بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدى مليحي وحسن حسنين على وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 6 من يونيو سنة 1984 أودع الأستاذان الدكتوران حسنين إبراهيم صالح عيد وأنور أحمد رسلان المحاميان قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2207 لسنة 30 ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى “دائرة منازعات الأفراد والهيئات” بجلسة 10/4/1984 في الدعوى رقم 3268 لسنة 36 ق والقاضى أولا : بقبول تدخل السيدين / فؤاد حسين عوض وعز حسن إبراهيم خصمين منضمين الى المدعيين وثانيا : بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا مع إلزام المدعيين والمتداخلين بالمصروفات. وطلب الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع وبإلغاء القرارات المطعون فيها وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين بالمصروفات. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21/4/1986 وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 15/9/1986 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا “دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات” لنظره بجلسة 25/10/1986 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن كل الوجه المبين بالمحضر وحجزته للحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم الآتى وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أنه عن شكل الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن الثالث محمد صلاح الدين عبد الحميد الشال وإن كان من بين المدعيين الذين أقاموا الدعوى ابتداء أمام محكمة إسكندرية الابتدائية في 24/4/1979، إلا أنه تخلف عن الحضور بجلسات المرافعة أمامها فقضت المحكمة بجلسة 14/5/1979 بشطب الدعوى بالنسبة إليه، وانقطعت صلته بالدعوى بعد ذلك. كما لم يتدخل فيها أثناء نظرها أمام محكمة القضاء الإدارى خلافا لما قام له زميلاه فؤاد حسين عوض وعز حسن إبراهيم حيث تدخلا في الخصومة أمام المحكمة المذكورة خصمين منضمين للمدعيين وقضى بقبول تدخلهما. كذلك فإن الطاعن الخامس محمد خليل بدوى لم يكن طرفا في الخصومة فى أية من مراحلها ابتداء من تاريخ رفعها أمام محكمة اسكندرية الابتدائية وحتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. وإذ كان من المقرر قانونا وفقا لحكم المادة 211 مرافعات أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه، فلا يقبل الطعن ممن لم يكن طرفا في الخصومة الصادر فيها الحكم المطعون فيه. لذا فإنه تعين القضاء بعدم قبول الطعن من الطاعنين الثالث والخامس لانتفاء الصفة، وبقبوله شكلا من الطاعنين الأول والثانى والرابع لاستيفائه سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 24/4/1979 أقام كل من عبد العظيم محمد محمد الروبى ومحمد محمد الروبى وفؤاد حسين عرض ومحمد صلاح الدين عبد الحميد الشال وعز حسن ابراهيم الدعوى رقم 2460 لسنة 1979 م.ك الإسكندرية أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبين الحكم بعدم الاعتداد بمطالبة الجمارك لهم الصادرة فى يناير سنة 1978 بفروق ضرائب جمركية عن رسائل الشاى المستوردة فى مارس سنة 1977 مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وإلزام مصلحة الجمارك بالمصروفات. وإذ لم يمثل في الدعوى أمام المحكمة الا المدعيان عبد العظيم محمد محمد الروبى ومحمد محمد الروبى، فقد قررت المحكمة بجلسة 14/5/1979 شطب الدعوى بالنسبة لباقى المدعين. وبجلسة 31/12/1979 قضت المحكمة رفض الدعوى وإلزام المدعيين بالمصروفات. واستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم فقضت محكمة استئناف الإسكندرية (الاستئناف رقم 166 لسنة 36 م.س) بجلسة 8/1/1981 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة لنظرها وأبقت الفصل فى المصروفات. وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية حيث قدم أمامها كل من فؤاد حسين عوض وعز حسن إبراهيم طلبا بتدخلهما فى الدعوى خصمان منضمان إلى المدعيين. ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة التى نظرتها وأصدرت جلسة 10/4/1984 حكمهما بقبول تدخل الخصمين المتدخلين، وبقبول الدعوى شكلا ورفضهما موضوعا وإلزام المدعيين والمتدخلين بالمصروفات. وأقامت قضاءها رفض الدعوى على أساس أن المدعين والمتدخلين امتنعوا عن تقديم الفواتير الرسمية المثبت لها أسعار رسائل الشاى التى قاموا باستيرادها مرتضين دفع الغرامة المترتبة على الامتناع عن تقديم هذه الفواتير، وقرروا أن سعر طن الشاى المستورد 1600 دولار وتم تحصيل الضريبة الجمركية منهم على هذا الأساس. غير أنه تبين فيما بعد لمصلحة الجمارك بعد رجوعها لشركة النصر للتصدير والاستيراد وهى الشركة المتخصصة فى استيراد حصص الشاى أن هذا السعر لا يطابق الواقع وأن الأسعار الحقيقية هى 2530 دولارا للطن فى شهر إبريل، 3562 فى شهر مايو، وبناء عليه طالبت مصلحة الجمارك المدعين والمتدخلين بفروق الضرائب الجمركية التى استحقت على الشاى وأردفت المحكمة أنه لا وجه لما يستند إليه المدعون من سقوط حق المصلحة فى اقتضاء هذه الرسوم منهم بدعوى أنه لا يجوز لمصلحة الجمارك أن تعاود مطالبتهم بفرق الضرائب والرسوم عن ذات البضاعة بعد أن تمت محاسبتهم عنها بزعم أن الثمن الذى قدرته للبضاعة وحسبت على أساسه الضريبة يقل عن ثمنها الحقيقى – لا وجه لما يستند إليه الطاعنان فى هذا الشأن لأن الضريبة الجمركية لا ترتكن فى أساسها إلى رباط عقدى بين مصلحة الجمارك والتاجر وإنما تحددها القوانين التى تفرضها، وليس فى هذه القوانين أو القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذى يقع بشأنها، وإنما يكون للتاجر أن يسترد ما دفعه بغير حق، وللمصلحة أن تطالبه بما هو مستحق زيادة على ما دفع فعلا، ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم. ومن ثم فإن حق المصلحة في الضريبة المستحقة على البضاعة المستوردة لا يسقط لمجرد عدم تحصيله قبل الإفراج عنها.
ومن حيث أن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أنه طبقا لأحكام المواد 22، 23، 50 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963، فإن قيمة البضاعة الواردة – الواجب الإقرار عنها ح تتحدد في الثمن الذى تساويه البضاعة في تاريخ تسجيل البيان الجمركى المقدم عنها في مكتب الجمرك إذا عرضت للبيع في سوق منافسه حرة بين مشتر وبائع مستقل أحدهما في الآخر. ولمصلحة الجمارك الحق في المطالبة بالمستندات والعقود والمكاتبات وغيرها المتعلقة بالصفقة دون أن تتقيد بما ورد فيها أو بالفواتير نفسها التى يقدمها المستورد وعلى الجمرك بعد تسجيل البيان الجمركي معاينة البضاعة والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشئها قبل تسوية الضريبة والرسوم المستحقة عليها. ومفاد ذلك أن مصلحة الجمارك تتمتع بسلطة تقديرية واسعة عند تقدير الضريبة والرسوم الجمركية وأنها ولئن كان لها الحق فى المطالبة بالمستندات وغيرها إلا أنها غير مقيدة بما ورد فيها أو بالفواتير نفسها، لما تتمتع به من سلطة تقديرية فى تقدير قيمة البضاعة، ومتى استنفذت المصلحة سلطتها في هذا الشأن وحصلت الضريبة وأفرجت عن البضاعة فلا يجوز لها إعادة التقدير مرة أخرى والقانون صريح في أن سلطة تقدير الرسوم الجمركية تمارس عندما تكون البضاعة في حوزة الجمارك ومن ثم لم يجز اللجوء الى التحكيم الجمركي بعد الإفراج عن البضاعة. كما أن القانون ولئن قرر عقوبة الغرامة في حالة عدم تمكين موظفى الجمارك من ممارسة واجباتهم فى التفتيش والمراجعة وطلب المستندات الا أنه لم يرتب على ذلك إعادة تقدير الضريبة مرة أخرى لما فى ذلك من مساس بالاستقرار الواجب للمعاملات. يضاف إلى ذلك أن جمرك السويس لم يعلق قراره بتحصيل الضريبة على صفقة الشاى محل النزاع والإفراج عنها على أى تحفظات، وإنما كان قراره نهائيا، كما لم يصدر من الطاعنين أى عمل أو تصرف مؤثر على عملية تقدير ثمن الشاى، وعدم وصول الفواتير إنما يرجع لسبب أجنبي لا يد لهم فيه. ومع ذلك فقد كان بوسع مصلحة الجمارك التأكد من كل شئ تعلق بالصفقة قبل الإفراج عنها، والاتصال بشركة النصر للتصدير والاستيراد أو غيرها لمعرفة سعر الشاى المستورد. كذلك تعارض مسلك مصلحة الجمارك مع العرف السائد وما يتطلبه من استقرار المعاملات التجارية والسوق، حيث قام الطاعنون بتحديد سعر بيع رسائل الشاى المفرج عنها للتجار والمستهلكين وفقا لثمن البضاعة والضريبة الجمركية المفروضة عليها إعمالا للقوانين والقرارات المحددة لها من الربح في السلع المستوردة. ومتى كان ذلك فإن قرار المصلحة لإعادة تقدير ثمن وسائل الشاى المفرج عنها في مارس سنة 1977 ومطالبة الطاعنين بفروق الضريبة الجمركية عنها تنطوى على سحب لقرارات نهائية صحيحة صرت من المصلحة بتقدير قيمة تلك الرسائل وفرض الضريبة والرسوم الجمركية عليها، بعد أن أصبحت تلك القرارات محصنة ونهائية.
ومن حيث أن المادة 22 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 تنص على أن ” تكون القيمة الواجب الإقرار عنها في حالة البضائع الواردة هى الثمن الذى تساوية في تاريخ تسجيل البيان الجمركى المقدم عنها في مكتب الجمرك اذا عرضت للبيع في سوق منافسة حره بين مشتر وبائع مستقل أحدهما عن الآخر على أساس تسليمها للمشترى في ميناء أو مكان دخولها في البلد المستورد بافتراض تحمل البائع جميع التكاليف والضرائب والرسوم .. إلخ”. وتنص المادة 63 من القانون المذكور على أنه “على صاحب البضاعة أن يقدم الفاتورة الأصلية الخاصة بها مصدقا عليها في الجهة الواردة منها من هيئة رسمية مختصة تقبلها سلعة الجمارك وذلك فيما عدا الحالات التى يحددها المدير العام للجمارك. ولمصلحة الجمارك الحق في المطالبة بالمستندات والعقود والمكاتبات وغيرها المتعلقة بالصفقة دون أن تتقيد بما ورد فيها أو بالفواتير نفسها. “وتنص المادة 43 على أنه” يجب أن يقدم للجمارك بيان تفصيلى ( شهادة إجراءات ) عن أية بضاعة قبل البدء في اتمام الاجراءات ولو كانت هذه البضاعة معفاة من الضرائب الجمركية. ويجب أن يتضمن هذا البيان جميع المعلومات والإيضاحات والعناصر التى تمكن من تطبيق الأنظمة الجمركية واستيفاء الضرائب عند الاقتضاء ..” وتنص المادة 50 على أنه ” يتولى الجمرك بعد تسجيل البيان معاينة البضاعه والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشئها من مطابقتها للبيان والمستندات المتعلقة به وللجمرك معاينة جميع الطرود أو بعضها أو عدم معاينتها وفقا للقواعد التى يصدرها المدير العام للجمارك”. وتنص المادة 52 على أن “تتم المعاينة في الدائرة الجمركية، ويسمح في بعض الحالات بإجرائها خارج هذه الدائرة بناء على طلب ذوى الشأن وعل نفقتهم وفقا للقواعد التى يصدرها المدير العام للجمارك”. وتنص المادة 53 على أنه “للجمرك في جميع الأحوال إعادة معاينة البضاعة ما دامت تحت رقابته”. ومفاد ما تقدم من نصوص أن الجمرك وهو يتولى تقدير قيمة البضاعة المستوردة يتمتع بسلطة تقديرية واسعة غايتها الوصول إلى الثمن الذى تساويه البضاعه في تاريخ تسجيل البيان الجمركي المقدم عنها إذا عرضت للبيع في سوق منافسه حرة وفقا لما نصت عليه المادة 22 من القانون سالفة الذكر. والجمرك وهو وهو يباشر هذه المهمة غير مقيد بما ورد بالفواتير التى يقدمها صاحب البضاعة أو بغيرها من المستندات والعقود حتى ولو قدمت بناء على طلبه، وانما عليه طبقا لما قررته المادة 50 من القانون أن يعاين البضاعة وتحقق من نوعها وقيمتها ومنشئها ومدى مطابقتها للبيان الجمركي والمستندات المتعلقة به. وأوجب القانون من حيث الأصل أن تتم المعاينة في الدائرة الجمركية، وأجاز اعادة المعاينة ما دامت البضاعة تحت رقابة الجمرك. ومتى استبان ذلك فإن الجمرك بعد أن يمارس هذه السلطة التقديرية الواسعة في معاينة البضاعة ومطابقتها له لبيان الجمركى والمستندات المتعلقة به والتحقق من نوعها وقيمتها ومنشئها الى غير ذلك مما يمكنه من تقدير ثمن البضاعة وقيمتها وتحديد التعريفة الجمركية الخاضعة لها ثم تسوية الضريبة والرسوم الجمركية على أساس ذلك وتحصيل الضريبة والإفراج عن البضاعة، فإنه يكون بذلك قد استنفذ سلطاته، فلا يجوز له بعد تحصيل الضريبة والإفراج عن البضاعة وخروجها من الدائرة الجمركية، أن يعاود النظر في تقدير قيمتها مرة أخرى بدعوى أن المستورد لم يذكر القيمة الحقيقية للبضاعة في البيان الجمركي أو أنه لم يقدم الفاتورة الأصلية لثمنها أو ورود بيانات ومعلومات لاحقه للجمرك بحقيقة ثمن البضاعة أو قيمتها – لا يجوز ذلك طالما أنه كان بوسع الجمرك طبقا للصلاحيات والسلطات التى خولها له القانون أن تحقق بكافة الوسائل من قيمة البضاعة ونوعها وإلا يفرج عنها قبل التثبت من ذلك وفرض الضريبة عليها على أساس صحيح. فالقانون حينما أجاز في المادة 53 للجمرك اعادة معاينة البضاعة اشترط لذلك أن تكون البضاعة لا تزال تحت رقابته، كذلك حينما أجاز القانون عرض النزاع بين الجمارك وصاحب البضاعة حول نوعها أو قيمتها على التحكيم، نصت المادة 58 على أنه لا يجوز ذلك إلا بالنسبة إلى البضائع التى لا تزال تحت رقابة الجمرك. والقول بغير ذلك مؤداه زعزعة الاستقرار في المعاملات خاصة المعاملات التجارية حيث يراعى في تحديد أسعار السلع المستوردة وتوزيعها بالداخل وتحديد هامش الربح فيها، ثمن تكلفتها على المستورد بما في ذلك ما أداه فعلا من ضرائب ورسوم جمركية.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق – مذكرة مصلحة الجمارك المقدمة أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 31/12/1979 – أن الطاعن الأول كان قد استورد رسالة شاى كينى وردت الى ميناء السويس على الباخرة ” هلينك سيرت ” بتاريخ 15/2/1977 وزنها 7032 كيلو جرام، قدم عنها البيان الجمركي رقم 1232 بتاريخ 24/2/1977 وأقر فيه بأن قيمة هذه الكمية قبلغ 8987 جنيها على أساس أن سعر الطن “سيف” 1600 دولار أمريكي. ولم يقدم المذكور الفاتورة الأصلية الخاصة بالبضاعة فطبق عليه الجمرك حكم المادة 115 من القانون بتوقيع الغرامة عليه لعدم تقديم الفاتورة، وأخذ في تقديره لقيمة البضاعة بما قرره المستورد في بيانه الجمركى، وسويت الضريبة والرسوم الجمركية على هذا الأساس، وتم سدادها بالقسيمة رقم 174 بتاريخ 14/3/1977 وأفرج عن البضاعة. غير أن الجمرك إزاء توالى وصول رسائل شاى أخرى للطاعن وغيره من المستوردين قام بالاتصال بشركة النصر للتصدير والاستيراد للتحرى عن أسعار الشاى الكيني والتنزانى. فأجابت الشركة أن سعر الشاى الكينى في شهر أبريل 1977 بلغ 2530 دولارا للطن، وبلغ في شهر مايو سنة 1977 3562 دولارا. فقامت المراقبة العامة للتعريفات بعرض مذكرة مؤرخة 3/9/1977 على مدير عام مصلحة الجمارك اقترحت فيها بحصيل الرسوم الجمركية عن الرسائل التى لم يفرج عنها طبقا للأسعار الواردة من شركة النصر للتصدير والاستيراد، أما الرسائل السابق الإفراج عنها فى الفترة من يناير سنة 1977 حتى يونية 1977 فيحصل فرق الرسوم الجمركية عليها. وقد وافق مدير عام المصلحة على ذلك بتاريخ 3/9/1977، وبناء عليه وجه مراقب جمرك السويس الى الطاعن المطالبة المؤرخة 22/1/1978 لسداد مبلغ 5996.320 جنيها قيمة فروق الرسوم الجمركية المستحقة على رسالة الشاى سالفة الذكر، أعقبها صدور أمر حجز إدارى تنفيذا لهذه المطالبة.
ومن حيث أنه فى ضوء ما سبق بيانه من أحكام القانون، فإنه كان بوسع جمرك السويس قبل الإفراج عن رسالة الشاى محل النزاع أن يتحرى بكل الوسائل التى أتاحها له القانون في أسعار الشاى الكيني في تاريخ تحرير البيان الجمركي عنها ( 24/2/1977) وأن تصل وقتذاك بشركة النصر للتصدير والاستيراد مثلما فعل في شهر سبتمبر سنة 1977، ولكنه سلم بما قرره المستورد من سعر الشاى في البيان الجمركي وسوى الضريبة والرسوم على هذا الأساس وتم تحصيلها والإفراج عن البضاعة. ومن ثم فليس للجمرك بعد زهاء عشرة أشهر من تاريخ فرض الضريبة والإفراج عن البضاعة أن يعاود النظر في تقدير قيمة البضاعة وتسوية الضريبة ومطالبة الطاعن بالفروق على هنا الأساس.
ومن حيث أنه ولئن صح في الأصل ما ردده الحكم المطعون فيه من أنه ليس ثمة ما يحول دون حق المصلحة في تدارك الخطأ الذى تقع فيه في حساب الضريبة لتطالب بما هو مستحق لها زيادة على ما دفعه المستورد أو يطالب الأخير باسترداد ما دفعه بغير حق ما لم يكن الحق في المطالبة قد سقط بالتقادم – ولئن صح ذلك كأصل مجرد إلا أنه لا يستقيم تطبيقه على النزاع المعروض، ذلك أن مجال تطبيقه وقوع خطأ مادى في حساب الضريبة أو في حجم البضاعة أو عددها أو وزنها أو خطأ قانونى في تطبيق تعريفة لا تخص نوع البضاعة المفروضة عليها. أما الخطأ في التقدير – كما هو الحال في المنازعة الماثلة – وحيث يستنفد الجمرك سلطاته التقديرية فلا وجه للقول بجواز معاودة النظر فيه سواء أكان ذلك لمصلحة المستورد أو لمصلحة الجمرك، ولا مجال فى هذا الخصوص لإتمام موضوع التقادم.
ومن حيث أنه متى استبان ما تقدم تعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى، وبعدم أحقية مصلحة الجمارك فى مطالبة الطاعن الأول بسداد مبلغ 5996.320 جنيها قيمة فرق الضريبة والرسوم الجمركية عن رسالة الشاى المحرر عنها البيان الجمركى رقم 1323 بتاريخ 24/2/1977 والمسددة عنها الضريبة بالقسيمة رقثم 174 بتاريخ 14/3/1977، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام جهة الإدارة المطعون ضدها بمصروفات الدعوى والتدخل من الدرجتين.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة أولا : بعدم قبول الطعن من الطاعنين الثالث والخامس وألزمت كلا منهما بمصروفات طعنه. ثانيا : بقبول الطعن شكلا من باقي الطاعنين، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى، وعدم أحقية مصلحة الجمارك فى مطالبة الطاعن الأول بسداد مبلغ 5996.320 جنيها (خمسة آلاف وتسعمائة وستة وتسعين جنيها وثلاثمائة وعشرين مليما ) قيمة فرق الضريبة والرسوم الجمركية عن رسالة الشاى المبينة فى الأسباب، وألزمت جهة الإدارة المطعون ضدها بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة