمات المراجعة بواجبات المراجعين الخارجيين المحددة وفقاً لمعايير المراجعة ، وإلى عدم رضا المستفيدين من خدمات المراجعة عن الأداء الفعلي بواجبات المراجعين الخارجيين ، بالإضافة إلى توقع المستفيدين من خدمات المراجعة للكثير من الواجبات التي يجب أن يؤديها المراجع الخارجي والغير محددة مسبقاً وفقاً لمعايير المراجعة .
[6] دراسة (يوسف محمود جربوع 2002) ([15]):
هدفت الدراسة إلى إظهار أن إدارة المنشأة هي المسئولة عن إقامة نظام سليم للرقابة الداخلية المحاسبية والإدارية ، والمحافظة عليه مراعاة تطبيقه ، وأنها هي المسئولة عن وجود أخطاء وغش في القوائم المالية ، كما هدفت إلى إظهار أن مراجع الحسابات غير مسئول عن منع الأخطاء والغش الموجود في القوائم المالية ، ولكن يقع عليه بذل العناية المهنية الواجبة من حيث دراسة وتقييم نظام الرقابة الداخلية وتوضيح هل يمكن الاعتماد عليه ، وأنه مطبق بفاعلية من قبل جميع العاملين بالمنشأة ، أو تخطيط عملية المراجعة ووضع إجراءات مراجعة تؤدي إلى الكشف عن تلك الأخطاء والغش إن وجدت .
 وكما هدفت الدراسة إلى إظهار أن هناك جوانب قصور متأصلة في عملية المراجعة تنطوي على مخاطر لا يمكن تجنبها بعدم اكتشاف التحريف في القوائم المالية رغم القيام بالتخطيط لعملية المراجعة وتنفيذها وفقاً لمعايير المراجعة المحلية والإقليمية والدولية . ولا توجد عملية مراجعة تعطي تأكيدات كاملة بأن القوائم المالية خالية من الأخطاء الجوهرية والغش لأن الأخطاء قد تحدث نتيجة تطبيق الطرق والمبادئ المحاسبية المتعارف عليها والمقبولة قبولاً عاماً .
واستنتج الباحث أن يأخذ المراجع في الاعتبار مخاطر وجود تحريف مادي في القوائم المالية ناتج عن الأخطاء والغش ويتوجب على المراجع إبلاغ إدارة المنشأة ومستخدمي القوائم المالية والجهات الإشرافية العليا التي تخضع المنشأة لسلطتها عندما تشك في احتمال وجود غش له تأثير مادي على القوائم المالية ولا يعد مراجع الحسابات مسئولاً عن منع الأخطاء والغش في القوائم المالية .
[7] دراسة (علاء زياد صبحي وعلي عبد القادر الذنيبات 2006) ([16]):
استهدفت هذه الدراسة التعرف على مدى مسئولية المراجع الخارجي تجاه الطرف الثالث من وجهة نظر المحاميين والمراجعين ، كما استهدفت التعرف على الأهمية النسبية للعوامل التي تقلل من احتمال تعرض المدقق للمساءلة القانونية تجاه الطرف الثالث من وجهة نظر المحامين والمراجعين .
ومن النتائج التي توصلت إليها الدراسة ضرورة صياغة القوانين والقواعد التي تعمل على تحديد وتوضيح مسئولية المراجع تجاه فئات الطرف الثالث من أجل تمكين المراجع من خدمة الأطراف ذات العلاقة والحد من تعرض المراجع للمساءلة القانونية .
غير إن الدراسات السابقة تناولت الظروف التي يتحمل فيها المراجع الخارجي المسئولية تجاه الطرف الثالث ، وكذلك مفهوم مسئولية المراجع الخارجي بشكل عام ولم تتطرق لحدود هذه المسئولية ومجالاتها والتي من بينها مسئولية المراجع تجاه الطرف الثالث .


مشكلة الدراسة :
تعد مهنة المراجعة من أوائل المهن التي تعرضت للكثير من التغيير والتطوير في مفاهيمها وأساليبها وأهدافها ، وقد أدى ذلك إلى تغيير مماثل في واجبات ومسئوليات المراجعين ([17]).
ونظراً لما لأي مراجع حسابات من أهمية أساسية عند اتخاذ القرارات من الأطراف المختلفة المستفيدة من البيانات المالية المنشورة ، فقد تطورت مسئولية المراجع في السنوات الأخيرة ، مما أدى إلى تصاعد الدعاوي القضائية ضد المراجعين ، فبالرغم من عدم توفر إحصائيات رسمية بعدد هذه القضايا ، إلا أنه يمكن ملاحظة هذا التزايد من خلال عدد الدعاوى القضائية المقامة ضد بعض مكاتب المراجعة مثل : مكتب العباسي وسابا والمراجعين المعتمدين في قضايا ، وبالتالي أدى هذا التزايد إلى تراجع ثقة الجمهور في المهنة ، مما يدفع إلى زيادة الرغبة في تحديد مسئولية المراجع الخارجي حول صدق وعدالة البيانات المالية ، وما تحويه من معلومات منشورة يتم استخدامها من قبل أطراف متعددة في اتخاذ القرارات المختلفة ، خاصة من قبل الطرف الثالث .
ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة في محاولة لدراسة مدى مسئولية المراجع القانونية تجاه فئات الطرف الثالث من وجهة نظر المراجعين في ليبيا ، وذلك من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية :
·   إلى أي مدى يرى المراجعون أن المراجع يتحمل مسئولية تجاه فئات الطرف الثالث (ويقصد بالطرف الثالث المستفيد والمستخدمون المتوقعون للبيانات المالية) ؟ .
·   هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء المراجعين فيما يتعلق بمدى مسئولية المراجع تجاه فئات الطرف الثالث ؟.
·   هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء المراجعين فيما يتعلق بالأهمية النسبية للعوامل التي تحد من تعرض المراجع للمساءلة القانونية من قبل الطرف الثالث ؟ .
فرضيات الدراسة :
الفرضية الرئيسية :
لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء المراجعين فيما يتعلق بمدى مسئولية المراجع تجاه فئات الطرف الثالث ، وسيتم اختبار هذه الفرضية عن طريقة الفرضيات الفرعية التالية :
·   لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء المراجعين فيما يتعلق بمدى مسئولية المراجع تجاه المستخدمين المعتمدين على القوائم المالية (الطرف الثالث المستفيد) .
·   لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء المراجعين فيما يتعلق بمدى مسئولية المراجع تجاه المستخدمين المتوقعين للبيانات المالية.
·   لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء المراجعين فيما يتعلق بتحديد الأهمية النسبية للعوامل التي تحد من تعرض المراجع للمساءلة القانونية من قبل الطرف الثالث .
أهداف الدراسة :
تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على مدى المسئولية القانونية للمراجع تجاه فئات الطرف الثالث من أجل المساهمة في الحد من مدى تعرضه للدعاوي القضائية وفي الوقت نفسه المحافظة على حقوق الأطراف ذات العلاقة وذلك من خلال :
1.  دراسة إلى أي مدى يرى المراجعون أن المراجع يتحمل مسئولية تجاه فئات الطرف الثالث ، وبالتالي المساهمة في توضيح هذه المسئولية .
2.  التعرف على الأهمية النسبية للعوامل التي تقلل من احتمال تعرض المراجع للمساءلة القانونية من وجهة نظر المراجعين .
أهمية الدراسة :
تنبع أهمية هذه الدراسة من أهمية دور المراجع في خدمة الأطراف المختلفة التي تستخدم البيانات المالية ، وبشكل أدق فإن أهمية هذه الدراسة تنبع من الأمور التالية :
1.  تمثل الدراسة محاولة للتعرف على مدى مسئولية المراجع تجاه فئات الطرف الثالث ، بالإضافة لمحاولة إيجاد حلول مقترحة للحد من تعرض المراجع للمسئولية القانونية تجاه هذا الطرف ، كل ذلك من خلال دراسة آراء المراجعين .
2.  في ظل التوجهات الجديدة للاقتصاد الوطني لليبيا من تشجيع الاستثمار وتخصيص للمشروعات العامة ستزداد أهمية رأي المراجع حول عدالة البيانات المالية حتى يستطيع المستثمرون ومتخذو القرارات الاعتماد على هذه البيانات ، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة حالات اللجوء لمقاضاة المراجع ، لذلك فإن الأمر يستدعي القيام بدراسات تساهم في توضيح نطاق مسئولية المراجع وخاصة تجاه الطرف الثالث .
3.  تعتبر هذه الدراسة – بحسب علم الباحثين – من أوائل الدراسات في ليبيا ، وهي أيضاً من أوائل الدراسات التي تبرز آراء المراجعين بالنسبة لمسئولية المراجع ، وبالتالي فإن هذه الدراسة ستساهم في سد جزء من النقص الموجود في هذا الموضوع .
حدود ونطاق الدراسة :
سوف يتم إتباع أسلوب الدراسة الميدانية بالإضافة إلى المنهج الوصفي التحليلي ، حيث سيتم استخدام الاستبيان كوسيلة للدراسة الميدانية ، كما سيقتصر مجتمع الدراسة على المراجعين المزاولين للمهنة في ليبيا .
هيكلية الدراسة :
سيتم تقسيم الدراسة إلى جزيئين رئيسيين كما يلي :
أولاً : الجزء النظري :
وسيتناول هذا الجانب الأساس النظري للدراسة ، وذلك باستعراض ما كتب حول هذا الموضوع في الأدب المحاسبي ، كما سيتم تناول وعرض المعايير والإرشادات الصادرة من قبل المنظمات العلمية والمهنية بخصوص هذا الموضوع.
ثانياً : الجانب العملي :
ستعتمد الدراسة في تحقيق أهدافها على الجانب العملي والذي يشتمل على:
1.    مجتمع الدراسة : ويتمثل مجتمع الدراسة في المراجعين القانونيين الممارسون لمهنة مراجعة الحسابات .
2.  أسلوب جمع البيانات : سيتم استخدام استمارة الاستبيان لغرض جمع البيانات والمعلومات اللازمة من مجتمع الدراسة .
3.    أسلوب تحليل البيانات : سيتم استخدام الأساليب الإحصائية الملائمة لغرض تحليل البيانات .


- الـمـراجــــــــع -
1.  الباز ، مصطفى علي ، استخدام نظرية السببية في التنبؤ بفجوة التوقعات بين مراجعي الحسابات ومستخدمي التقارير المالية : "دراسة ميدانية على محافظات القناة بجمهورية مصر العربية ، المجلد الثالث ، العدد الأول ، 1999.
2.  جربوع ، يوسف محمود ، "مدى مسئولية مراجع الحسابات الخارجي المستقل عن اكتشاف الأخطاء والغش بالقوائم المالية وفقاً لمعايير المراجعة الدولية" ، مجلة تنمية الرافدين ، العدد 26 ، 2002 .
3.  الجزيري ، رفيق محمد ، "الدور المقترح للمراجع الخارجي في ظل التغييرات الاقتصادية " المجلة المصرية للدراسات التجارية ، المجلد العاشر ، العدد الرابع ، 1986 .
4.  زغلول ، أحمد حسن ، "دراسة تحليلية لجهود المنظمات المهنية بشأن مسئولية المراجع عن الأعمال غير القانونية لعملائه " ، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة ، العدد الثاني ، 1994 .
5.  سالم ، عبد الله محمود ، "إبداء رأي مراجع الحسابات عن مقدرة المنشأة على الاستمرارية واجب تحتمه الاعتبارات الاقتصادية" ، مجلة البحوث التجارية ، 1988 .
6.  شريعة ، بوبكر فرج ، "مدى مسئولية المراجع الخارجي في ليبيا " ، (رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة قاريونس ، كلية الاقتصاد ، قسم المحاسبة) ، 1994 .
7.  صبحي والذنيبات ، علاء زياد ، علي عبد القادر ، "دراسة تحليلية لآراء المدققين والمحامين حول المسئولية القانونية للمدقق الخارجي تجاه الطرف الثالث ، المجلة الأردنية في إدارة الأعمال ، المجلد 2 ، العدد 1 ، 2006 .
8.  عبد الغني ، سمير ، "مفهوم التفويض وأهميته في تحديد مسئولية المراجع الخارجي" ، مجلة المحاسب القانوني العربي ، العدد 15 ، 1987 .
9.  عبد الوهاب ، يوسف عبد القادر ، "التوسع في مسئولية المراجع الخارجي وأثره على خدمات المراجعة والإفصاح عن المعلومات" ، المجلة المصرية للدراسات التجارية ، المجلد 16 ، العدد 4 ، 1992 .
10.   علي ، سمية أمين ، "فجوة التوقعات بالنسبة لدور المراجع الخارجي في المجتمع "دراسة ميدانية" ، مجلة المحاسبة والإدارة والتأمين ، العدد 57 ، 2001 .
11.   مجاهد ، محمد عبد الله ، "مدى مسئولية مراقب الحسابات عن الأعمال غير المشروعة للعملاء " ، (رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة القاهرة ، كلية التجارة ، قسم المحاسبة) ، 1983 .
12.   مصطفى ، صادق حامد ، "نحو تضييق فجوة التوقعات في مهنة المراجعة : دراسة تحليلية نقدية مقارنة" ، مجلة المحاسبة والإدارة والتأمين ، العدد 47 ، 1994 .
13.          Arens, Elder, R. Jand Beasley, M.S., 2003
14.          Donald L. Neebes, Dan M. Guy and O. Ray Whittington, I legal acts: What are the auditor's responsibility ? Journal of Accouncy, Jan 1991.
15.          Gwilliam, D., 1987, the Auditor thirds parties and contributory negligence. Accounting and business research,  (18)




([1]) رفيق محمد الجزيري ، الدور المقترح للمراجع الخارجي في ظل التغيرات الاقتصادية ، المجلة المصرية للدراسات التجارية ، المجلد العاشر ، العدد الرابع ، 1986 ، ص 190 .
([2]) محمد عبد الله مجاهد ، مدى مسئولية مراقب الحسابات عن الأعمال غير المشروعة للعملاء ، دراسة تحليلية مقارنة ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية التجارة ، جامعة القاهرة ، 1983 ، ص 84 .
([3]) Donald L. Neebes, Dan M. Guy and O. Ray Whittington, I legal acts: What are the auditor's responsibility ? Journal of accouncy, Jan 1991, P.82 .
([4]) عبد الله محمود سالم ، إبداء رأي مراجع الحسابات عن مقدرة المنشأة على الاستمرارية واجب تحتمه الاعتبارات الاقتصادية ، مجلة البحوث التجارية ، 1988 ، ص 144 .
([5]) رفيق الجزيري ، مرجع سابق ، ص 151 .
([6]) سمير عبد الغني ، مفهوم التفويض وأهميته في تحديد مسئولية المراجع الخارجي ، مجلة المحاسب القانوني العربي ، العدد 15 ، ص 1987 ، ص 23 .
([7]) Arens, Elder, R. Jand Beasley, M.S., 2003, P.22 .
([8]) يوسف محمود جربوع ، مدى مسئولية مراجع الحسابات الخارجي المستقل عن اكتشاف الأخطاء والغش بالقوائم المالية وفقاً لمعايير المراجعة الدولية ، مجلة تنمية الرافدين ، العدد 69 ، 2002 ، ص 202.
([9]) صادق حامد مصطفى ، نحو تضييق فجوة التوقعات في مهنة المراجعة "دراسة تحليلية نقدية مقارنة" ، مجلة المحاسبة والإدارة والتأمين ، العدد 47 ، 1994 ، ص 88 .
([10]) Gwilliam, D., 1987, the Auditor thirds parties and contributory negligence. Accounting and business research,  (18)
([11]) يوسف عبد القادر عبد الوهاب ، "التوسع في مسئولية المراجع الخارجي وأثره على خدمات المراجعة والإفصاح عن المعلومات" ، المجلة المصرية للدراسات التجارية ، مجلد 16 ، العدد 4 ، 1992 .
([12]) بوبكر فرج شريعة ، "مدى مسئولية المراجع الخارجي في ليبيا "، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة قاريونس ، كلية الاقتصاد ، قسم المحاسبة ، 1994 .
([13]) مصطفى علي الباز ، "استخدام نظرية السببية في التنبؤ بفجوة التوقعات بين مراجعي الحسابات ومستخدمي التقارير المالية" ، دراسة ميدانية على محافظات القناة بجمهورية مصر العربية ، المجلد الثالث ، العدد الأول ، 1999 .
([14]) سمية أمين علي ، "فجوة التوقعات بالنسبة لدور المراجع الخارجي في المجتمع" ، دراسة ميدانية ، مجلة المحاسبة والإدارة والتأمين ، العدد 57 ، 2001 .
([15]) يوسف محمود جربوع ، مرجع سابق .
([16]) علاء زياد صبحي ، وعلي عبد القادر الذنيبات ، "دراسة تحليلية لآراء المدققين والمحامين حول المسئولية القانونية للمدقق الخارجي تجاه الطرف الثالث " ، المجلة الأردنية في إدارة الأعمال ، المجلد 2 ، العدد الأول ، 2006 .
([17]) أحمد حسن زغلول ، دراسة تحليلية لجهود المنظمات المهنية بشأن مسئولية المراجع عن الأعمال غير القانونية لعملائه ، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة ، العدد الثاني ، 1994 ، ص 1809 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة