تكنولوجيا نظم المعلومات المالية


تكنولوجيا نظم المعلومات (1-*)
سلسلة مقالات
محلل نظم
محمود أحمد حموده
محاسب قانوني وخبير ضرائب


  لم يكن مصطلح نظم المعلومات المحوسبة حتي ستينات الألفية الماضية - والتي كانت عملياتها تقتصر علي معالجة وتشغيل البيانات في أضيق ظروف أفضل مميزاتها السرعة لتحقيق مزايا خاصة بالعمل – لم تكن محل اهتمام الإدارات التنفيذية العليا والثقافة لاإدارية والمهنية بشكل عام . ولم يكن باعث عدم الإهتمام هذا سوي انعكاس عام لفتور الولع بتكنولجيا المعلومات وتطبيقاتها بشكل عام لأسباب عديدة منها محدودية تطبيقات الحاسبات وتكلفتها العالية وأيضا اقتصار حقل الكمبيوتر وبرامجه ونظمه  علي قلة من الخبراء والمبرمجين والمتخصصين .
لكن بعد التطور المستمر الذي طرأ علي تكنولوجيا الحاسبات ، وظهور نظم معلومات إدارية (MIS) بتطبيقات متعددة ساهمت في الدمج بين تكنولوجيا المعلومات والعمليات لاإدارية من تخطيط وتنظيم ورقابة واتخاذ قرار . فلم تصبح نظم المعلومات مقتصرة علي معالجة وتشغيل البيانات فقط ، ولكنها ارتقت لإنتاج معلومات تتميز بالجودة العالية والملائمة كيفيا وزمنيا لاتخاذ قرار إداري أو اقتصادي رشيد بما يدعم حاجات الإدارات بمستوياتها المختلفة من التشغيلية وحتي الإدارات العليا ، الأمر الذي ساهم بقوة في افساح مكانة مرموقة لمفهوم نظم المعلومات في الثقافة المهنية والإدارية .
أهمية البحث في هذا الموضوع تكمن في أكثر من نقطة :-

أولاً وفي البداية :- المعلومات مورد أساسي في أي نشاط بشري ، والمعلومات عنصر مهم في علاقة الإنسان بمجتمعه وعلاقة المجتمعات بعضها ببعض من النواحي السياسية الثقافية والاقتصادية ، علما أن هناك ثلاث خصائص رئيسية أساسية تتحكم في مجتمع المعلومات :- الخاصية الأولى : استخدام المعلومات كمورد اقتصادي حيث تعمل المؤسسات والشركات على استغلال المعلومات والانتفاع بها في زيادة كفاءتها وهناك اتجاه متزايد نحو شركات المعلومات لتعمل على تحسين الاقتصاد الكلي للدولة . الخاصية الثانية : هي الاستخدام المتناهي للمعلومات بين الجمهور العام . الناس يستخدمون المعلومات بشكل مكثف  في أنشطتهم كمستهلكين وهم يستخدمون المعلومات أيضا كمواطنين لممارسة حقوقهم ومسؤولياتهم ، فضلاً عن إنشاء نظم المعلومات التي توسع من إتاحة التعليم والثقافة لكافة أفراد المجتمع . وبهذا فإن المعلومات عنصر لا غنى عنه في الحياة اليومية لأي فرد . الخاصية الثالثة : هي ظهور قطاع المعلومات ، كقطاع مهم من قطاعات الاقتصاد. إذا كان الاقتصاديون يقسمون النشاط الاقتصادي تقليدياً إلى ثلاثة قطاعات هي :- الزراعة وهو ما كان يٌعرف بالمجتمع الزراعي المعتمد على الموارد الأولية الصناعة وهو كان يُعرف بالمجتمع الصناعي المعتمد على الطاقة المولدة مثل: الكهرباء ، الغاز والطاقة النووية، ثم الخدمات . علماء الاقتصاد والمعلومات يُضيفون إليها منذ الستينات من القرن الماضي قطاعاً رابعاً وهو قطاع المعلومات ، حيث اصبح إنتاج المعلومات ، وتجهيزها وتوزيعها (معالجتها) نشاطاً اقتصادياً رئيسياً في الكثير من الدول . هناك تحوّل جوهري من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلومات في أكثر أشكالها اتساعاً وتنوعاً ، وهي القوة الدافعة والمسيطرة . والبعض يقول إن مجتمع المعلومات هو المجتمع الذي تستخدم فيه المعلومات بكثافة كوجه للحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية  مجتمع المعلومات يعتمد في تطوره بصفة رئيسية على المعلومات والحاسبات الآلية وشبكات الاتصال ، أي إنه يعتمد على التكنولوجيا الفكرية تلك التي تضم سلعاً وخدمات جديدة مع التزايد المستمر للقوة العاملة المعلوماتية التي تقوم بإنتاج وتجهيز ومعالجة ونشر وتوزيع وتسويق هذه السلع والخدمات . إنه المجتمع الذي يعتمد اعتماداً أساسياً على المعلومات الوفيرة كمورد استثماري وكسلعة استراتيجية ، وكخدمة ، وكمصدر للدخل القومي وكمجال للقوى العاملة .
لقد قدّر الاتحاد الدولي للاتصالات بعيدة المدى : أن قطاع المعلومات قد نما على المستوى العالمي في عام 1994 بمعدل أكثر من 5% ، بينما كان نمو الاقتصاد العالمي بصفة عامة بمعدل أقل من 3%.
ثانيـًا  وكأهمية أخري - من وجهة نظري - لبحثنا في مجال تكنولوجيا المعلومات ونظمها فبشكل خاص في الوسط المهني المالي والمهن المرتبطة به : كالمراجعة والتحليل المالي ، والخدمات المصرفية والإئتمانية ، وأعمال الزكاة والضرائب والتحليل الفني وخدمات التعهيد ....... الي أخره.،  واعترافا بفضل مفاهيم نظم المعلومات في تطوير هذه المهن علي مستوي كبير :- أصبحت لتكنولوجيا المعلومات ونظمها المتعددة مساحة واسعة في المقررات الأكاديمية والعلمية والدورات المهنية والعملية لأي من المهن السالفة .
ثالثـًا وأخيرًا تتجلي  أهمية للبحث في هذا المفهوم تكمن في  أن أنظمة المعلومات في المنظمات يصاحبها إنفاق رأسمالي وإنفاق تشغيلي يتعلق بهذا الاستثمار،  وبالتالي لابد من عملية المواءمة بين هذه الاستثمارات والعوائد المتوقعة منها ، حتى تكون هنالك جدوى من هذه الاستثمارات .
 تلك الأهميات الثلاث :- (أ) أهمية المعلومات بشكل عام لما تقدمه من إفادات لمستخدميها ، (ب) وأهمية نظم المعلومات بشكل خاص في مجالنا المهني ، (ج) وأخيرا الأهمية التكاليفية في إنتاج هذه المعلومات من خلال دراسة جدوي نظم تشغيلها ومعالجتها دفعني ذلك للتفكير في اصطحابكم في رحلة متأنية علي مدي سلسلة مقالات ننشرها تباعا علي مجلتكم " مجلة المحاسب العربي " نطوف فيهال علي محطات للأبحار في هذا المفهوم الشيق :- نظم المعلومات .
المقالة الأولي :- مفاهيم أساسية لنظم المعلومات
النظام  (System):- يستخدم الكثيرون كلمة "نظام" بشكل نمطي في الحياة اليومية العادية للتعبير عن طريقة لأداء مهامهم الاعتيادية ، أو بشكل مهني في الحياة العملية فيقولون مثلا :- ((هذا نظام جيد )) .، ((نريد برمجة نظام جديد للشركة )) ويمكن تعريف النظام في إحدي صورة بأنه :- مجموعة إجراءات صممت لتحقيق هدف محدد مسبقا وتستخدم هذه الكلمة في نواحي ومجالات متعددة لكننا سنهتم بها علي النواحي المالية والتجارية . وفي تعريف أخر للنظام - ((Systemهو محموعه من العناصر أو المكونات المتداخله و المترابطه التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحقيق الهدف. و معظم الانظمه تتكون من أنظمه فرعيه و العكس صحيح ( أي الانظمه الفرعيه تكون أنظمه رئيسيه ) .
وبتعريف أكثر سهولة وكما يعرفه الكثيرون فالنظام هو تشغيل لمجموعة من البيانات للوصول إلي المعلومات ويصاغ هذا التعريف في المعادلة التالية :-  النظام  :- البيانات + تشغيل = معلومات وهذا التعريف الأقرب للتمهيد لمنجية بحثنا في هذا الموضوع والتي ستتركز في هدفها الاستراتيجي علي الفهم العميق لاستخدام قواعد البيانات وتطويرها وإضافات واجهات استخدام لها لمعالجة تشغيل بيانات مالية للوصول إلي المعلومات المفيدة لمستخدميها .
وهناك تطورات عدة علي مفهوم تكنولوجيا النظم بدأت بظهور نظم المعلومات الإدارية MIS)) ثم نظم المعلومات التي تستند إلي قواعد بيانات ، وعلي نظم وإدارة قواعد البيانات (DBMS) . ، وبفضل النجاح الذي حققته معظم هذه الأنظمة بدأ التركيز علي بناء وتطوير نظم معلومات تساهم بصورة مباشرة في عملية اتخاذ القرارات فظهرت بناء علي هذا التوجه نظم مساندة القرارات (Decision Support System) كأحد أهم أنواع نظم المعلومات المحاسبية ذات التوجه الكثيف نحو دعم وإسناد المدراء عند صنع واتخاذ القرارات الهيكلية وغير الهيكلية. وتتداخل تعريفات النظم وتطوراتها في مناطق متداخلة مع مفاهيم أخري  بدايتها الذكاء الاصطناعي  كمفهوم لوصف حدود التكنولوجيا المعلوماتية ، ومرورا بمفاهيم النظم الخبيرة والشبكات العصبية وربما انتهاء بتقنيات تحليل النظم وأدواته وسنتناول كل منهم بالتفصيل في مقالات تالية .
البيانات (Data) :- هي حقائق 1- تجمع 2- وتسجل 3- وتخزن 4- وتعالج من خلال نظام معلومات (IS ) و التي تعتبر كمواد خام للنظام . ويتم تجميع البيانات عن :-
§        الاحداث   ( العمليات التي تحدث )      Events
§        المصادر المتأثره بالحدث            Resources
§        الوكلاء الذين يشاركون في الحدث       Agents
فالبيانات تدفق لحقائق أوليه ( خام ) تمثل الاحداث مثل العمليات البيعية المجردة في الاعمال التجارية أيضا مثل بيانات العملاء المجردة نم اي معالجة فقط بيانات مجمعة ومسجلة ومخزنةعلي قاعدة بيانات وجاهزة للمعالجة فهي مادة خامة في صورتها الأولي ربما لا تكون مفيدة قبل معالجتها.
المعلومات ( (Information:- هي بيانات تم تنظيمها و معالجتها لاعطاء معنى مفيد لها لدى المستخدم فهي محموعه من الحقائق ذات المعنى و المفيده للناس في معاملاتهم مثل أتخاذ القرارات .، وهو ما يوضح لنا ارتقاء المعلومات علي البيانات درجة في طريق تحقيق الإفادة للمستهلك النهائي .
ففي مثالنا الخاص بنظام عملاء للشركة  "س" نجد ان الحقائق الخاصة بعملاء الشركة التي يعلمها محاسب الشركة (كالاسم والعنوان ورقم الاتصال  وراس المال ) تقف عند حد الحقيقة فإذا تدفقت علي الإدارة المالية للشركة بحكم كونها الإدارة الخاصة للتعامل معها (كمهمة موزعة علي نظام فرعي من النظام الرئيسي للشركة ككل ) إذا تدفقت هذه الحقائق علي الإدارة المالية مثلت بذلك بيانات وتحقيقا لأولي محددات النظم (والتنظيم ) نجد أن الإدارة ( التنفيذية المختصة وفي مثالنا الإدارة المالية ) يجب عليها تشذيب هذه البيانات وذلك بالسيطرة علي سيل تدفقها من خلال خطوات التعامل مع الحقائق لتحويلها الي بيانات جاهزة للمعالجة وهي:-  1- التجميع 2- التسجيل 3- التخزين تمهيدا للخطوة 4 وهي المعالجة من خلال نظام للمعلومات.
الأن أصبح تدفق الحقائق الخاصة بعملاء الشركة يتم تجميعه في إدارة واحدة مختصة ( بما يحقق المزايا الإقتصادية للتخصص ) ، ثم يتم تسجيله باستخدام أي من قواعد البيانات المتاحة لهذه الإدارة (وربما يتم تسجيلها دفتريا ولكننا نهتم بنظم المعلومات المحوسبة ) وهو ما يظهر لنا مفهوم جديد وهو قاعدة البيانات نتعرض له لاحقا. ، أخيرا وبعد التجميع والتسجيل يقف طموح البيانات علي الارتقاء وتسكن في مرحلة التخزين والتي عادة ما توفر قاعدة البيانات ضمانات كافية لاحجام تخزين عاليه ومستويات أمان مطمئنة . لتبدأ -إن أردت- مرحلة انتاج المعلومات.
v                ترقية البيانات بمعالجتها وأهم صفات المعلومات الجيدة :-
في حالة رغبة الحصول علي مستوي أعلي من الجودة المعلوماتية من الحقائق المجمعة والمسجلة والمخزنة في قاعدة بياناتك أنت في حاجة لاجراء معالجة ( تشغيل ) علي هذه البيانات لتحسين جودتها والجودة في المعلومات ويمكن وصف المعلومات بالجيدة إن حققت عدة معايير منها :- القابلية للفهم :- بحيث لا تكون قراءتها معقدة للمستخدم المنشود أو حتي العادي.،  الملاءمة:- Relevance وتكون المعلومات ملائمة عندما تؤثر على القرارات الاقتصادية للمستخدمين بمساعدتهم في تقييم الأحداث الماضية والحاضرة والمستقبلية أو عندما تؤكد أو تصحح تقييماتهم الماضية حيث أنها تقلل من حالة عدم التأكد عن طريق المساعده في التنبؤ بما سيحدث أو المصادقه على ما حدث بالفعل . ، المصداقيةوالإعتمادية:- Reliability  وتتسم المعلومات بالمصداقية إذا كانت خالية من الأخطاء الهامة والتحيز، وكان بإمكان المستخدمين الاعتماد عليها كمعلومات تعبر بصدق عما يقصد أن تعبر عنه أو من المتوقع أن تعبر عنه ويمكن أن تكون المعلومات ملائمة ولكن غير موثوق فيها بطبيعتها أو طريقة تمثيلها لدرجة أن الاعتراف بها يمكن أن يكون مضللاً . ، أيضا هناك محددات أخري لجودة المعلومات كالقابلية للمقارنة. والأهمية النسبية فلا يتم عرض بيان ذو أهمية متدنية بمساحة وفي ترتيب أسبق علي بيان أخر يفوقة أهمية . ومن المهم أن تتميز المعلومات بالقابلية للتحقق منها Verifiability :- أي أنه يوجد أجماع فكري على المعلومه بمعنى أن طبيعة المعلومه تكون بشكل يؤدي الى الوصول الى نفس النتائج عند أستخدامها من قبل أشخاص مختلفين .وأخيرا لابد أن تكون المعلومات المنتجة يمكن الوصول اليها Accessibility :- أي أنه يمكنك الحصول على المعلومه عندما تحتاجها و بالشكل الذي تريده.
إذا وفي مثالنا المطروح لبيانات العملاء ولو صغناه بصورة أكثر دقة فالمطلوب تجهيز نظام إداري لمعالجة بيانات العملاء المتدفقة للإدارة المالية للوصول بها إلي معلومات جيدة وفقا للمحددات السابقة . ، تطبيق هذا واستكمال شرح المفاهيم الأساسية في المقال القادم ...انتظرونا
محلل نظم
محمود حموده
محاسب قانوني وخبير ضرائب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة