مقدمة
· والتقادم المسقط لا يقوم على قرينة الوفاء اكتر مما يقوم على وجوب احترام الأوضاع المستقرة التي مضى عليها من الزمن ما يكفى للاطمئنان إليها .
التقادم كسبب لانقضاء الالتزامات دون وفاء أو ما يعبر عنه " بالتقادم المسقط " يعنى أن مضى مدة معينة من الزمن دون أن يطالب الدائن مدينه بالدين الذي له فى ذمة هذا المدين يترتب على مضى هذه المدة أن ينقضي التزام هذا المدين بالوفاء لذلك الدائن ولا يحق له المطالبة بهذا الدين بعد ذلك .
· ويرتكز هذا النوع من التقادم على عدة اعتبارات الغرض منها حماية المصلحة العامة فاستقرار التعامل يقوم إلى حد كبير على فكرة التقادم ولنضرب مثلا إذا كان الدائن يستطيع أن يطالب مدينه بالدين مهما طالت المدة التي مضت على استحقاقه وكان على المدين أن يثبت براءة ذمته من الدين بعد أن يكون قد وفاه فعلا وحصل على مخالصة به أليس من الإرهاق أن نكلف المدين بالمحافظة على هذه المخالصة إلى وقت لانهاية له لكي يحتج بها في مواجهة كل من يطلب منه الوفاء بهذا الدين أليس واجبا لاستقرار التعامل أن يفترض في الدائن الذي سكت مدة طويلة عن المطالبة بدينه انه قد استوفاه فعلا أو على الأقل قد أبراء ذمة المدين من هذا الدين
· والتقادم المسقط لا يقوم على قرينة الوفاء اكتر مما يقوم على وجوب احترام الأوضاع المستقرة التي مضى عليها من الزمن ما يكفى للاطمئنان إليها .
· وقد اختلفت التشريعات حول المدة التي لا يستطيع بعدها الدائن أن يطالب مدينه بالدين الذي له في ذمته ؟
فيجب على المشرع حين يختار هذه المدة أن يراعى فيها ألا تكون طويلة إلى الحد الذي يرهق المدين ولا أن تكون قصيرة بالقدر الذي يباغت الدائن ويسقط حقه في وقت قصير .
وقد حدد المشرع الفرنسي هذه المدة وجعلها ثلاثين عاما ألا أن المشرع المصري قد جعلها خمسة عشرة سنة وهى مدة مستقاة من أحكام الشريعة الإسلامية فهي المدة التي لا يجوز بعدها سماع الدعوى في الفقه الاسلامى .
فإذا انقضت هذه المدة وادعى المدين براءة ذمته وأصر الدائن على المطالبة بالدين فأن الأولى بالرعاية هنا هو المدين لا الدائن وان لم يكن قد استوفى حقه ولم يكن قد أبراء ذمة مدينه منه فلا اقل من انه بسكوته هذا قد أهمل إهمالا جسيما لا عذر له فيه بسكوته هذه المدة .
· وان كان الأخذ بالتقادم المسقط في القانون الروماني(1) قد تأخر كثيرا في الظهور فقد كانت الدعاوى في هذا القانون إلى عهد بعيد أبدية لا تتقادم والدعاوى التي كانت مؤقتة بمدة معينة هي الدعاوى البريطوريه اذا كان البريطور يمنحها لمدة سنه واحدة إلى أن أصدر الإمبراطور ثيودوس قانونا معروفا قرر فيه أن الدعاوى تتقادم في الأصل بثلاثين سنه .
· من اجل هذه الاعتبارات السابق سردها شرع التقادم وقد أخذت به جميع الشرائع حتى التي لم تأخذ به بطريق مباشر فتسقط الدين بالتقادم أخذت به بطريق غير مباشر فتمنع سماع الدعوى بعد انقضاء مدة التقادم .
ولأهمية التقادم في المعاملات المدنية بين الأفراد فأننا أردنا أن نجمع القواعد الخاصة بالتقادم المسقط في هذا البحث راجيين من الله تعالى أن يوفقنا إلى سواء السبيل .
وعليه ستكون خطة دراستنا للتقادم في ثلاثة فصول على النحو التالي :-
- الفصل الأول : التعريف بالتقادم وبيان الأسس التي يقوم عليها
- الفصل الثاني : وقف وانقطاع التقادم
- الفصل الثالث : آثار التقادم
على التفصيل التالي .....المبحث الأول
التعريف بالتقادم وبيان أسس التي يقوم عليها
تعريف التقادم:
التقادم بشكل عام هو انقضاء الحق إذا مضت عليه مدة معينه دون أن يطالب به الدائن أو دون أن يستعمله صاحبه .
والتقادم بهذا المعنى يشمل الحقوق الشخصية والحقوق العينية ( ماعدا حق الملكية ) فهو بصدد الحقوق الشخصية يعنى انقضاء الالتزام إذا أهمل الدائن المطالبة به مدة معينة متى تمسك بذلك المدين .
الأسس المختلفة للتقادم:
التقادم في الواقع لا يقوم على أساس قانوني بحت إذ أن مضى مدة من الزمن لا يؤدى بذاته إلى إحداث اى تأثير قانوني فهو لا يؤدى إلى إكساب اى حق أو سقوطه مالم تضاف إليه عناصر أخرى ( كإهمال المطالبة في التقادم المسقط ) .
ولكن المشرعين لاعتبارات معينة اعتنقوا فكرة أن مضى مدة طويلة من الزمن يجب أن تؤدى إلى انقضاء حق الدائن أو انقضاء الدعوى التي تحميه إذا ظل ساكتا طوال هذه الفترة ولم يطالب به فالزمن يجب أن يمحو كل شيء
ومن الاعتبارات التي دعت المشرعين إلى إقرار هذا النظام :-
1) - قرينة براءة ذمة المدين من الدين
قيل أن التقادم يقوم على قرينه براءة ذمة المدين من الدين سواء لأنه قام بالوفاء به فعلا [ وهذا ما يسمى بقرينة الوفاء ] أو لان الدائن قد قام بإبراء المدين من الدين [ وهذا ما يسمى بقرينة الإبراء ] وألا لما سكت الدائن طوال هذه المدة عن المطالبة بدينه. أليس هذا دليلا على انه إما استوفاه فعلا أو انه أبراء المدين منه ؟
2) - رغبة المشرع في عدم إرهاق المدين
قيل أيضا أن أساس التقادم هو رغبة المشرع في عدم إرهاق المدين بمنع تراكم الديون عليه بحيث إذا تراكمت هذه الديون عليه لسنوات طويلة فأن المشرع ومنعا للتعسف والعنت يسقط عنها ما مضى عليه من الزمن مدة طويلة .
3) - ضرورة معاقبة الدائن المهمل
قيل أيضا أن التقادم يتأسس على فكرة وجوب معاقبة الدائن المهمل المتخاذل الذي ترك كل هذا الوقت يمضى دون أن يطالب بحقه .
وفى ذلك يجب أن يفضل القانون مصلحة المدين الذي لم يفعل ما يلام عليه على مصلحة الدائن المهمل .
فاستقرار العلاقات بين الأفراد داخل المجتمع يستوجب عدم السماح للدائن أن يطالب مدينه بعد فوات مدة طويلة من الزمن على استحقاق ذلك الدين , كما أن سكوت الدائن لفترة طويلة من الزمن يثير في الذهن فكرة انه استوفى حقه فعلا أو تنازل عنه أو أبرء المدين منه .
وإزاء هذه الاعتبارات فأن نظام التقادم يبدو ضرورة حتمية للمصلحة الاجتماعية " فكما يجب وضع حد للمنازعة في الحقوق وذلك بتقرير قوة الأمر المقضي , كذلك يجب وضع حد للمطالبة بالحقوق وذلك بتقرير مبداء التقادم "(2)
إلا أن هناك اعتراضات على نظام التقادم بدعوى انه قد يتضمن أحيانا تقنينا للنصب لان المدين على الرغم من انه لم يفي بالدين يستطيع إذا تمسك بالتقادم أن يؤدى إلى إخفاق مطالبة الدائن بحقه على الرغم من انه لم يستوف هذا الحق فعلا
وقد يبدو هذا الاعتراض صحيح ظاهريا الا انه ليس من شأنه إهدار كل قيمة للتقادم ذلك أن الفرض الذي يؤدى فيه التقادم إلى ضياع الحق على صاحبه نادر الحدوث والنادر لا حكم له .
كما أن من يشكو من ضياع حقه بسبب التقادم يمكن أن يقال له نفس هذا التقادم هو الذي سينقذه من التزامات يكون قد التزم بها أجداده منذ مئات السنيين فالغرم بالغنم .
· وعلى الرغم من إقرار المشرعين لفكرة التقادم إلا أنهم اختلفوا في تحديد هذه المدة والفكرة الهادية لهم في تحديدها هي ألا تكون أطول من اللازم بحيث ترهق المدين و ألا تكون اقصر من اللازم حتى لا تباغت الدائن وقد قدرها المشرع المصري في قاعدتها العامة بخمس عشرة سنه وهى المدة التي لا يجوز بعدها سماع الدعوى بعد فواتها في الفقه الاسلامى وحددها المشرع الفرنسي بثلاثين سنة كقاعدة عامه .المبحث الثاني
حساب مــدة التقادم وكيفية حسابها وبدء سريانها
سندرس في هذا المبحث كيفية حساب مدة التقادم وبدء سريانها وسندرس مدة التقادم في القانون المصري على النحو التالي .
المطلب الأول
كيفية حساب مدة التقادم وبدء سريانها
أ) كيفية حساب مدة التقادم :
تنص م / 380 من القانون المدني على انه " تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ولا يحسب اليوم الأول وتكمل المدة بانقضاء أخر يوم منها "
يخضع حساب مدة التقادم إلى العديد من القواعد البسيطة في حسابها التي تمثل القواعد العامة التي يخضع لها حساب المدد أيا كانت اى سواء تعلقت بمدد تقادم مسقط أو مكسب أو بمواعيد سقوط أو مواعيد مرافعات .
ومن هذه القواعد :-
1- أن المدة تحسب بالتقويم الميلادي لا الهجري وذلك عملا بالمادة 3 من التقنين المدني المصري التي تنص على أن " المواعيد تحسب بالتقويم الميلادي ما لم ينص القانون على غير ذلك "
2- أن المدة تحسب بالأيام لا بالساعات ( م/380 مدني ) لذلك فأن أجزاء اليوم لا تدخل في الحساب .
ومن هنا كانت القاعدة التي تقضى بأن اليوم الذي يحدث فيه الأمر المعتبر في نظر القانون هو اليوم الذي يبداء منه سريان التقادم والذي يعتبر نقطة البداية ولا يدخل في الحساب بل يبداء الحساب من اليوم الذي يليه وبالمقابل فأن المدة لا تكتمل إلا بانقضاء اليوم الأخير منها وهو يدخل في الحساب بحيث لا تعتبر المدة قد اكتملت إلا بانقضاء هذا اليوم .
3- عند احتساب مدة التقادم فأنه لا يعتد بعدد أيام الشهور أو عدد أيام السنين التي تقع خلال مدة التقادم إذ أن التقادم يحتسب من تاريخ معين دون الاعتداد بعدد الأيام الفعلية التي تقع خلال هذه المدة .
فإذا كانت مدة التقادم مثلا ثلاث سنوات وبدء فى السريان من يوم محدد وليكن 27/12/1990 مثلا فأن مدته تكتمل بانقضاء اللحظة الأخيرة من اليوم المناظر له بعد ثلاث سنوات اى 27/12/1993 دون أن نضع في الاعتبار عدد أيام السنوات التي وقعت خلال هذه المدة .
4- من المتفق عليه في الفقه والقضاء انه إذا تصادف وكان اليوم الأخير من أيام التقادم من أيام العطلات أو المواسم أو الأعياد فأن مدة التقادم تمتد إلى اليوم التالي أو إلى أول يوم يستطيع الدائن أن يتخذ فيه إجراء وهو ما يبرر بأن هذا الأمر يعد من قبيل القوة القاهرة التي توقف سريان التقادم لحين زوالها .
5- عند حساب مدة التقادم تضاف مدة الخلف إلى مدة السلف فإذا سكت الدائن عن المطالبة بحقه لمدة معينة ثم انتقل الحق إلى خلفه العام بالميراث أو إلى خلف خاص بجوالة حق فلا يتبقى أمام الخلف إلا المدة المتبقية لاكتمال مدة التقادم ذلك لان مدة الخلف قد ضمت إلى مدة السلف .
ب) مبداء سريان التقادم :
تنص المادة 381 من القانون المدني في شأن تحديد مبداء سريان التقادم على انه :-
1- لا يبداء سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص ألا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء .
2- وبخاصة لا يسرى التقادم بالنسبة إلى دين معلق على شرط واقف إلا من الوقت الذي يتحقق فيه الشرط وبالنسبة إلى ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق الذي يثبت فيه الاستحقاق وبالنسبة إلى الدين المؤجل إلا من الوقت الذي ينقضي فيه الأجل .
3- إذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفا على إرادة الدائن سرى التقادم من الوقت الذي يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته .
فالقاعدة العامة التي تحكم مبداء سريان التقادم هي أن التقادم لا يبداء في السريان إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء لأنه قبل هذا التاريخ لم يكن في استطاعة الدائن أن يطالب بالدين ومن ثم لا يكون ممكنا أن يبداء تقادمه في السريان أما إذا حل هذا التاريخ وأصبح بوسعه المطالبة بالدين كان من العدل أن يبداء التقادم في السريان .
وهذه القاعدة العامة تقودنا إلى العديد من الحلول التفصيلية التي لا تعد إلا مجرد تطبيقات لها والتي حرص المشرع رغم ذلك على النص عليها وهذه التطبيقات هي :-
1- إذا كان الدين معلقا على شرط واقف فأن تقادمه لا يبداء في السريان الا من اليوم الذي يتحقق فيه الشرط لانه لايكون معلوما ما اذا كان الشرط سيتحقق فيصبح الدين مستحقا ام سيتخلف فلا يكون كذلك .
2- اما اذا كان الدين معلقا على شرط فاسخ فأن تقادمه يبداء في السريان من تاريخ استحقاقه اى قبل تحقق الشرط الفاسخ لأن هذا الدين يكون مستحق الاداء منذ وجوده إلى أن يتحقق الشرط فأذا تحقق الشرط زال الالتزام بأثر رجعى ولذلك فأنه اذا اكتملت مدة التقادم قبل تحقق الشرط سقط الالتزام بالتقادم سواء تحقق الشرط ام لم يتحقق .
3- واذا كان الدين مضافا إلى اجل واقف فأن تقادمه لايبداء في السريان الا منذ حلول الاجل بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه .
4- واذا كان الدين الدين مقسطا فأن كل قسط فيما يتعلق بالتقادم يعتبر دينا مستقلا ويسرى تقادمه من وقت حلول اجله .
وكذلك الحال بالنسبة للديون الدورية المتجددة كالفوائد والأجرة فكل دين يحل منها و يبداء تقادمه في السريان من وقت حلوله .
لمطلب الثاني
تحديد مدة التقادم
في تحديد مدة التقادم نجد أن هناك قاعدة عامة حدد على اساسها فترة زمنية معينة وورد عليها العديد من الاستثناءات .
وسوف نعالج كلا من القاعدة واستثنائتها في فرع مستقل لكل منهما .
الفرع الأول
القاعدة العامة
القاعدة العامة أن مدة التقادم خمسة عشرة سنة وقد قررتها المادة 374 من القانون المدني حين نصت على أن " يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون ........... "
ومدة الخمسة عشرة سنة هذه روعى في تحديدها امرين :
الأول : انها مستمدة من الشريعة الاسلامية حيث لاتسمع فيها الدعوى عند الانكار بعد فوات المدة .
الثاني : انها في تصور المشرع مدة معقولة فهى ليست بالطويلة التي ترهق المدين ولا بالقصيرة التي تباغت الدائن بسقوط حقه .
ويترتب على اعتبار هذه المدة كقاعدة عامة في مدد التقادم انها تكون المدة المتطلبة حين لا يحدد المشرع مدة اخرى لتقادم حق معين ويقوم التقادم المسقط المقرر بمقتضى القاعدة العامة ليس على قرينة الوفاء ولا على الرغبة في عدم ارهاق المدين بمنع تراكم الديون عليه ولكن على اعتبارات متعلقة بالنظام العام وهى تجنب النظر في المنازعات التي يصعب الفصل فيها وحماية الاوضاع المستقرة لذا يجوز للمدين أن يتمسك بهذا النوع من التقادم ولو اقر بعدم الوفاء بالدين
الفرع الثاني
الاستثناءات على القاعدة العامة للتقادم(3)
اورد المشرع على القاعدة العامة في مدد التقادم نوعين من الاستثناءات :
اولهما : الاستثناءات الواردة بالمادة 375 من القانون المدني
ثانيهما : الاستثناءات الواردة بنصوص اخرى سواء وردت في القانون المدني أو غيره .
الااننا سوف نقصر بحثنا على النوع الأول من الاستثناءات وهى :-
1 – التقادم الخمسى .
2 – التقادم الثلاثى .
3 – التقادم الحولى .
وذلك على التفصيل التالي ,
1- التقادم الخمسى :
وبمقتضاه يتقادم الحق بمضى خمس سنوات ويخضعلهذا النوع من التقادم الحقوق التالية :
- الحقوق الدورية المتجددة
- حقوق بعض اصحاب المهن الحرة
- تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة
أ)- الحقوق الدورية المتجددة :
تنص المادة 385 مدن على أن " يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولو اقر به المدين كأجرة المبانى والاراضى الزراعية ومقابل الحكر كالفوائد والايرادات المرتبة والمهايا والاجور والمعاشات و يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية ولا الريع الواجب على ناظر الوقف اداؤه للمستحقين الابانقضاء خمسة عشرة سنة " .
ولكى نطبق نص المادة 375/1 مدني بما تحويه من تقادم خمسى للديون فأننا يجب أن نكون بصدد دين دورى متجدد ويجب أن تجتمع للدين هاتين الصفتين في ذات الوقت لكى يخضع لحكم التقادم الخمسى بحيث اذا انتفى احدهما لما خضع له
· ويقصد بالدورية (4) أن يستحقالدين في مواعيد متتالية سواء زادت أو قلت عن سنة كما لو كان مستحقا كل اسبوع ( كأجرة بعض العمال ) أو شهر ( كأجرة الاراضى الزراعية ) أو ثلاثة اشهر أو سنة أو اقل أو اكثر .
ويلاحظ انه أن كان تواتر الدورية غير مهم الا انه من المهم أن يكون هناك انتظام في هذا التواتر فيشترط أن يكون مستحقا وبانتظام والدورية قد يكون مصدرها الاتفاق كما في الاجرة والمرتب أو القانون كما في الفوائد القانونية والمعاشات والنفقات
· ويقصد بالتجدد أن يكون الدين مستمرا بطبيعته لا ينقطع مادامت العلاقة القانونية المنشئة له قائمة بحيث أن ما يؤدى منه لاينتقص من اصله ومن امثلة ذلك فوائد الديون فهى تستحق بصفة متكررة منتظمة دون أن يؤدى الحصول عليها إلى المساس بأصل الدين .
وصفة التجدد هذه تؤدى إلى استبعاد الدين الذي يتم الوفاء به على شكل اقساط من نطاق التقادم الخمسى لفقدانه لصفة التجدد ذلك لان الوفاء بقسط من الاقساط يؤدى إلى الانتقاص من اصل الدين ولذلك فأن هذه الديون يتقادم كل قسط منها بمضى خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاقه .
واذا كان توافر صفتى الدورية والتجديد في الدين امرا ضروريا لخضوعه للتقادم الخمسى فهو في ذات الوقت امرا كافيا اذ لا يتشترط فوق ذلك اى شرط اخر .
** اساس تقادم االحقوق الدورية المتجددة(5) و نتائجه:
يقوم هذا النوع من التقادم ومنذ بداية نشأته على رغبة المشرع في التخفيف على المدين لانه يدفع هذه الحقوق الدورية المتجددة من ريعه الدورى المتجدد فأذا اهمل الدائن المطالبة بها لمدة طويلة وتراكمت على المدين وترك ام تقادمها للقاعدة العامة لتعذر عليه الوفاء بها الا بالتصرف في رأس المال وهو ما قد يوقع المدين في الافلاس ويلحق به الخراب فهذه الديون تدفع من الريع فلا يجب أن تستهلك رأس المال .
ويترتب على هذا الاساس للتقادم أن المدين يستطيع أن يتمسك به حتى لو اقر بأنه لم يوف بالدين وهذا هو الحكم الذي قررته المادة 375 مدني
** استبعاد بعض الديون من نطاق التقادم الخمسى :-
يستبعد من نطاق التقادم الخمسى الديون الاتية :
1- الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية .
2- الريع الواجب على ناظر الوقف اداؤه للمستحقيين .
ويرجع السبب في استبعاد هذه الديون إلى انها ليست دورية ولا متجددة ومن ثم لا ينسحب عليها حكم التقادم الخمسى بحسب الاصل اى دون حاجة لان يفرد المشرع نص خاص لهذا الاستبعاد ولكن المشرع اثر أن ينص على هذا الاستبعاد بشكل خاص حتى يحسم هذا الخلاف الذي ثار حول تقادم هذه الديون .
ب)- تقادم حقوق بعض اصحاب المهن الحرة :
تنص المادة 376 مدني على انه " تتقادم بخمس سنوات حقوق الاطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والاساتذة والمعلميين على أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما ادوه من عمل من اعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات "
ولكى تتقادم هذه الحقوق لابد من توافر شرطين هما :
الأول : أن يكون صاحب الحق من الاشخاص الذين عددتهم المادة 376 على سبيل الحصر .
وهؤلاء الاشخاص قد وردا على سبيل الحصر وبالتالى فاذا ثبت أن الحق لصاب مهنة خلاف اصحاب المهن الواردة بالمادة 376 فأنه لايخضع للتقادم الخمسى وانما يخضع للقاعدة العامة التي تقرر التقادم بخمسة عشرة سنة مالم يكن خاضعا لاستثناء اخرى .
الثاني : أن تكون هذه الحقوق واجبة لاصحابها عما ادوه من عمل من اعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات تطلبها اداء هذا العمل .
يلاحظ من هذه المادة أن ما يتقادم خمسيا ليس فقط المقابل الذي يستحقه صاحب المهنة عما ادوه من عمل ولكن ايضا ما تكبده من مصروفات اقتضاها اداء العمل كمصروفات نقل المريض واقامته تحت اشراف الطبيب ومصروفات التحاليل الطبية والادويه وما يستحقه المحامى من رسوم قضائية قام بدفعها عن الموكل .
اما أن كان صاحب المهنة لا ينطبق عليه الوصف المتقدم فهو لايخضع للتقادم الخمسى بل للتقادم وفقا للقاعدة العامة .
· بدء سريان تقادم هذه الحقوق:
تنص م 379 /1 مدني على أن يبداء سريان التقادم في الحقوق المذكورة في المادتين 379 و 378 من الوقت الذي يعم فيه الدائنون تقادماتهم ولو استمروا """"""""""""""""""""""
فالواضح من نص هذه المادة أن الوقت الذي يبداء فيه سريان التقادم هو الوقت الذي يتم فيه اداء الخدمة أو العمل وفى حالة تكرار الاداءات فأن كل دين يعتبر قائما بذلته عن باقى الديون التي تكون بين الطرفين .
· اساس هذا التقادم :
يستند التقادم في هذا النوع من الديون إلى قرينة الوفء فالعادة قد جرت على اقتضاء الاشخاص الذيين عددتهم المادة 376 مدني عقب اداء خدماتهم فاذا مضت خمس سنوات على اداء الخدمة فالذى يغلب على الظن هو أن الشخص قد اقتضى حقه فعلا .
*** ويترتب على الاستناد إلى قرينة الوفاء الاتى :-
1- انه يكفى أن يتمسك المدين بالتقادم حتى ينقضى الدين ولا يصح أن توجه اليه اليمين بأن ذمته لم تعد مشغولة بالدين .
2- أن المدين اذا اتى عملا يتعارض مع دلالة قرينة الوفاء فلا يجوز له وقد هدمها أن يتمسك بها .
3- أن هذا النوع من التقادم غير قابل للوقف ذلك لأان الوقف علته أن لا يكون الدائن قادرا على المطالبة بحقه .
ج)- تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة وفقا للقانون 646 لسنة 1953
كانت المادة 377 مدني تقضى بأن " تتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة ويبداء سريان هذا التقادم من نهاية السنة التي دفعت بغير حق ويبداء التقادم من يوم دفعها " .
الا أن المشرع رأى أن هذه المدة وامام ضغط العمل على الجهات المنوط بها تحصيل الضرائب تبدو قصيرة مما يهدد حقوق الدولة بالضياع .
فجاء القانون 646 لسنة 1953 ومد هذه المدة إلى خمس سنوات مالم ينص في القانون على مدة اطول من ذلك .
· اساس هذا التقادم :
يقوم هذا النوع من التقادم على قرينة عدم ارهاق المدين واثقال كاهله بتراكم الديون عليه فيجوز له التمسك به ولو بداء بالمنازعة في التزامه بها .
2- التقادم الثلاثى :
ويتقادم الحق وفقا لهذا النوع بثلاث سنوات ويتقادم بهذه المدة ما دفع من ضرائب ورسوم بغير وجه حق .
# تقادم الحق في استرداد ما دفع من ضرائب أو رسوم بغير وجه حق .
تنص المادة 377/2 مدني على أن " يتقادم بثلاث سنوات ايضا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبداء سريان التقادم من يوم دفعها "
- وتتضمن هذه المادة حكمان :
الأول : أن الحق في استرداد ما دفع من ضرائب أو رسوم بغير حق يتقادم بثلاث سنوات .
الثاني : أن هذا التقادم يبداء في السريان من يوم دفع الضرائب أوالرسوم بغير حق
3- التقادم الحولى ( السنوى ):
تنص المادة 378 مدني على انه " تتقادم بسنة واحدة الحقوق الاتية :
1- حقوق التجار والصناع عن اشياء وردوها لاشخاص لايتجرون في هذه الاشياء وحقوق اصحاب الفنادق والمطاعم عن اجر الاقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم .
2- حقوق العمال والخدم والاجراء من اجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات .
ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على انه ادى الدين فعلا وهذه اليمين يوجهها القاضى من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو اوصيائهم أن كانوا قصرا بانهم لايعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء "
أ) حقوق التجار والصناع عن اشياء وردوها لاشخاص لا يتجرون فيها :
ومن ذلك ما يورده البقال أو الجزار أو صاحب الملابس أو الاحذية لعملائه
ويشترط لخضوع الحق لهذا التقادم :
1- أن يكون صاحب الحق تاجرا أو صانعا بالمعنى المتعارف عليه قانونا.
2- أن تكون الاشياء التي وردها التاجر أو الصانع متعلقة بتجارته أو صناعته .
3- أن تورد هذه الاشياء إلى اشخاص لا يتجرون فيها .
ب) حقوق اصحاب الفنادق والمطاعم عن اجر الاقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم :
ويبداء سريان تقادم كل حق منذ أن تكون له ذاتيته المستقلة وهو يعتبر كذلك بالنسبة لاصحاب الفنادق عند انتهاء اقامة العميل بالفندق فمنذ هذا الوقت يبداء التقادم في السريان وبالنسبة لاصحاب المطاعم عقب انتهاء العميل من تناول الطعام والشراب .
ج) حقوق العمال والخدم و الاجراء من اجور يومية و غير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات :
- العمال هم عمال المصانع و المتاجر و المزارع
- الخدم و الاجراء هم خدم المنازل وعمال الفنادق والمطاعم كما يندرج في الاجراء ضغار الصناع كالسباك والحداد والنجار وميكانيكى السيارات
فكل هؤلاء أن كان الحق يدفع لاى منهم فة مواعيد دورية كيوم أو اسبوع أو شهر فهو يتقادم وفقا لميعاد استحقاقه اما أن كان الحق يدفع له عن خدمة عارضة فهو يستحق بمجرد الانتهاء من العمل ويبداء تقادمه من هذا الوقت .
** وجوب حلف اليمين كشرط للحكم بالتقادم :-
يقوم التقادم الحولى على اساس قرينة الوفاء الا انها قرينة ضعيفة , ذلك أن المألوففى التعامل أن يتقاضى هؤلاء الاشخاص حقوقهم بمجرد استحقاقها فاذا مضت سنة دون المطالبة بها فالراجح عقلا انهم يكونوا قد استوفوها فلا يطالب المدين بتقديم ما يثبت براءة ذمته خاصة وان العادة لم تجر على الحصول على مخالصات من مثل هؤلاء الدائنيين .
ونظرا لان هذه القرينة ضعيفة فقد اوجب المشرع على القاضى أن يوجه من يتمسك بالتقادم يمينا معينة يترتب عليها اثرا معينا .
ويختلف مضمون هذه اليمين حسب ماذا كان المتمسك بالتقادم هو المدين ذاته أو ورثته :-
- فاذا كان المتمسك بالتقادم هو المدين تسمى " يمين الاستيثاق " ويكون مضمونها أن المدين ادى الدين فعلا .
- اذا كان المتمسك بالتقادم هم ورثة المدين فأن اليمين توجه اليهم و تسمى " يمين العلم " ومضمونها انهم لا يعلمون بوجود الدين أو بحصول الوفاء .
واليمين في الحاتيين وجوبية على القاضى فيلتزم بتوجيهها من تلقاء نفسة
** ويترتب على حلف اليمين احد اثران :
1- اما أن يحلف المدين أو ورثته انه ادى الدين اولا يعلمون بوجوده فينبغى على القاضى أن يحكم بانقضاء الدين بالتقادم .
2- اما أن ينكل من وجهت اليه اليمين عن الحلف وفى هذه الحالة يثبت الدين في ذمته ويحكم عليه به ويلتزم بالوفاء به ولا يتقادم بعد ذلك الا بمرور خمسة عشرة سنة من تاريخ صدور الحكم أو من وقت النكولاذا لم يصدر حكم .
الا انه في جميع الاحوال فأن هذه اليمين قاصرة على التقادم الحولى فقط ولا يمتد لاى تقادم اخر .
الفصل الثاني
الوقف والانقطاع
سوف نعالج في هذا الفصل حالات وقف وانقطاع التقادم وتحديد المقصود بكل منهما والاثر المترتب عليهما على التفصيل التالي
المبحث الأول
وقف التقادم
وفى دراستنا لوقف التقادم فأننا سوف نتكلم عن الاتى
- تحديد المقصود بوقف التقادم واثره
- اسباب وقف التقادم
اولا : تحديد مفهوم وقف التقادم واثره:
يقصد بوقف التقادم التعطل أو التوقف المؤقت لحساب مدته والتى يمكن أن تعود إلى السريان حينما تزول الاسباب التي ادت إلى الوقف فلا تدخل في حساب مدة التقادم الفترة التي كان موقوفا بحيث اذا عاد إلى السريان ضمت المدة السابقة على الوقف إلى المدة اللاحقة عليه مع عدم احتساب المدة التي كان موقوف خلالها وهو ما يمكن تشبيهه مجازا بعقارب الساعة التي تتوقف للحظة معينه والتى يمكن أن تعاود سيرها من ذات مكان التوقففى اية لحظة بمجرد زوال السبب الذي ادى إلى وقفها ومن هنا نستطيع القول أن الوقف يصيب التقادم " بشلل مؤقت" أو يجعله في حالة " رقود أو نوم "
** التمييز بين وقف التقادم وتأخير سريان التقادم .
قد يحدث من الاسباب ما يوقف سريان التقادم بعد أن يكون قد بدأوعند ذلك لاتحسب المدة التي وقف فيها سريان التقادم وتحسب المدة التي سبقت والمدة التالية فالوقف يفترض أن التقادم قد بدأ سريانه ثم وقف لسبب معين اما تأخير سريان التقادم فيفترض أن التقادم لم يبدا سريانه لعدم استحقاق الدين وسيبدأ السريان بمجرد الاستحقاق .
ولكن من الجائز أن يقوم سبب يوقف سريان التقادممنذ البدايةاى قبل أن يبدأ السريان فعندئذ يختلط وقف سريان التقادم بتأخير سريانه .
ثانيا : اسباب سريان التقادم:
تنص المادة 382 مدني على أن :-
1- لايسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع ادبيا وكذلك لايسرى التقادم فيما بين الاصيل و النائب
2- لايسرى التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الاهلية أو في حق النائب أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جنائية اذا لم يكن له نائب يمثله قانونا .
ومن هذا النص يتضح لنا أن اسباب وقف التقادم في القانون المصري ترجع إلى نوعيين :
الأول : سبب عام لوقف التقادم ( لايسرى التقادم في مواجهة من لا يستطيع المطالبة )
الثاني : سبب خاص لوقف التقادم ( الاهلية )
الفرع الأول
السبب العام لوقف التقادم
ويقصد بالسبب العام هنا هو السبب الذي يؤدى إلى وقف التقادم ايا كانت مدته وفقا لنص المادة 382/1 مدني " ولا يسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع ادبيا .."
وبذلك وضع المشرع قاعدة عامة تقضى بوقف التقادم كلما وحد مانع يتعذر معه على الدائن المطالبة بحقه ايا كان هذا المانع وهو بذلك يكون قد اخذ بالقاعدة التقليدية في مجال وقف التقادم والتى تقضى بأنه لا يسرى التقادم في مواجهة من لا يستطيع المطالبة .
والواضح من نص المادة سالفة الذكر أن التقادم يوقف حين " يتعذر " وليس يستحيل معه المطالبة بحقه ايا كان هذا المانع ولا يشترط في المانع أن يصل إلى مرتبة القوة القاهرة التي تجعل المطالبة مستحيلة اذ هو يتوافر اذا جعل المطالبة متعذرة .
ومن هذه الموانع :-
1- المانع الادبى :
حرصت المادة 382/1 مدني على النص على هذا المانع صراحة ولازالة اى شك قد يثور حوله ونصت على تطبيق من تطبيقات هذا المانع وهو ( لايسرى التقادم فيما بين الاصيل والنائب ) .
ويقوم هذا المانع على العلاقة بين الدائن والمدين والتى تجعل من المتعذر على الدائن أن يطالب مدينه بالدين والا تعكر صفو هذه العلاقة .
لذلك قرر القانون وقف التقادم باعتبار هذا التعذر طالما بقيت هذه العلاقة قائمة ويدخل في هذا المانع العلاقة بين الزوجين وهى تعد مانع ادبيا لاى منهما أن يطالب الاخر بحقه كذلك العلاقة بين الاصول والفروع وكذلك علاقة القرابة والعلاقة بين المخدوم والخادم مادامت علاقة الخدمة قائمة والعلاقة بين الولى ا و الوصى أو القيم بالمحجور مادام الحجر قائما .
ففى كل هذه الاحوال يقف سريان التقادم في الحقوق التي لاى طرف على الاخر انتظارا لتصفية العلاقة القائمة اذ لا يحسن أن يقاضى احد الطرفين الاخر مع وجود علاقة بينهما تقوم على الثقة والائتمان .
2- المانع المادى :
وقوامه توافر ظروف مادية تجعل من الصعب على الدائن أن يطالب بحقه من ذلك قيام حرب مفاجئة أو نشوب فتنه أو اعلان الاحكام العرفية اذا كان شيء من هذا القبيل قد منع المحاكم من مباشرة عملها فلا يتمكن الدائن من المطالبة القضائية بحقه من ذلك ايضا انقطاع المواصلات بحيث لايتمكن الدائن من اتخاذ الاجراءات اللازمة للمطالبة بحقه وكذلك الغيبة الاضطرارية لسجن أو اسر
كذلك اعتبرت المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدى للقانون المدني حالة اتحاد الذمة كمانع مادى يؤدى إلى وقف التقادم طوال فترة قيلمه لاستحالة أن يطالب المرء نفسه فاذا زال سبب اتحاد الذمة باثر رجعى فلا تحسب المدة التي يظل فيها اتحاد الذمة قائما .
كذلك ايضا ارتباط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية فلو فرض أن جناية لاتسقط الدعوى الجنائية الناشئة عنها الا بعشر سنوات من وقوعها اما دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع فأنها تسقط بأنقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه .
فلو فصلنا بين مدتى التقادم لنتج عن ذلك موقف شاذ هو سقوط الدعوى المدنية بثلاث سنوات قبل سقوط الدعوى الجنائية بعشر سنوات فيكون من الممكن ايقاع عقوبة على الجانى بعد انقضاء ثلاث سنوات اذ تكون الدعوى الجنائية لم تتقادم دون التمكن من الزامه بالتعويض اذ تكون الدعوى المدنية قد تقادمت .
لذلك فأن المشرع اراد أن يتفادى ذلك فنص في هذهالحالة على أن لا تتقادم الدعوى المدنية بثلاث سنوات وانما تبقى قائمة مع الدعوى الجنائية ولا تسقط الا بسقوطها ....
3- المانع القانونى :
وقوامه أن يوجد نص يمنع الدائن من رفع الدعوى ولو لقطع التقادم
ومثال ذلك ما اذا تمسك القاصر بعد بلوغه سن الرشد بابطال التصرف الذي ابرمه وهو قاصر فأنه يتعين عليه أن يرد ما عاد عليه من نفع بسبب تنفيذ العقد ( مادة 42/2 مدني ) .
وهذا الالتزام بالرد لايبداء تقادمه الا من يوم أن يقضى بالبطلان ذلك لان الدائن لم يكن يستطيع قبل ذلك أن يطالب بتنفيذ الالتزام بالرد لوجود استحالة قانونية تمنعه من ذلك .
الفرع الثاني
السبب الخاص لوقف التقادم
نصت المادة 382/2 مدني على أن " لايسرى التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق لا تتوافر فيه الاهلية أو في حق الغائب أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جناية اذا لم يكن له نائب يمثله "
وعليه فأنه يشترط لوقف التقادم اعمالا لنص هذه المادة ضرورة توافر الشروط الاتية :-
1- أن يكون التقادم ساريا في حق شخص من الاشخاص الذين عددتهم المادة 382/2 على سبيل الحصر وهم :
أ)- من لا تتوافر فيهم الاهلية ويقصد بهم جميع الاشخاص الذين بسبب عدم اكتمال اهليتهم واخضعهم ا لقانون لنظام الولاية على المال واقام لهم " نائبا " لرعاية مصالحهم وهم الصبى غير المميزوالصب المميز ( القاصر ) والمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة .
ب)- الغائب ويقصد به وفقا لنص م / 74 من قانون الولاية على المال هو الذي توافرت بصدده الشروط التي تجيز للمحكمة أن تعين له وكيلا اما الغائب الذي لاتتوافر فيه هذه الشروط فيمكن اعتبار غيابه مانعا ماديا ينطبق عليه نص المادة 382/1 مدني .
ج)- المحكوم عليه بعقوبة جناية .
2- أن تزيد مدة التقادم على خمس سنوات وبمراعاة مدد التقادم المعروفة في قانوننا وبالتالى فأن هذا السبب للوقف لا ينطبق الا على التقادم الطويل ( اى التقادم بخمس عشرة سنة ) فلا مجال لاعماله بصدد التقادم الخمسى أو الثلاثى أو الحولى .
وقد جاء بالمذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدى للقانون المدني تبريرا لهذا " أن الغرض من التقادم الخمسى هو درء خطر تراكم الديون الدورية المتجددة وليس بتأثير هذا الفرض بما يتصل بشخص الدائن من اوصاف ولو كان القصر من بينهاثم أن ما يسقط من الحقوق بأنقضاء خمس سنوات يتهافت تهافتا يمتنع معه التسليم بوقف سريان المدة ........ اما التقادم الحولى فقد بنى على قرينة الوفاء وهى تظل سليمة الدلالة ولو كان الدائن قاصرا "
3- الا يكون لمن لا تتوافر فيه الاهلية ( أو من في حكمه ) نائب يمثله قانونا .
واذا كان لاى من هؤلاء من ينوب عنه قانونا فأنه يقع على عاتق هذا الغائب المطالبة بحقوق من ينوب عنه قانونا فالامر يقتضى وقف التقادم لصالحه , ذلك أن الدائن في هذه الحالات ليس لديه من حسن الادراك أو من الوسائل المادية مل يمكنه من المطالبة بحقوقه .
واذا اوقف التقادم بسبب عدم توافر الاهلية ( أو ما في حكمه ) ظل موقوفا حتى يعين لناقص الاهلية وصى أو قيم أو وكيل أو حتى يزول السبب بأكتمال الاهلية أو بعودة الغائب أو بتنفيذ عقوبة الجناية .
عل انه يلاحظ هنا أن سبب وقف التقادم لمصلحة ناقص الاهلية هو سبب شخصى متعلق به لايتعداه إلى غيره من كاملى الاهلية الذين يسرى التقادم في حقهم مادام أن محل الالتزام قابل للانقسام .
** الاثر الذي يترتب على وقف التقادم :-
متى وقف سريان التقادم لسبب أو لاخر من الاسباب التي تقدم ذكرها فأن الاثر الذي يترتب على وقف التقادم واضح ذلك أن المدة التي وقف سريان التقادم في خلالها لاتحسب ضمن مدة التقادم وتحسب المدة السابقة والمدة التالية .
المبحث الثاني
انقطاع التقادم
تمهيد
تحديد مفهوم انقطاع التقادم
يفترض انقطاع التقادم أن هناك تقادم سارى ثم يحدث خلال هذا السريان سبب من الاسباب التي اعتبرها المشرع قاطعة للتقادم بحيث تؤدى إلى زوال كل اثر للمدة التي مضت منذ بدء التقادم حتى تحقق سبب الانقطاع فتعتبر كأن لم تكن ليبداء تقادم جديد في السريان بعد زوال السبب الذي ادى إلى انقطاع التقادم الأول
ومن هذا يظهر الفارق بين وقف التقادم وانقطاعه ففى الوقف لا تمحى الفقرة السابقة على قيام سبب الوقف اذا تدخل في الحساب لتضم إلى الغترة اللاحقة لانتهاء فترة الوقف اما الانقطاع فأن المدة السابقة على قيام سبب الانقطاع لاتدخل في حساب مدة التقادم بحيث اذا زال هذا السبب بدأىتقادم جديد في السريان .
المطلب الأول
اسباب انقطاع التقادم
هناك من الاسباب التي من شأن توافرها أن تقطع التقادم فتكون المدة التي انتقضت قبل انقطاع التقادمفانها لم تكن ولا تدخل في حساب مدة التقادم حتى اذا بدء سريان تقادم جديد بعد انقطاعه يعقب التقادم الذي زال بالانقطاع تقادم جديد تسرى عليه الاحكام العامة للتقادم .
وقد نصت المادة 383 مدني على هذه الاسباب وقالت أن " ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعندت الدعوى إلى محكمة غير مختصة وبالتنبيه
وبالحجز وبالطلب الذي يتقدم به الدائن بقبول حقه في تفليس أو في توزيع ةبأى عمل يقوم به الدائن لتمسك بحقه في احدى الدعاوى "
وكذلك نص المادة 384 مدني على مايأتى " 1- ينقطع التقادم اذا اقر المدين بحق الدائن اقرارا صريحا أو ضمنيا
1- يعتبر اقرارا ضمنيا أن يترك المدين تحت يد الدائن مالا مرهونا رهنا حيازيا تأمينا لوفاء الدين "
وتخلص اسباب انقطاع التقادم إلى نوعين نستعرضهما في فرعين :-
- الفرع الأول : اسباب انقطاع التقادم التي ترجع إلى الدائن
- الفرع الثاني : اسباب انقطاع التقادم التي ترجع إلى المدين
وذلك على التفصيل الاتى :
الفرع الأول
اسباب انقطاع التقادم التي ترجع للدائن
اولا : المطالبة القضائية ( ولورفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة )
ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية التي يقصد بها في هذا الخصوص المطالبة التي تتم امام القضاء أو امام جهة ذات اختصاص قضائى بذات الحق الذي يجرى تقادمه و الموجهة من الدائن إلى المدين .
وعليه فيشترط لأعمال هذا السبب :
أ) أن تكون هذه المطالبة قضائية .
اى أن تتم امام القضاء أو امام جهة ذات اختصاص قضائى ونتيجة لذلك لا ينقطع التقادم بما هو دون ومن ثم لاينقطع التقادم بالاتى :د
- المطالبة الودية ولو بكتاب مسجل .
- الانذار الرسمى على يد محضر .
- التكليف بالوفاء السابق على طلب امر الاداء .
- تقديم طلب إلى لجنة المساعدة القضائية للاعفاء من الرسوم القضائية.
- اتخاذ الاجراءات التحفظية كوضع الاختام أو قيد الرهن .
- استدعاء مصلحة الضرائب للممول أو وكيله للمناقشة بخصوص الضرائب المستحقة .
- التظلم المرفوع إلى سلطة ادارية .
- اعلان المدين بحوالة الدائن لحقه .
- تحرير مشارطة تحكيم والتوقيع عليها .
ب) اذا اتخذت المطالبة صورة دعوى يجب أن تكون صحيفتها صحيحة
يلزم لكى تكون الدعوى قاطعة أن تكون صحيفتها صحيحة وفقا لمل يتطلبه القانون فأذا كانت باطله لعيب في الشكل فلا يترتب عليها اى اثر ولا تقطع التقادم .
ج) أن تكون المطالبة القضائية موجهة من الدائن أو من يمثله .
وعليه فلا يقطع التقادم الاتى :
- الدعوى المرفوعة من المدين بطلب براءة ذمته من الدين أو ببطلانه أو بانقضائه بأى سبب من الاسباب ول بالتقادم فأنها لا تقطع التقادم لانها لا تعتبر اعترافا منه بالدين .
- المطالبة القضائية الموجهة من غير ذى صفة في رفعها أو وجهت ليس إلى المدين أو من ينوب عنه فأنها لاتقطع التقادم .
· ويبرر قطع التقادم ولو رفعت الدعوى امام محكمة غير مختصة إلى أن الدائن قد يجهل قواعد الاختصاص وكذلك يرجع إلى نيته القاطعة في اقتضاء دينه .
ثانيا : التنبيه .
اذا كانت المطالبة القضائية تقطع التقادم فمن الطبيعى أن يكون للتنبيه ذات الاثر لانه اقوى من المطالبة حيث يتم بناء على سند تنفيذى .
والتنبيه ورقة من اوراق المحضرين استلزم القانون ضرورة توافر بيانات معينة فيها تعلن على يد محضر لشخص المدين أو في موطنه بمقتضاها يكلف صاحب الحق مدينه بأن يوفى الدين والا اتخذت ضده الاجراءات القانونية وهو لايكون الابناء على سند تنفيذى كحكم أو عقد رسمى فهو يسبق اجراءات التنفيذ
ويترتب على التنبيه قطع التقادم الا انه بالنسبة للعقارات فأن التنبيه لا ينتج اثره الا بتسجيله وهو قاطع للتقادم بذاته ولو لم يعقبه حجز .
ثالثا : الحجــز
وينقطع التقادم بالحجز سواء كان حجزا تنفيذيا ( اى مسبوق بتنبيه ) أو كان حجزا تحفظيا ( غير مسبوق بتنبيه ) .
واذا كان الحجز التنفيذى يقطع التقادم الا انه يلاحظ أن هذا الحجز يسبقه تنبيه فينقطع التقادم مرة بسبب التنبيه ثم ينقطع مرة اخرى بسبب الحجز .
كما ينقطع التقادم بالحجز التحفظى فأذا اتخذ الحجز التحفظى صورة حجز ما للمدين لدى الغير فأن هذا الحجز يؤدى إلى انقطاع التقادمين فهو يؤدى إلى انقطاع تقادم حق الحاجز ويؤدى ثانية إلى انقطاع تقادم الحق الذي للمحجوز عليه قبل المحجوز لديه
رابعا : الطلب الذي يتقدم به الدائن لثبوت حقه في تفليس أو توزيع .
وتفترض هذه الصورة انه قد صدر حكم بشهر افلاس المدين وهى تعتبر أن تقدم الدائن بسند دينه في تفليسة المدين للمطالبة بحقه يعتبر قاطعا لتقادم هذا الحق وهنا يمكن القول أن تقدم الدائن بطلب شهر افلاس المدين أو شهر اعساره ويعد قاطعا للتقادم .
كذلك يعد قاطعا للتقادم تقدم الدائن في توزيع لأموال مدينه سواء كان تقسيم بالمحتصة ام توزيعا بحسب درجات الدائنيين .
خامسا : اى عمل يقوم به المدين للتمسك بحقه اثناء السير في احد الدعاوى .
ومن امثلة ذلك الطلبات العارضة التي يقدمها الدائن في الدعوى المرفوعة عليه كما لو رفع المدين على الدائن دعوى يطالب فيها بحق له فيدفع الدائن طلب إجراء المقاصة بين الحق الذي له في ذمة مدينه وبين الحق الذي يطالبه مدينه به فالدائن بهذا الطلب العارض يكون قد به تقادم دينه لأنه تمسك به اثناء السير في احدى الدعاوى .
الفرع الثاني
اسباب الانقطاع التي ترجع إلى المدين
من الممكن أن تصدر من المدين تصرفات من شأنها أن تؤدى إلى قطع التقادم ومن هذه التصرفات
- الاقرار بالدين :
تنص المادة 384/1 على أن " ينقطع التقادم اذا اقر المدين بحق الدائن اقرارا صريحا أو ضمنيا " .
ويعتبر الاقرار ضمنيا وفقا للمادة 384/2 " أن يترك المدين تحت يد الدائن مالا مرهونا رهنا حيازيا لوفاء الدين "
فاقرار المدين بالدين يقطع التقادم لانه من ناحية يعد تنازلا عن مدة التقادم التي انقضت ومن ناحية ثانية يستبعد قرينة الوفاء .
والاقرار تصرف قانونى من جانب واحد يتمثل في الاعتراف بحق الدائن بهدف اعتباره ثابتا في ذمته ويعفى الدائن من اثباته .
وهو بأعتباره تصرف قانونى من جانب واحد فلا حاجة إلى قبوله من جانب الدائن ولا يجوز للمقر أن يرجع فيه وان كان الاقرار يصدر عادة من جانب واحد الا انه ليس هناك ما يمنع من أن يصدر في شكل اتفاق مع الدائن أو مع غير الدائن .
· وعليه فلا يشترط في المدين الذي صدر منه الاقرار اهلية التصرف في الحق بل يكفيه اهلية الادارة فالصبى المميز اقراره صحيح وقاطع للتقادم في حدود اهليته للأدارة كذلك يستطيع الولى أو الوصى أو القيم أن يقر بدين في ذمة القاصر أو المحجور ويكون اقراره هذا قاطعا للتقادم والذى بدأ يسرى في مصلحة القاصر أو المحجور ولم يتتطلب القانون شكلا معينا للأقرار ولذا فهو يمكن أن يكون كتابة ولو بخطاب عادى أو شفاهة ويخضع الاقرار في اثباته للقواعد العامة في الاثبات .
** الاقرار الصريح والاقرار الضمنى :
قد يكون الاقرار من المدين بحق الدائن اقرارا صريحا أو اقراراضمنيا .
- والاقرار الصريح لا يشترط فيه شكل خاص فأى تعبير عن الارادة يفيد معنى الاقرار بالدين يكفى , وقد يكون مكتوبا أو غير مكتوب وقد يكون في صورة اتفاق بين المدين أو الدائن أو في صورة اتفاق بين المدين والغير أو صادرا من جانب المدين وحده دون اى اتفاق .
- اما الاقرار الضمنى فيستخلص من اى عمل يمكن أن يقوم به المدين يفيد معنى الاقرار :
· كقيام المدين بوفاء جزء من الدين أن لم يصاحبه المنازعة في وجود الجزء الاخر
· قيام المدين بدفع فوائد الدين
· تقديم المدين لرهن أو كفالة لضمان الدين
· تمسك المدين بالمقاصة بحق له يقابل الدين
· طلب المدين اجلا لسداد الدين
كما يعد من قبيل الاقرار الضمنى بالدين :
- قيام المدين بالاعتراف بالدين واقراره في ذات الوقت ببراءة ذمته منه لأن الاقرار القاطع للتقادم هو الاقرار ببقاء الدين في ذمة المدين
- عرض المدين أن يدفع مبلغا من المال على سبيل الصلح
على أن تحديد ما اذا كان العمل الصادر من المدين يمكن أن ينطوى على إقرار ضمنى بالدين ام لا يخضع لسلطة قاضى الموضوع و لا معقب عليه من محكمة النقض .
** اثبات الاقرار :-
لما كان الاقرار واقعة مادية تنطوى على تصرف قانونى فأن اثباته يخضع للقواعد العامة في اثبات التصرف القانونى ولو من جانب واحد .
كذلك اذا استخلص الاقرار الضمنى من تصرفات قانونية وجب اثبات هذه التصرفات وفقا للقواعد العامة وقد يثبت الاقرار القاطع للتقادم بسند مؤيد وهو سند يتضمن إقرار بحق سبق تدوينه في محرر رسمى بالسند الاصلى .
المطلب الثاني
آثار انقطاع التقادم
تنص المادة 385/ مدني على انه
" 1- اذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد من وقت انتهاء الاثر المترتب على سببالانقطاع وتكون مدته هي مدة التقادم الأول
2- على انه اذا حكم بالدين وحاز الحكم حجية الامر المقضى أو اذا كان الدين مما يتقادم بسنة واحدة وانقطع تقادمه بأقرار المدين وكانت مدة التقادم الجديد خمسة عشرة سنة الا أن يكون الدين المحكوم به متضمنا لالتزامات دورية متجددة لا تستحق الاداء الا بعد صدور الحكم "
وعليه فأننا نجد أن لانقطاع التقادم اثران هما :
1- سقوط المدة السابقة على سبب الانقطاع .
2- بدء سريان تقادم سريان جديد بعد زوال سبب الانقطاع تكون مدته هي مدة التقادم الأول
وذلك على التفصيل الاتى :
اولا : سقوط المدة السابق على سبب الانقطاع :
يترتب على انقطاع التقادم سقوط مدته التي كانت قد انقضت قبل حدوث السبب الذي ادى إلى الانقطاع فلا تدخل هذه المدة في حساب التقادم اذا عاود سيره بعد زوال هذا السبب بحيث يلزم بعد زواله أن تكتمل مدة جديدة كاملة .
ثانيا : بدء سريان تقادم جديد بعد زوال سبب الانقطاع تكون هي مدة التقادم الأول
ولتوضيح هذا الاثر لابد من الحديث عن نقطتين وهما :
الاولى : تحديد وقت بدء سريان التقادم الجديد .
والقاعدة العامة التي تحكم مبداء سريان التقادم الجديد هي انه يبداء في السريان بعد زوال اثر السبب الذي ادى إلى انقطاع التقادم وحيث أن هذا الاثر يختلف من سبب إلى اخر :
أ) – فأذا كان السبب الذي ادى لانقطاع التقادم هو المطالبة القضائية فأن وقت سريان التقادم الجديد يتوقف على الحكم الصادر في الدعوى فأذا قضى للدائن بحقه زال اثر الانقطاع بعد صدور الحكم النهائى اى يبدأ منذ اليوم التالي لصدور هذا الحكم اما أن كان الحكم برفض الدعوى لسبب لا يرجع لموضوع الحق أو بسقوط الخصومة أو باعتبار المدعى تاركا لدعواه فأن اثر الدعوى يزول من حيث قطع التقادم فيعتبر الانقطاع كأن لم يكن فتدخل مدة نظر الدوى في حساب مدة التقادم ، اما اذا كان الحكم بعدم الاختصاص فأن التقادم الجديد يبدأ في السريان من اليوم التالي لصدور هذا الحكم
ب) - اذا كان سبب الانقطاع هو الحجز أو التقدم في تفليس أو توزيع فأن التقادم الجديد يبدأفى السريان بأنتهاء اجراءات الحجز أو بقفل التفليسة أو صدور قائمة التوزيع .
ج) - اذا كان سبب الانقطاع هو إقرار المدين بحق الدائن فأن التقادم الجديد يبدأ في السريان من اليوم التالي على انه اذا كان الاقرار الضمنى مستفاد من حالة مستمرة فأن التقادم يبدأ في السريان من اليوم التالي لزوال هذه الحالة
الثانية : تحديد مدة التقادم الجديد .
القاعدة العامة التي تحكم مدة التقادم الجديد هي التي اعانتها المادة 385 مدني حين قررت انه " وتكون مدته ( التقادم الجديد ) هي مدة التقادم الأول "
الا أن هذه القاعدة يرد عليها استثنائين وهما :
1- اذا انقطع التقادم بالمطالبة القضائية التي انتهت بصدور حكم بالدين حاز قوة الامر المقضى ففى هذه الحالة فأن التقادم الجديد للحق الثابت بالحكم تكون مدته دائما خمسة عشرة سنة ولو كانت مدة التقادم الاصلى اقصر
الا أن ذلك مشروط بالا يكون الدين المحكوم به متضمنا لالتزامات دورية متجددة لا تستحق الاداء الا بعد صدور الحكم .
2-اذا كان التقادم حولى وانقطع باقرارالمدين فأن مدة التقادم الجديد تكون خمس عشرة سنة .
وعلة هذا الاستثناء أن التقادم الحولى يستند على قرينة الوفاء واقرار المدين بالدين يهدم هذه القرينة فيصبح الدين دينا عاديا يتقادم بالمدة العادية ( خمسة عشرة سنة ) .
الفصل الثالث
آثار التقادم
تمهيد :
تنص المادة 386/1 مدني على انه " يترتب على التقادم نقضاء الالتزام ....."
وتنص المادة 387 مدني على انه .
" 1- لايجوز للحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنييه أو اى شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين ..
2- ويجوز التمسك بالتقادم في اية حالة كانت عليها الدعوى ولو امام المحكمة الاستئنافية " .
وعليه فأننا سوف نتكلم عن اثار التقادم في المباحث التالية .
المبحث الأول
وجوب التمسك بالتقادم ( الدفع بالتقادم )
وفقا لنص المادة 387 مدني فأنه لا يكفى لكى يحدث التقادم اثره ينبغى أن يتمسك به من له مصلحة فيه فالتقادم ليس متعلقا بالنظام العام ولا تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها بل لابد من التمسك به .
** التمسك بالتقادم :-
التقادم يسقط الدين بحكم القانون كالمقاصة فليس للقاضى سلطة تقديرية في أن يحكم بسقوط الدين بالتقادم أو لا يحكم به ولكنه لا يستطيع أن يحكم من تلقاء نفسه بسقوط الدين بالتقادم بل يجب على كل ذى مصلحة أن يتمسك به فأذا تمسك به ذو المصلحة وجب عل القاضى أن يحكم بتقادم الدين .
ويراد بتمسك المدين بالتقادم أن يدفع به في مواجهة دعوى الدائن كالدفع بحجية الامر المقضى فهو لا يعتبر من النظام العام فلا يستطيع القاضى الاخذ به من تلقاء نفسه بل يجب أن يتمسك به المدين .
ونخلص من ذلك إلى أن التمسك بالتقادم ليس تصرفا قانونيا قائما على ارادة المدين المنفردة كما انه لا يجوز للقاضى اثارته من تلقاء نفسه .
** الاسباب التي تدعو إلى التمسك بالدين :
1- انه ليس من النظام العام .
2- أن التمسك بالتقادم امر يتصل اتصالا وثيقا بضمير المدين فأن كان المدين مطمئنا إلى أن ذمته غير مشغولة بالدين دفع التقادم ليوفر على نفسه مشقة اثبات براءة ذمته بعد هذه المدة الطويلة .
3- أن التقادم من شأنه أن يثير وقائع كثيرة لا يتيسر للقاضى لن يستخلصها من تلقاء نفسه من واقع الاوراق والمستندات فلابد أن يثيره الخصوم .
** ممن يتم التمسك بالتقادم :
وفقا لنص المادة 387 مدني فأن المحكمة تقضى بالتقادم " بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه أو اى شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين "
ووفقا لذلك فأن القاعدة المقررة هي انه يجوز لكل صاحب مصلحة في التقادم أن يتمسك به و لا شك أن هذه الصفة تنسحب على المدين كما تنسحب على الكفيل وعلى حائز العقار المرهون ويثبت ايضا الحق في التمسك بالتقادم للخلف العام والخلف الخاص ويستفيد الخلف من مدة السلف.
** الوقت الذي يجوز فيه التمسك بالتقادم :
1- التمسك بالتقادم امام المحكمة الابتدائية
لما كان التمسك بالتقادم دفعا موضوعيا فأن للمدين أن يتمسك به في اية حالة كانت عليها الدعوى فله أن يتمسك به منذ البداية وقبل الدخول في اى دفع شكلى أو موضوعى وله أن يؤخره إلى أن يستنفد جميع دفوعه الاخرى الشكلية والموضوعية .
2- التمسك بالتقادم امام المحكمة الاستئنافية
أن فات الدفع بالتقادم امام محكمة أو لدرجة سواء لان المدين كان يجهله أو لم يتمكن من ابدائه قبل قفل باب المرافعة فأنه يستطيع ما لم ينطوى تركه امام المحكمة الابتدائية على معنى النزول عنه أن يدفع بالتقادم امام المحكمة الاستئنافية في اية حالة كانت عليها الدعوى
3- التمسك بالتقادم اام محكمة النقض .
اذا لم يدفع المدين بالتقادم امام المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية فليس له أن يدفع به لاول مرة امام محكمة النقض فأن محكمة النقض لا تستطيع أن تنظر اوجها جديدة لم يسبق الدفع بها امام محكمة الموضوع كما أن الدفع بالتقادم ليس من النظام العام ليس من النظام العام حتى تقضى المحكمة به من تلقاء نفسها .
4- التمسك بالتقادم امام محكمة الاحالة .
اذا استطاع المدين أن يحصل على حكم من محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه لسبب غير التقادم كالخطاء في الاجراءات أو في تطبيق القانون وأحالت محكمة النقض الدعوى على دائرة اخرى من دوائر محكمة الاستئناف فأنه يجوز للمدين امام محكمة الاحالة أن يدفع بالتقادم لاول مرة وفى اى حال كانت عليها الدعوى .
المبحث الثاني
جواز النزول عن التقادم
تنص المادة 388 من القانون المدني على انه :
" 1- لايجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه كما لايجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن التي عينها القانون .
2- وانما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ولو ضمنا عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه على أن هذا النزول لا ينفذ في حق الداشنيين اذا صدر اضرارا بهم . "
ونخلص من هذه المادة إلى الاتى :-
أ) – عدم جواز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه :
الحق في التقادم يثبت حين تكتمل مدته فاذا لم تكتمل بعد فأنه لا يجوز النزول عنه بحيث انه اذا تم النزول فأنه يقع باطلا ولا يعتد به حيث يجوز لصاحب المصلحة أن يتمسك بالتقادم رغم هذا النزولوالعلة من هذا الخطر هي رغبة المشرع في حماية المدينين اذ لو كان هذا النزول جائزا لاستطاع الدائنين فرضه على مدينيهم الذين تجبرهم ظروف الواقع على قبوله ويسرى ذلك على جميع انواع التقادم ايا كانت مدته .
ب) – جواز النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه :
1- علة اجازة النزول .
النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه فأنه يجوز النزول عنه بعد ثبوت هذا الحق لأنه اذا تحقق ذلك صار المدين هو سيد الموقف فيستطيع أن يتنازل عن التقادم لزوال الاعتبارات التي توجب حظر التنازل قبل اكتمال مدة التقادم فالخشية على المدين لا محل لها كما أن اعتبارات المصلحة العامة قد روعيت فسيكون منالخير أن تترك للمدين الحرية في أن يقرر ما اذا كان سيتمسك بالتقادم ام سيتنازل عنه بأعتباره وسيلة لانقضاء الدين قد لايرضى عنها ضميره
2- تكييف النزول وحالاته .
النزول عن التمسك بالتقادم تصرف قانونى من جانب واحد فلا يحتاج لقبول من الدائنولكنه بأعتباره تعبير واجب الاتصال لايحدث اثره الا منذ اتصاله بعلم المخاطب به فيجوز للمتنازل الرجوع عنه قبل هذا الاتصال اما اذا تم الاتصال احدث التنازل اثره وامتنع الرجوع فيه .
3- النزول الصريح والنزول الضمنى .
قد يكون نزول المدين عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه صريحا ولا يشترط في النزول الصريح شكل معين أو أن يكون بعبارات خاصة فكل تعبير عن الارادة يفيد معنى النزول يعتد به وقد يكون النزول الصريح مكتوب كما قد يكون شفويا باللفظ ويجب لاثبات هذا النزول اتباع القواعد العامة للاثبات .
كما قد يكون النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه ضمنيا وقاضى الموضوع هو الذي يقدر ما اذا كان يستخلص من موقف المدين ما يستفاد منه حتما انه قد نزل عن الدفع بالتقادم .
4- الاهلية الواجب توافرها للنزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه .
تنص الفقرة الثانية من المادة 388 مدني على انه " وانما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ... "
فالاهلية الواجبة للنزول عن التقادم هي اهلية التصرف فلا تكفى اهلية الادارة ولا تلزم اهلية التبرع .
ويترتب على هذا أن الصغير و المحجور لا يستطيع اى منهما أن ينزل عن حقه في التمسك بالتقادم كذلك لا يستطيع الوصى أو القيم أن ينزل عن حق الصغير أو المحجور في التمسك بالتقادم من غير اذن المحكمة ولا يستطيع الوكيل النزول عن التمسك بالتقادم الا اذا اعطى توكيل خاص في ذلك .
** اثر النزول عن التقادم .
يختلف اثر النزول بحسب ما اذا كان واردا على تقادم اكتملت مدته ام ورد على تقادم لايزال ساريا .
1- اذا كان النزول واردا على تقادم اكتملت مدته فأن التنازل يؤدى إلى استقرار الدين في ذمة المدين بعد أن كان مهددا بالسقوط عن طريق الدفع بالتقادم وهو اذا يبقى في ذمة المدين انما يبقى بوصفه دينا مدنيا لا طبيعيا فيجبر المدين على الوفاء به ويبدأ من وقت التنازل عن التقادم بدء سريان تقادم تكون مدته كقاعدة هي ذات مدة التقادم الاصلى ونطبق بهذا الشأن القواعد التي سبق أن رأيناها بالنسبة لانقطاع التقادم من حيث تحول مدة التقادم .
2- اما اذا ورد النزول على تقادم لايزال ساريا فهو كما قدمنا يقع صحيحا بالنسبة للمدة التي انقضت من التقادم ويقع باطلا بالنسبة للمدة المستقبلة .
المبحث الثالث
آثار التقادم
تمهيد :
تنص المادة 386 من القانون المدني على انه :
1- يترتب على انقضاء التقادم الالتزام ومع ذلك يتخلف في ذمة المدين التزام طبيعى .
2- واذا سقط الحق بالتقادم سقطت معه الفوائد وغيرها من الملحقات ولو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة بهذه الملحقات .
وعليه فأننا سندرس اثار التقادم في مطلبين :-
- المطلب الأول : الاثر المسقط للتقادم .
- المطلب الثاني : الاثر الناقل للتقادم .
على التفصيل الاتى :-
المطلب الأول
الأثر المسقط للتقادم
وفقا لنص المادة 386/1 مدني انه يترتب على التقادم انقضاء الالتزام ولكننا رأينا سابقا أن هذا الاثر لايترتب تلقائيا فأنقضاء المدة وحده لايؤدى إلى سقوط الحق وانما يجب أن يتمسك بذلك من له مصلحة فيه .
وعليه فأنه اذا انقضت مدة التقادم فأنه ولم يتمسك به فأن الالتزلم يظل قائما ولا يسقط وهو يظل قائما بصفته التزاما مدنيا يجبر المدين على ادائه .
واذا انقضت مدة التقادم وتمسك به من له مصلحة فيه وجب على المحكمة اذا تبين لها اكتمال مدته أن تحكم به فليس لها سلطة تقديرية في هذا .
الاثر الرجعى للتقادم : ( سقوط فوائد الدين وملحقاته )
واذا انقضى الالتزام بالتقادم فأنه يعتبر منقضيا من وقت بدء سريان التقادم لا من وقت اكتمال مدته وهذا ما يعبر عنه الفقه بالقول بأن للتقادم اثرا رجعيا .
وقد اورد المشرع حكما لا يمكن تفسيره الا على ضوء هذا الاثر الرجعى للتقادم وهو الحكم الذي اوردته المادة 386/2 مدني والتى قررت انه " اذا سقط الحق بالتقادم سقطت معه الفوائد وغيرها من الملحقات ولو لم تكتمل مدة التقادم الخاصة بهذه الملحقات ."
وهذا النص يقوم على اساس الاثر الرجعى للتقادم فالدين ينقضى بأثر رجعى من وقت بدء سريان التقادم فأنه يعتبرغير موجود خلال مدة سريان التقادم وتعتبر الفوائد التي انتجها خلال هذه المدة ولو لم تدفع غير موجودة وهكذا تسقط بسقوط الدين .
ولكن ماهو على وجه التحديد ما يرد عليه التقادم ؟
** الاتجاه الأول :
ويذهب انصاره إلى أن التقادم يرد على الدعوى وليس على الحق ذاته فالتقادم هو مجرد وسيلة اجرائية تحرم الدائن من حقه في ملاحقة المدين قضائيا ولكن حقه ذاته لا ينقضى اذ يبقى دون دعوى تحميه فالتقادم يؤدى إلى فصل عنصر المسئولية عن عنصر المديونية في الالتزام ويؤدى إلى اختفاء عنصر المسئولية فيه مع بقاء عنصر المديونية فنكون بصدد التزام ليس فيه الا عنصر المديونية دون عنصر المسئولية .
وهذا الاتجاه يقترب كثيرا مما هو عليه الرأى في الفقه الاسلامى الذي لا يسقط الحق ولكن يمنع سماع الدعوى به عند الانكار .
** الاتجاه الثاني :
ويذهب انصاره إلى أن الذىيسقط بالتقادم هو الحق ذاته وليس مجرد الدعوى التي تحميه .
** الاتجاه الثالث :
ويذهب انصاره إلى أن التقادم يؤدى إلى سقوط الحق والدعوى معا .
وهذا الراى يتفق مع نصوص القانون المصري وهو لا يقتصر على اسقاط الدعوى بل يسقط الدعوى والحق معا فالنصوص صريحة في أن التقادم يقضى الحق نفسه وليس سقوط الحق في الدعوى بالتقادم الا نتيجة لسقوط الحق مما يقطع في أن الحق ذاته هو الذي يسقط بعد تمسك المدين بالتقادم
أن المدين في غير الحالات التي يقوم فيها التقادم على محض قرينة الوفاء لو اقر امام القضاء بعد أن تمسك بالتقادم أن الدين باقيا في ذمته فان اقراره هذا لا يلزمه بالدين اذ الدين يكون قد سقط اما في الفقه الاسلامى حيث لا يسقط الدين فأن المنع من سماع الدعوى لايكون عند الانكار فاذا اقر المدين بالدين سمعت عليه الدعوى والتزم بالوفاء .
** سقوط الدين بالتقادم عن طريق الدعوى لا يمنع من التمسك بوجوده عن طريق الدفع :
اذا تمسك المدين بتقادم الدين فان الدين يسقط ولا يستطيع الدائن أن يطالب به المدين المدين ولكن اذا كان الدائن لا يستطيع أن يتمسك بوجود الدين المتقادم عن طريق الدعوى فأنه يستطيع أن يتمسك بوجوده عن طريق الدفع .
فالقاعدة " أن الدعوى اذا كانت تنقضى بالتقادم فأن الدفع لا يتقادم "
ومن تطبيقات هذه القاعدة (6):-
1- دعوى البطلان تتقادم بخمس عشرة سنة من وقت العقد ولكن الدفع بالبطلان لا يسقط بالتقادم مهما طالت المدة .
2- في البيع الباطل المؤجل الثمن اذا لم يسلم البائع المبيع إلى المشترى وسكت الاخير عن المطالبة وعن دفع الثمن فلا يمكن اعتباره مقصر أن لم يرفع دعوى بطلان البيع خلال خمسة عشرة سنة.
3- اذا تقادم الدين فانه يسقط من وقت سريان مبدأ التقادم فاذا كان المدين قد دفع اثناء سريان التقادم بعض اقساط الدين فأنه لا يستطيع بعد سقوط الدين بالتقادم أن يسترد من الدائن ما دفعه فأن رفع دعوى استرداد غير المستحق استطاع الدائن أن يدفع بوجود الدين رغم تقادمه .
** تقادم الدين قد يفيد غير المدين .
اذا انقضى الدين بالتقادم فان المدين هو الذي يستفيد من هذا الانقضاء اذ تبرأ ذمته من الدين وقد يستفيد من انقضاء الدين غير المدين .
- فالكفيل له أن يتمسك بتقادم دين المدين الاصلى فيستفاد وان كان دينه هو لم ينقضى بالتقادم ذلك أن التزام الكفيل تابع لالتزام المدين فمتى سقط الالتزام الاصلى بالتقادم سقط مع الالتزام التابع .
- المدين المتضامن يستفاد ايضا من تقادم الدين بالنسبة إلى مدين متضامن اخر بقدر حصة هذا المدين وكذلك يحتج المدين على الدائن المتضامن بقدر حصة هذا الدائن .
- تقادم الدين غير المتجزئ بالنسبة لاحد المدينين المتعددين يستفاد منه المدينون الاخرون في كل الدين لانه غير متجزئ ولو لم تكتمل مدة التقادم بالنسبة لهؤلاء المدينيين
- اذا تقادم الدين غير المتجزئ بالنسبة لأحد الدائنيين المتعددين فأن طبيعته غير القابلة للتجزئة تجعله متقادما بالنسبة إلى باقى الدائنيين ولو لم تكتمل مدة التقادم بالنسبة اليهم و يستطيع المدين أن يحتج على اى دائن بالتقادم الذي اكتمل بالنسبة إلى دائن اخر .
** تخلف التزام طبيعى عن الالتزام المدني الذي سقط بالتقادم :-
نصت المادة 386 مدني حيث قررت انه " يترتب على التقادم انقضاء الالتزام ومع ذلك يتخلف في ذمة المدين التزام طبيعى "
وعليه فأنه يترتب على القول بتخلف التزام طبيعى عن الالتزام المتقادم أن تسرى على هذا الالتزام القواعد العامة التي تسرى على الالتزامات الطبيعية وخاصة ما يتعلق منها بالوفاء فاذا وفاه المدين عن بينة واختيار كان موفيا بالتزام وليس تبرعا فلا تشترط فيه اهلية التبرع ولا يستطيع أن يسترد ما وفاه .
المطلب الثاني
الأثر الناقل للتقادم
اذا كان الا صل هو أن يؤدى التادم إلى انقضاء الالتزام بحيث تبراء ذمة المدين منه فلا يكون ملتزما به في مواجهة الدائن أو في مواجهة غيره الا أن المشرع وبشكل استثنائى قد خرج بصدد بعض الديون على هذا الاصل وذلك حين قرر وبشكل تحكمى أن هذه الديون تضيع على الدائن و لكن لا تبراء منها ذمة المدين حيث يظل ملتزما بالوفاء بها للدولة .
وهذا ما قررته المادة 177 من القانون رقم 157 لسنة 1981 ( المادة 28 من القانون 14 لسنة 1939 ) وذلك حين قضت بأنه " تؤول إلى الدولة نهائيا جميع المبالغ والقيم التي يلحقها التقادم قانونا ويسقط حق اصحابها في المطالبة بها وتكون مما يدخل ضمن الانواع المبينة في النص على سبيل الحصر ومنها ارباح الاسهم و فوائد السندات القابلة للتداول والاسهم وحصص التأسيس والسندات وكل القيم المنقولة الاخرى وودائع الاوراق المالية وبصفة عامة كل ما يكون مطلوبا من تلك الاوراق لدى البنوك وغيرها من المنشأت التي تتلقى مثل هذه الاوراق على سبيل الوديعة أو لأى سبب اخر ..."
ووفقا لهذا النص فأن الحقوق المشار اليها فيه اذا تقادمت فأن هذا التقادم وان ادى إلى ضياع الحق على صاحبه فلا يملك المطالبة به الا انه يؤدى إلى افادة المدين اذ أن المشرع احل الدولة محل الدائن في اقتضاء هذه الحقوق وهو حل يؤسس برغبة المشرع في زيادة مالية الدولة عن طريق اضافة هذه الاموال اليها وهو يبرر تبريرا غير مقبول مؤداه أن هذه الاموال بتقادمها تصبح مالا لامالك له وهو ما ليس بصحيح لعدة اسباب اهمها أن التقليد قد جرى على عدم تطبيق القاعدة المشار اليها الا بصدد العقارات دون المنقولات .
وعموما فأن هذا النص قد لاقى الاستهجان (7)من قبل فقهاء القانون المدني في مصر وفرنسا على السواء لانطوائه على مصادرة لاموال الافراد في غير الاحوال المصرح بها قانونا بل يعبر عن انحراف من قبل المشرع بالسلطة التشريعية .
(1) ا.د / عبد الرازق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجزء الثالث ط 1958 مكتبة نهضة مصر ص999 وما بعدها
(2) ا.د/ جلال محمد إبراهيم 1أحكام الالتزام ص 636 رقم 379 طبعة 1998
(3) د/ عبد الحميد الشواربى احكام التقادم فى ضوء الفقه والقضاء ص 29 وما بعدها ط 1984 منشأة المعارف - الاسكندرية
(4) المستشار / على احمد حسن التقادم فى المواد المدنية والتجارية فقها وقضاء ص 298 وما بعدها 0م . المعارف
(5) المرجع السابق
(6) ا.د / السنهورى المرجع السابق ص 1160 وما بعدها .
(7) ا.د / جلال محمد ابراهيم المرجع السابق ص 704 ... رقم