قضية رقم 28 لسنة 27 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم الأحد الثانى من مارس سنة 2008 الموافق الرابع والعشرين من
صفر سنة 1429
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة
المستشارين: محمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى
والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو
وحضور السيد
المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر
أمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية
العليا برقم 28 لسنة 27 قضائية
"دستورية"
المقامة من
ممثل شركة
العبور للنسيج الميكانيكى والملابس الجاهزة
ضد
1- السيد رئيس
الجمهورية.
2- السيد رئيس
مجلس الوزراء.
3- السيد رئيس
اللجنة التشريعية بمجلس الشعب
4- السيد وزير
المالية
5- السيد
المستشار وزير العدل
6- السيد
المستشار النائب العام
"
الإجراءات"
بتاريخ الثانى
من فبراير 2005، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم
بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على
المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم
برفض الدعوى.
وبعد تحضير
الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى
على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
-
المحكمة
-
بعد الاطلاع
على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن
الوقائع– على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– تتحصل فى أن الشركة المدعية
أقامت الدعوى رقم 1502 لسنة 2000 مدنى كلى، أمام محكمة طنطا الابتدائية، بطلب
الحكم ببراءة ذمتها من مبلغ 66ر90238 جنيها، قيمة ضريبة مبيعات، قامت بسدادها، على
سند من القول، بأنها تقوم بصناعة النسيج والملابس الجاهزة، وقد قامت باستيراد
ماكينات وآلات، بغرض تشغيلها بالشركة لزيادة الإنتاج وتطويره، فقدرت مصلحة الجمارك
ضريبة مبيعات على هذه الآلات بالمبلغ المشار إليه، وأثناء نظر الدعوى، دفعت الشركة
المدعية بعدم دستورية نص المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات
الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت
للشركة المدعية برفع دعواها الدستورية، فأقامت دعواها الماثلة.
وحيث إن من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية
العليا، أن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن
يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، بما مؤداه أن
تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة من جوانبها العملية، وليس من معطياتها
النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يفيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية، ويرسم
تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن، التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على
النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية
من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء
أكان الضرر وشيكا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً. ويتعين دوماً أن يكون الضرر
منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم
عليها ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية عائداً فى مصدره إلى النص المطعون
فيه، فإذا لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير
المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها
لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص
التشريعى، فى هذه الصور جميعاً، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية، يمكن أن يتغير بها
مركزه القانونى، بعد الفصل فى الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إن المقرر أيضاً، فى قضاء هذه المحكمة، أن
الخطأ فى تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها فى حمأة المخالفة الدستورية،
إذا كانت صحيحة فى ذاتها، وأن الفصل فى دستورية النصوص القانونية، المدعى مخالفتها
للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على
تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع أحكام الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط، التى
فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعاً.
وحيث إن نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات
الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تعتبر كلاً واحداً، يكمل بعضها بعضاً، ويتعين أن
تفسر عباراته، بما يمنع أى تعارض بينها، إذ إن الأصل فى النصوص القانونية، التى
تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها
وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها، ليكون نسيجاً
متآلفاً. ولما كان ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة
العامة على المبيعات المشار إليه، تنص على أن "تفرض الضريبة العامة على
المبيعات، على السلع المصنعة والمستوردة، إلا ما استثنى بنص خاص......"، فإن
تعيين هذا الالتزام الضريبى لا يستقيم منهجاً إلا بالكشف عن جملة دلالات مفاهيم
عناصره: كماهية المكلف، وماهية المستورد؛ وهو ما لا يتأتى سوى بالتعرض وجوباً
لدلالات الألفاظ، حسبما أوردها المشرع بالمادة الأولى من القانون ذاته، حيث عرفت
"المكلف" بأنه "الشخص الطبيعى أو المعنوى المكلف بتحصيل وتوريد
الضريبة للمصلحة، سواء أكان منتجاً صناعياً، أو تاجراً، أو مؤدياً لخدمة خاضعة
للضريبة، بلغت مبيعاته حد التسجيل، المنصوص عليه فى هذا القانون، وكذلك كل مستورد
لسلعة أو خدمة خاضعة للضريبة، بغرض الاتجار، مهما كان حجم معاملاته". كما
عرفت "المستورد" بأنه "كل شخص طبيعى أو معنوى، يقوم باستيراد سلع
صناعية أو خدمات من الخارج، خاضعة للضريبة، بغرض الاتجار."، الأمر الذى يتضح
معه، بجلاء، إتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات، التى يتم استيرادها
بغرض الاتجار، لضريبة المبيعات، المقررة وفقا لهذا القانون، وقد ربط، دوما فى نطاق
الخضوع لها، بين الاستيراد والاتجار، فيما يتم استيراده. متى كان ذلك وكانت الشركة
المدعية تهدف، بدعواها الموضوعية، إلى إعفائها من الخضوع للضريبة العامة على
المبيعات، على الماكينات والآلات التى استوردتها، لاستخدامها فى التصنيع بهدف
زيادة الإنتاج وتطويره وليس بغرض الاتجار، فإن التطبيق الصحيح لنصوص قانون الضريبة
العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، يكون محققاً للشركة بغيتها
من دعواها الموضوعية، ولا يكون ثمة مصلحة فى الطعن على النص المشار إليه بحسبان أن
الضرر المدعى به، ليس مرده إلى ذلك النص، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ له،
والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، ومن ثم فإن الشركة المدعية يمكنها بلوغ طلباتها
الموضوعية، من خلال نجاحها فى إثبات الغرض من استيراد الآلات والماكينات المجلوبة
من الخارج، وذلك شأنها أمام محكمة الموضوع، دون حاجة إلى التعرض للنص التشريعى من
الناحية الدستورية، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة فى الدعوى الماثلة، ويتعين- من
ثم – القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بعدم قبول الدعوى، ومصادر الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى
جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة