حكم المحكمة الإدارية العليا :- شركات مساهمة


بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
 بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأستاذة محمد محمد عبد  المجيد ونصحي بولس وفارس ومحمد عزيز أحمد على وأبو بكر دمرداش أبو بكر    المستشارين
* إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 27 من مايو سنة 1976 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 475 لسنة 22ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالاسكندرية بجلستها المنعقدة في 31 من مارس سنة 1976 في الطعن رقم 28 لسنة 7ق المرفوع من وزارة التربية والتعليم ومدرية التربية والتعليم بالاسكندرية ضد السيد ………… الذي قضى بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وإلزام الإداري بالمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى ودفع المصروفات.

وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوى الشأن على النحو المبين في الأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وقد عين الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 11 من يونية سنة 1980 وفي 9 من يولية سنة 1980 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الرابعة – وحددت لنظره أمامها جلسة 22 من نوفمبر سنة 1980.
وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل في انه في 15 من مارس سنة 1976 أقام السيد / ………… الدعوى رقم 242 لسنة 14ق أمام المحكمة الإدارية بالاسكندرية ضد وزارة التربية والتعليم (مدرية التربية والتعليم بالاسكندرية) طلب فيها الحكم ببطلان الخصم من مرتبه وفاء لمبلغ 111.740ج ورد ما خصم دون وجه حق وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذكر انه عين بمدرية التربية والتعلم بالاسكندرية بالدرجة الثامنة المؤقتة (بدل مجند) اعتبارا من الأول من نوفمبر سنة 1962 ثم قدم استقالته من عمله في 2 من سبتمبر سنة 1963، ولما لم تقم وزارة التربية والتعليم بالرد عليه في المدة القانونية اعتبرت استقالته مقبولة قانونا وانتهت بذلك علاقته الوظيفية بهذه الوزارة وبعد ذلك التحق بشركة طنطا للزيوت والصابون لمدة ثلاثة اشهر تحت الاختبار بعقد يعتبر غير محدد المدة بعد انقضاء هذه المدة إلا أن الشركة قد أخطرته بايقافه عن العمل اعتبارا من 18 من يونية سنة 1964 حتى يعرض أمره على اللجنة الثلاثية ثم قررت الشركة بتاريخ 20 من يولية سنة 1964 بناء على قرار النيابة الإدارية بالاسكندرية بأن يعتبر معينا بالشركة اعتبارا من 5 من أكتوبر سنة 1963 أي بعد قضاء شهر من تقديم استقالته التي تعتبر مقبولة قانونا بمجرد فوات هذا الشهر وإزاء استمرار ايقافه وبناء على توجيه من الهيئة المدعى عليها ونظر لحاجته إلى مرتبه تقدم بطلب سحب استقالة في 29 من يونية سنة 1964 ووافقت الإدارة على ذلك واعيد للعمل بالوزارة في الأول من سبتمبر سنة 1964 بذات المدرسة واستلم راتبه من هذا التاريخ مع احتساب مدة الانقطاع غيابا بدون مرتب. وفي 22 من ديسمبر سنة 1964 أرسلت مدرية التربية والتعليم بالاسكندرية كتابا إلى المدرسة التي يعمل بها المدعى لخصم ما تقاضاه من الشركة التي كان يعمل بها وقدره 111.740ج من مرتبه وبدأ هذا الخصم فعلا اعتبارا من مرتبه شهر يناير سنة 1965 بواقع 2.5ج شهريا وأضاف المدعى انه لا سند لهذا الخصم من القانون لانه لم يقم بالاستيلاء على هذا المبلغ من ميزانية الوزارة المدعى عليها وفضلا عن ذلك فانه لم يجمع بين مرتبين خلال تلك المدة إذ انه تقاضى مرتبا من الشركة فقط وان آخر مرتب تقاضاه من الوزارة كان شهر أغسطس سنة 1963 وقد أفتى مجلس الدولة ببطلان هذا الخصم إلا إن الإدارة لم تلتفت إلى هذا الرأي وعقبت الجهة الإدارية قائله أن المدعى التحق اعتبارا من 31 من أكتوبر سنة 1962 بوظيفة مدرس تربية زراعية بالتعليم الابتدائي بمديرية التربية والتعليم بالاسكندرية، في الدرجة الثامنة الفنية المتوسطة. ثم تقدم باستقالته من الخدمة في 3 من سبتمبر سنة 1963 وانقطع عن عمله في ذات التاريخ والتحق بشركة طنطا للزيوت والصابون (شركة مساهمة مصرية) وطلبت مديرية التربية والتعليم بالاسكندرية من النيابة الإدارية التحقيق مع المدعى في هذا الشأن وقد انتهت في 8 من إبريل سنة 1964 إلى التوصية باتخاذ الإجراءات الكفيلة باقتضاء المبالغ التي تقاضاها المدعى من الشركة المذكورة في المدة من 3 من سبتمبر سنة 1963 حتى 3 من أكتوبر سنة 1963 إعمالا لحكم المادة 95/2 من القانون رقم 26 لسنة 1954 تأسيسا على أن علاقة المدعى بوزارة التربية التعليم قد انقطعت منذ 4 من أكتوبر سنة 1963 وبذلك يقتصر بطلان عقد العمل المبرم بينه وبين الشركة على الفترة من تاريخ التحاقه بخدمتها وهو لا يزال على علاقة بالوزارة حتى 4 من أكتوبر سنة 1963 تاريخ انتهاء هذه العلاقة بحكم القانون بمضي ثلاثين يوما على تاريخ تقديم الاستقالة، وفي 29 من يونية سنة 1964 تقدم المدعى بطلب التمس فيه إعادته إلى عمله وسحب استقالته السابق تقديمها، فوافقت الإدارة على عودته إلى عمله وحساب مدة انقطاعه غياب بدون أذن وقررت المديرية في 12 من يولية سنة 1964 حفظ المخالفات المنسوبة إلى المدعى لعدم الأهمية وذلك بعد الموافقة على عودته إلى عمله وتحصيل المبالغ التي حصل عليها من الشركة المشار إليها عن المدة من 3 من سبتمبر سنة 1963 حتى صدور قرار المديرية تأسيسا على أن علاقة المدعى بها لم تنته في أي وقت ومن ثم وجب تحصيل ما صرف إليه من الشركة طوال مدة خدمته بها طبقا للمادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 وبجلسة 27 من نوفمبر سنة 1967 حكمت المحكمة ببطلان الخصم من مرتب المدعى الصادر به قرار المدير العام لمديرية التربية والتعليم بالاسكندرية في 12 من يولية سنة 1964 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الإدارة بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن المدعى وقد قدم استقالته من عمله في 3 من سبتمبر سنة 1963 والتحق في ذات التاريخ بشركة طنطا للزيوت والصابون -وهى شركة مساهمة من شركات القطاع العام – فانه بذلك يكون قد جمع في الفترة من تاريخ تقديمه الاستقالة في 3 من سبتمبر سنة 1963 حتى تاريخ انقضاء الثلاثين يوما على تقديمها دون قبولها أو تقرير إرجاء البت في قبولها بين العمل في مديرية التربية والتعليم وفي الشركة المذكورة، بالمخالفة لحكم المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن الشركات المساهمة المعدل بالقانون رقم 155 لسنة 1955 التي تحظر الجمع بين الوظيفة العامة التي يتناول صاحبها مرتبا وبين العمل في إحدى الشركات المساهمة مع إلزام المخالف بأن يؤدى ما يكون قد قبضه من الشركة لخزانة الدولة، واردفت المحكمة قائلة أنه لا يجوز الخصم من مرتب المدعى استيفاء للمبلغ الذي حصل عليه من الشركة في المدة من 3 من سبتمبر سنة 1963 حتى 2 من أكتوبر سنة 1963 وذلك لان هذا المبلغ لا يندرج في المبالغ التي يجوز خصمها من مرتب الموظف وفقا لحكم القانون رقم 111 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له.
وفي يوم الأربعاء الموافق 24 من يناير سنة 1968 طعنت وزارة التربية والتعليم ومديرية التربية والتعليم بالاسكندرية أمام المحكمة الإدارية العليا في الحكم المذكور ضد السيد / ………… وطلبت الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه ببطلان الخصم من راتب المطعون ضده استيفاء لما قبضه من شركة طنطا للزيوت والصابون في الفترة من 3 من سبتمبر سنة 1963 إلى 3 من أكتوبر سنة 1963 ورفض دعوى المطعون ضده في هذا الخصوص مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين – وأقامت طعنها على أن مديونية المطعون ضده بما تقاضاه من الشركة المذكورة في الفترة من 3 من سبتمبر سنة 1963 حتى 3 من أكتوبر سنة 1963 مصدرها ما نصت عليه المادة 95 من القانون رقم 36 لسنة 1954 بشأن الشركات المساهمة، وأن واقعة الجمع بين عمله كموظف عام ابان هذه الفترة هي التي حققت هذه المديونية في جانبه وبذلك يكون قد أخل بواجبات وظيفته، وبالتالي يحق للحكومة استرداد ما تقاضاه من الشركة في الفترة المذكورة بالخصم من مرتبه بالحدود المقررة بالقانون رقم 111 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 43 لسنة 1962، وعملا بأحكام القانون رقم 86 لسنة 1969 بتعديل القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة أحيل الطعن إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة. وتنفيذا لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 38 الصادر في 6 من فبراير سنة 1973 أحيل الطعن إلى محكمة القضاء الإداري بالاسكندرية حيث قيد برقم 28 لسنة 7 القضائية.
وبجلسة 31 من مارس سنة 1976 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الإدارة بالمصروفات، وأقامت حكمها على أن المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه تحظر على العامل الذي يشغل إحدى الوظائف العامة التي يتقاضى عنها مرتبا من الدولة الالتحاق بالعمل بإحدى الشركات المساهمة على أي وجه من الوجوه طالما كان الالتحاق يخوله حق الحصول على اجر من الشركة لقاء عمله بها، وفي هذه الحالة يفصل من وظيفته ويلزم بأداء ما قد حصل عليه لقاء عمله بالشركة ابان قيام صفة الموظف العام به، والالتزام بالرد لا يكون إلا في حالة حصول العامل على مرتبين لقاء عمله بكل من الجهة الإدارية والشركة لأن قيامه بالعمل في إحدى الشركات المساهمة حالة كونه موظفا عاما يتقاضى مرتبا من الدولة إنما يمثل مخالفة إدارية تكفل المشرع بتحديد الجزاء عنها ومن ثم فان مجرد قيام صفة الموظف العام بالعامل لا تكفى بذاتها سببا في إلزامه برد ما حصل عليه من عمله بإحدى الشركات المساهمة وقت تمتعه بهذه الصفة بل يشترط أن يكون قد حصل على مرتب من خزانة الدولة بجانب الأجر الذي تقاضاه من عمله بالشركة المساهمة، وخلصت المحكمة إلى انه لما كان المدعى لم يحصل على مرتب من الدولة خلال مدة الثلاثين يوما التالية لتقديمه الاستقالة والتي كان يعتبر خلالها من الموظفين العموميين فمن ثم لا وجه لإلزامه برد ما حصل عليه من اجر خلال المدة من 3 من سبتمبر سنة 1963 إلى 2 من أكتوبر سنة 1963 لقاء عمله في الشركة المذكورة لأنه لم يجمع بين مرتبين خلال هذه المدة، وبالتالي يكون ما أجرته الإدارة من خصم جزء من مرتبه وفاء لما تقاضاه من هذه الشركة لا سند له من القانون ما يتعين معه القضاء ببطلان هذا الخصم ورد ما سبق خصمه إليه وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحظر المنصوص عليه في المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المشار إليه هو حظر للجمع بين وظيفتين وليس حظرا للجمع بين مرتبين وأية ذلك هو صريح نص الفقرة الأولى من هذه المادة التي تقضى بهذا الحظر سواء كان العمل بالشركة المساهمة باجر أم بغير اجر يضاف إلى ذلك أن الوظيفة العامة التي يسرى على شاغلها الحظر الذي نصت عليه هذه المادة التي تعين أن تكون إحدى الوظائف العامة التي يتقاضى صاحبها مرتبا أي وظيفة من الوظائف التي ترتب لشاغلها حقا في اقتضاء مرتبا من الدولة إذ إن وصف (يتناول صاحبه مرتبا) هو وصف للوظيفة ذاتها وليس لحال شاغلها، ومن ثم يسرى الحظر المنصوص عليه بتلك المادة وكافة أحكامها، إذا كان – العامل يشغل إحدى الوظائف العامة المشار إليها ولو كان لا يتقاضى مرتبها لأن سبب من الأسباب كما لو كان منقطعا عن العمل بدون اذن، وتأسيسا على ذلك فان المدعى وقد عمل بالشركة المذكورة في الفترة من 3 من سبتمبر سنة 1963 حتى 2 من أكتوبر سنة 1963 قبل أن تعتبر استقالته من وظيفته العامة مقبولة لذلك يكون قد خالف حكم المادة 95 سالفة الذكر ويتعين من ثم إلزامه بأن يؤدي إلى الخزانة العامة ما قبضه من الشركة خلال هذه المدة، وخصم ما قبضه من الشركة خلال هذه المدة، وخصم ما قبضه من اجر إعمالا لحكم القانون رقم 111 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 43 لسنة 1962 باعتبار أن مديونيته بهذا المبلغ قد نشأت بسبب يتعلق بادائه إعمال وظيفته العامة.
ومن حيث إن المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة معدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1955 تنص على انه لا يجوز الجمع بين وظيفة من الوظائف العامة التي يتناول صاحبها مرتبا وبين إدارة أو عضوية مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها أو الاشتغال ولو بصفة عرضية بأي عمل فيها ولو على سبيل الاستشارى سواء كان ذلك بأجر أم بغير أجر حتى ولو كان حاصلا من الجهة الإدارية التابع لها على ترخيص يخوله العمل خارج وظيفته العامة، ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء أن يرخص في الاشتغال بمثل هذه الأعمال بمقتضى أذن خاص يصدر في كل حالة بذاتها – ويفصل الموظف الذي يخالف هذا الحظر من وظيفته بقرار من الجهة التابع لها بمجرد تحققها من ذلك كما يكون باطلا كل عمل يؤدى بالمخالفة لحكم الفقرة السابقة ويلزم المخالف بأن يؤدى ما يمون قد قبضه من الشركة لخزانة الدولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح القانون فيما خلص إليه من أن التزام الموظف العام الذي يتناول مرتبا برد ما يكون قد قبضه من اجر لقاء عمله بإحدى الشركات المساهمة لخزانة الدولة طبقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة المعدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1955. ولا حجة في  القول بأن الفقرة الأولى من المادة المذكورة المعدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1955 قد حظرت الجمع بين وظيفتين ولم تحظر الجمع بين مرتبين بما مؤداه أن رد الموظف العام لما قبضه من الشركة المساهمة لخزانة الدولة مناطه أن يكون الموظف العام قد جمع بين وظيفته العامة وبين العمل في الشركة المساهمة حتى ولو لم يكن من حقه أن يتقاضى ثمة مرتبا من وظيفته العامة، لا حجة في ذلك لأن الفقرة الأولى من المادة 95 المشار إليها وان كانت واضحة الدلالة في أن حظر الجمع بين إحدى الوظائف العامة وبين العمل في الشركات المساهمة سواء باجر أم بغير اجر مشروط بأن تكون هذه الوظيفة العامة مما يتناول صاحبها مرتبا بما مفاده أن تناول المرتب وصف للوظيفة العامة المعنية بحظر الجمع حتى ولو لو يتناول شاغلها مرتبا فعلا، وهذا الفهم وان كان واردا في مقام حظر الجمع إلا انه ليس وارد في مقام الأثر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة المذكورة وهو إلزام المخالف بأن يؤدى ما قد قبضه من الشركة لخزانة الدولة. فدلالة النص في هذه الفقرة على إلزام الموظف العام برد ما يكون قد قبضه من الشركة المساهمة دون إلزامه هو أو الشركة المخالفة برد مقابل ما أداه الموظف العام من عمل بالشركة إذا كان عمله بغير اجر بفرض تحقق ذلك على ما أشار إليه المشرع في الفقرة الأولى من المادة المشار إليها، دلالة ذلك إن هذا الرد ليس مجرد جزاء بقدر ما هو ترتيب الآثار وجوب تكريس الموظف وقته وجهده لعمله الوظيفي لناتج عمله خارج نطاق وظيفته العامة. ولا يتأتى هذا بطبيعة الحال إلا في حالة استحقاق الموظف لمرتبه من الوظيفة العامة، أما إذا تخلف مبرر استحقاقه لمرتبه هذا انتفى بالتبعية مبرر استئداء اجره الذي قبضه مقابل عمله في الشركة المساهمة. والقول بغير ذلك يؤدى إلى نتيجة شاذة لا يمكن التسليم بها وهى تجريد الموظف من كل ما مورد رزق له وتركه عالة فلا يحصل على ثمة اجر لا من وظيفته العامة ولا من عمله بالشركة المساهمة، وهو ما يسلم به المشرع في الفقرة من المادة 95 فيما ارتاه من عدم وضع ثمة حظر على الجمع بين الوظيفة العامة التي لا يتناول صاحبها مرتبا وبين العمل في الشركات المساهمة ايثار منه بحق هذا الموظف العام في استثمار جهده ولو في شركة مساهمة بغية توفير العيش الكريم له ولآسرته حتى لا يصبح عالة يتكفف الناس احسانا. فإذا كان هذا هو اتجاه المشرع بالنسبة للوظيفة العامة التي لا يتناول صاحبها مرتبا فهو بالمقابل ولذات العلة أدعى بالنسبة للموظف العام الذي امتنع عليه بسبب ما استحقاقه لمرتب الوظيفة العامة شأن المدعى.
ومن حيث إن الثابت إن آخر مرتب صرف للمدعى هو مرتبه عن شهر أغسطس سنة 1963 وانه لم يستحق أي مرتب بعد تقديم استقالته من عمله في 3 من سبتمبر سنة 1963 بسبب انقطاعه عن العمل في هذا التاريخ وصدر قرار إعادته للخدمة ناصا على اعتبار مدة انقطاعه غيابا بدون مرتب، ومؤدى ذلك على ما سلف القول أن المدعى لا يكون ملزما برد ما حصل عليه من اجر من شركة طنطا للزيوت والصابون لقاء عمله فيها لأنه لم يجمع فيها خلال هذه المدة بين اجره من الشركة وبين أي مرتب من الحكومة وبالتالي يكون ما أجرته الإدارة من خصم من مرتبه يخالف حكم الفقرة الثانية المشار إليها ويجدر من ثم القضاء ببطلان هذا الخصم ورد ما سبق خصمه من مرتبه إليه.

ومن حيث انه لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى ذلك فقد تعين الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة