حكم المحكمة الإدارية العليا :- سلطة النيابة الإدارية


بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
 بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار،/ فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أبو بكر محمد رضوان، محمد أبو الوفا عبد المتعال، عبد القادر هاشم النشار، غبريال جاد عبد الملاك (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
بتاريخ 1/4/1995 (السبت) أودع الأستاذ/ مصطفى سيد محمد تحفة المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب للمحكمة تقرير الطعن الراهن في حكم المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات الصادر في الدعوى رقم 19 لسنة 36ق، بجلسة 26/2/1995 والمتضمن مجازاة الطاعن بالخصم من أجره لمدة خمسة أيام.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلاً في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى  به ضد الطاعن والحكم مجدداً بالبراءة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 6/4/1995 تم إعلان الطعن إلى النيابة الإدارية في مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن راتأت فيه الحكم بقبول الطعن  شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
وتم نظر الطعن أما دائرة فحص الطعون بالمحكمة وأمامها قدمت النيابة الإدارية بجلسة 10/4/1996 مذكرة طلبت فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وعدم احالته لدائرة المرافعة تأييداً للحكم المطعون فيه وبذات الجلسة تقرر إصدار الحكم بجلسة 8/5/1996 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين.
وبتاريخ 14/4/1996 قدم الطاعن حافظة مستندات ومذكرة طلب فيها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءته مما نسب إليه.
وبجلسة 8/5/1996 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الرابعة” وحددت لنظره جلسة 15/6/1996.


وتم نظر الطعن أمام المحكمة حيث أقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث أن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية، واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 6/3/1994 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية الصادر فيها الحكم المطعون فيه، وذلك بإيداع أوراقها قلم المحكمة التأديبية لنقل والمواصلات مشتملة على تقرير اتهام فيها ضد:
1) أحمد أحمد أحمد شريف المحامي بالهيئة القومية للاتصالات “درجة ثانية”.
2)………………………………………
لأنهما خلال المدة من 9/5/1990 وحتى 21/8/1991 بدائرة الهيئة القومية للاتصالات وبوصفها السابق.
لم يؤديا أعمال وظيفتهما بدقة وأهملا في بذل العناية الكافية في أداء العمل وخرجا على مقتضى الواجب الوظيفي بأن:
الأول: (الطاعن) تعمد عدم استلام الموضوعات المحالة إليه والمتمثلة في القضايا 164/23 والحصر الإداري رقم 4091 إداري الجمالية والقضية 6602/49 على النحو الموضح بالأوراق.
الثاني: ………………………………………
وطلبت النيابة الإدارية بختام التقرير المشار إليه مجازاة المحالين عما نسب إليهما.
وبجلسة 26/2/1995 صدر الحكم المطعون فيه متضمنا مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من مرتبه، وأقام قضاؤه على أساس أن المخالفة المنسوبة للطاعن ثابتة في حقه من واقع الأوراق والتحقيقات وما شهد به أحمد عثمان السيد مدير عام الإدارة العامة للشئون القانونية بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية الذي قرر أنه باعتباره مدير عام الإدارة قام بإحالة ملفات القضايا المشار إليها للمتهم المذكور (الطاعن) لاتخاذ اللازم بشأنها وذلك في حدود اختصاصه بتوزيع العمل القانوني على الأعضاء الفنيين في شأن قضايا الهيئة فرفض استلامها وأثر على الملفات بأنها لا تخص إدارة التحكيم وقد استند في ذلك إلى سبق صدور القرار رقم 741 في 14/10/1984 باسناد وظيفة مدير إدارة التحكيم له، وأنه لا أساس لذلك من الصحة حيث أعقب هذا القرار صدق القرار رقم 1720 لسنة 1985 بترقية الطاعن إلى وظيفة مدير إدارة التحكيم من الدرجة الأولى بموجب هذا القرار أصبح يشغل هذه الوظيفة بالترقية كما أن هذا القرار قد وجب قرار الاسناد، غير أنه قد تم إلغاء قرار ترقية المتهم (الطاعن) إلغاء مجرداً بموجب حكم قضائي صادر من مجلس الدولة تأيد بحكم صادر من المحكمة الإدارية العليا، وبناء عليه أصبح المتهم المذكور (الطاعن) في وضعه الوظيفي قبل صدور هذا القرار كعضو فني بالإدارة القانونية من الدرجة الثانية تحال إليه قضايا الإدارة من أي نوع شأنه كباقي أعضاء الإدارة، كما أن رفض استلام المذكور لأعمال المكلف بها كان معاصراً لصدور قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 في 9/6/1991 الذي الغى بنظام التحكيم، ولا مبرر لوجود هذا القسم بعد صدور قانون المشار إليه.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه صدر مشوباً بما يلي:
أولا : الإخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال  والقصور فى التسبب وينجلى ذلك فيما يلى:
1)الحكم المطعون فيه لم يتناول بالرد والتعقيب ما قدمه الطاعن من مستندات ومذكرات دفاع تمسك فيها الطاعن بأن النيابة الإدارية ذاتها قد عدلت عن مبدأ احالة الطاعن من مستندات ومذكرات دفاع تمسك فيها الطاعن بأن النيابة الإدارية ذاتها قد عدلت عن مبدأ احالة الطاعن للمحاكمة بالنسبة لرفضه استلام بعض الأعمال وذلك بكل من القضيتين رقمى 23 لسنة 1992 بتاريخ 22/4/1992 ، ورقم 17 لسنة 1992 بتاريخ 15/9/1992 استنادا لعدم الأهمية وكان ذلك بعد صدور القانون رقم 203 لسنة 1992 بشأن قطاع الأعمال العام فى حين أحالت القضية رقم 88 لسنة1991 إلى المحكمة التأديبية التى صدر فيها الحكم المطعون فيه .
2) استمرار سريان قرار الإسناد رقم 741 لسنة  1984 باسناد وظيفة مدير ادارة التحكيم للطاعن وذلك حتى بعد صدور قرار الترقية الجديد رقم 231 لسنة 1992 على خلاف ما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه من قول بإلغاء قرار الإسناد بموجب قرار التنفيذ الصادر فى 24/4/1988 .
ثانيا : الخطأ فى تطبيق القانون وفهم الواقع ومخالفة الثابت بالمستندات وذلك لأن مدير الشئون القانونية الذى شهد بالتحقيق ضد الطاعن أراد أن يصور الأمر على أنه امتناع من جانب الطاعن عن استلام القضايا المحالة إليه ، فى حين أن حقيقة الأمر أن الشاهد المذكور أراد أن يسلب الطاعن اختصاصه كمدير لإدارة التحكيم بعد الغاء قرار الترقية ، وأخذ يوزع ملفات التحكيم على الأعضاء الآخرين دون الطاعن ، وتوزيع أعمال أخرى على الطاعن تخرج عن اختصاصه .
ومن حيث أنه مما يتمسك به الطعن من قول بأن النيابة الإدارية قد عدلت فى قضايا أخرى عن مبدأ احالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية لعدم الأهمية ولم تفعل نفس الشىء مع الحالة المعروضة فإن المستقر عليه أن احالة العامل إلى المحاكمة التأديبية يدخل فى مجال السلطة التقديرية للنيابة الإدارية وهى الأمينة على الدعوى التأديبية ، بالتالى فلها أن تعدل عن الإحالة بالنسبة لبعض الأسباب تقررها كعدم الأهمية ، ولها أن تحيل حالات اخرى كل هذا وفقا لما تراه محققا للصالح العام ومن ثم فإن احالة بعض القضايا التى تتناولها النيابة الإدارية بالتحقيق لا تأثير له على سلامة احالة قضية أخرى حتى لو تشابهت القضايا موضوعا فى الحالتين وبالتالى فإن ما يتمسك به الطعن فى هذا الشكل غير مؤثر على سلامة احالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية واجراءات هذه المحاكمة ويكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس صحيح من القانون مستوجبا طرحه ومن حيث أنه عما يثيره الطعن و يتمسك به من قول باستمرار القرار رقم 741 لسنة 1984 باسناد وظيفة مدير ادارة التحكيم للطاعن حتى بعد ترقيته إلى وظيفة مدير ادارة من الدرجة الأولى وان الموضوع كما صوره مدير الشئون القانونية من انه امتناع من جانب الطاعن عن استلام الموضوعات المحالة إليه وانما الموضوع هو تمسك الطاعن باختصاصه كمدير لإدارة التحكيم المسندة إليه بالقرار السالف الذكر ، فإن الثابت أن القرار رقم 741 لسنة 1984 باسناد وظيفة مدير ادارة التحكيم للطاعن قد صدر اعمالا لحكم المادة 41 من لائحة العاملين بالهيئة القومية للإتصالات السلكية واللاسلكية التى يعمل الطاعن بها والصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحرى رقم 200 لسنة 1982 والتى تقضى بأن :ـ
اذا أظهر العامل كفاية خاصة وتميزا ظاهرا فى أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى من وظيفته وان لم يتوافر فيه شروط شغلها أو الترقية إلى الدرجة المخصصة لها بسبب المدة الزمنية فلرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بأعباء هذه الوظيفة الأعلى وفى هذه الحالة يستحق الميزات المقررة للوظيفة الأعلى من البدلات وغيرها ، فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك فى الإعتبار عند الترقية فى نسبة الاختيار  …..  ”
ومن حيث أن المستفاد من هذا النص أنه يتعلق بندب العامل إلى وظيفة من الدرجة الأعلى ، ومن المستقر عليه أن الندب يعتبر اجراء مؤقت ، ولذلك فإنه ينتهى بالترقية إلى الوظيفة الأعلى ، ولما كان الثابت أنه قد عقب قرار الإسناد سالف الذكر صدور القرار رقم 1720 لسنة 1985 بترقية الطاعن إلى وظيفة مدير ادارة من الدرجة الأولى ، فمن ثم فإنه بصدور هذا القرار الأخير يكون قرار الاسناد رقم 741 لسنة1984 قد انتهى العمل به ، وان كان قرار الترقية رقم 1720لسنة 1985 قد ألغى الغاء مجرد بموجب حكم محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة الصادر فى الدعوى رقم 6283 لسنة 38ق بجلسة 17/12/1989 حسب الثابت من الأوراق ، إلا أن الغاء قرار الترقية سالف الذكر ليس من شأنه أن يعود العمل بقرار الإسناد رقم 741 لسنة 1984 الذى انتهى العمل به وسقط فى مجال  التطبيق بصدور قرار الترقية المشار إليه باعتبار أنه قرار مؤقت والساقط لا يقوم .
ومن حيث أنه فضلا عما تقدم فإنه أيا ما كان الأمر بالنسبة لمدى انتهاء العمل بقرار الاسناد المشار إليه بعد الغاء الترقية المشار إليها ، فإن المادة 89 من لائحة العاملين بالهيئة القومية للإتصالات السلكية واللاسلكية المشار إليها توجب على العامل ان ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وامانة وذلك فى حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها . ومن ثم فإنه لما كان الثابت أن مدير الشئون القانونية بالهيئة المشار إليها هو الذى أحال الطاعن ـ الذى يستوى أن  ان يكون مجرد عضو فنى أو مدير ادارة ـ احال اليه القضايا موضوع التحقيق ، ومن ثم فإنه لما كان يجب أن يمتنع عن استلامها مؤشرا عليها أنها لا تخص ادارة التحكيم وانما كان يجب عليه استلامها وان كان له رأى آخر يخالف ذلك فكان عليه أن يعرض الأمر على رئاسته ” مدير الشئون القانونية ” لتقرير ما يراه ، أما أن يؤشر على تلك القضايا المحالة اليه أنها لا تخص ادارة التحكيم دون اتباع ما تقدم ، فإن ذلك يعد رفضا صريحا لتنفيذ الأوامر الصادرة اليه ، وامتناعا من جانبه عن استلام القضايا المحالة اليه بما يشكل فى جانبه مخالفة تأديبية يستوجب الجزاء عليها ويكون ما تمسك به الطاعن فى هذا الشأن غير قائم على سند صحيح من القانون مستوجبا طرحه .
ومن حيث انه وان كان الأمر على ما تقدم الا ان الثابت أنه بعد أن ألغى قرار الترقية رقم 720 لسنة 1985 المشار اليه الغاء مجردا ، وعادت الجهة الإدارية وأصدرت بتاريخ 15/8/1992 القرار رقم 231 لسنة 1992 متضمنا ترقية الطاعن من جديد للدرجة الأولى بوظيفة مدير ادارة قانونية ـ ومن ثم فإن الجزاءات الجائز توقيعها هى فقط الواردة بالمادة 32 من قانون الإدارات القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها رقم 47 لسنة 1973 والتى تقضى بأن :ـ
العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على شاغلى الوظائف الفنية الخاضعة لهذا النظام من درجة مدير عام ومدير ادارة قانونية هى:ـ
1-الإنذار
2-اللوم
3-العزل
ومن حيث أنه فى ضوء ما تقدم فإن ما كان يجوز أن يوقع على الطاعن غير احدى العقوبات الواردة بالنص المتقدم خاصة ان قرار ترقية الطاعن إلى وظيفة مدير ادارة قانونية قد  صدر ليس فقط عند صدور الحكم المطعون فيه بل قبل أن تقيم النيابة الإدارية الدعوى التأديبية ضد الطاعن بتاريخ 6/3/1994 ومن ثم تكون مجازاة الطاعن بموجب الحكم المطعون فيه بالخصم من أجره لمدة خمسة أيام ، قد تضمنت توقيع احدى العقوبات غير المقررة قانونا بالنسبة للطاعن الأمر الذى يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن ليكون لتوقيع العقوبة الواردة بمنطوق هذا الحكم .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالخصم من أجره لمدة خمسة أيام ، والقضاء بمجازاته بالإنذار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة