بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة: يحيى السيد الغطريفي و د. إبراهيم علي حسن ود. فاروق عبد البر السيد وأحمد شمس الدين خفاجي المستشارين.
* إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 7 من يوليو سنة 1988 أودع الأستاذ/ عبد الفتاح رمضان بصفته وكيلا عن السيد/…….. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2963 لسنة 33 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 9 من مايو 1987 في دعوى الطعن التأديبي رقم 90 لسنة 14 القضائية المقامة من الطاعن ضد وزير الأوقاف ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية ورئيس الإدارة المركزية للشئون الاقتصادية بهيئة الأوقاف والقاضي بقبول دعوى الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وقد طلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر برفض دعوا5 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها القانوني ارتأت فيه للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22/3/1989 وبجلسة 28/6/1989 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 21/10/1989 وتأجل نظره لجلسة 2/12/1989 لأخطار الطاعن، وإذ أخطر الطاعن للحضور للجلستين، فقد تقرر حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 6/1/1990 وبها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم (27/1/1990) حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة- تتحصل حسبما يبين من الأوراق- في أن رئيس الإدارة المركزية للشئون الاقتصادية لهيئة الأوقاف المصرية أصدر في 1/9/1985 القرار رقم 535 لسنة 1985 متضمنا في مادته الأولى مجازاة السيد/……….. . (الطاعن) مشرف زراعة سمنود بخصم خمسة عشر يوما من راتبه لأنه بدائرة عمله امتنع عن تنفيذ الحجوز الإدارية المكلف بتوقيعها ضد الوحدة المحلية بسمنود وفاء للمبالغ المستحقة والتي تقدر بمبلغ 8662.362 جنيها، و قد أقام الطاعن أمام المحكمة التأديبية بطنطا دعوى الطعن رقم 90 لسنة 14 القضائية طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 10/5/1987 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من تحقيقات النيابة الإدارية أن الطاعن لم يقم بتنفيذ أوامر حجوز إدارية ضد الوحدة المحلية لسمنود وفاء لمبالغ مستحقة عليها لصالح هيئة الأوقاف، وأن المادة 76/1 و8 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة توجب على العامل أداء العمل المنوط به بنفسه بدقة وأمانة وأن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة في حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها، كما حظرت عليه المادة 77/1 و3 و4 من ذات القانون مخالفة الأحكام والقواعد المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها وكافة القواعد المالية والإهمال أو التقصير الذي يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد الأشخاص العامة الأخرى، أو الهيئات الخاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ورأت المحكمة أن الطاعن خرج على مقتضى الواجب الوظيفي و لم يقم بالعمل المنوط به ولم ينفذ ما صدر إليه من أوامر وخالف القواعد والأحكام المالية وأتى ما من شأنه المساس بمصلحة الدولة المالية، وان القرار المطعون عليه وقد جازاه استنادا إلى هذا السبب فإنه يكون قد قام على سنده الصحيح المبرر له. كما ذهبت المحكمة إلى أنه لا ينال مما تقدم ما قرره الطاعن من عدم اختصاصه بالعمل الذي كلف به، وأن القرار المطعون عليه لم يبين تفصيلا المخالفة المرتكبة وأنه قد سبق حفظ التحقيق في الواقعة محلى المخالفة، وأنه لا يجوز توقيع الحجز على أموال الوحدة المحلية، لأن ذلك مردود عليه- كما ذهب الحكم المطعون فيه- بأن الإدارة تستطيع أن تكلف العامل في أي عمل يدخل في اختصاصه أو في غير اختصاصاته وليس له أن يمتنع عن تنفيذ مثل هذا الأمر مادام قادرا على الوفاء بالواجب. وان القرار المطعون عليه والتحقيقات المتعلقة به أبانت تفصيلا المخالفة المرتكبة وأن التحقيق الذي قرر حفظه لا يتعلق بالمخالفة موضوع هذا الطعن وكان من المتعين عليه تنفيذ ما كلف به من أعمال، ولا عبرة بما ادعاه من أنه لا يجوز توقيع الحجز على أموال الوحدة المحلية بسمنود وبما قرره البنك الأهلي فرع سمنود من عدم جواز توقيع الحجز، ذلك لأن الحجز الذي شرع المدعو/……….. في توقيعه كان على حساب صندوق خدمات الوحدة المحلية وليس على أموال الوحدة المحلية.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لانعدام قرار الجزاء لصدوره من غير مختص ولبطلان القرار لعيب مخالفة القانون ولانعدامه لانعدام الباعث على إصداره.
ومن حيث أنه عن وجه النعي على القرار الإداري بتوقيع الجزاء على الطاعن لصدور. ممن لا يملكه قانونا وذلك بناء على قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف رقم 140 لسنة 1980 والذي قرر أن تصدر قرارات الندب والنقل والأجازات الخاصة بد ون مرتب والتسويات والجزاءات وكافة القرارات الإدارية المنظمة للعمل لإدارات الديوان العام والمناطق بالمحافظات بالاعتماد من رئيس مجلس الإدارة فإنه أيا كان وجه الرأي في مدى سلامة هذا القرار فإن ما تضمنه هو تطلب اعتماد القرارات التي تصدر في هذا الشأن من رئيس مجلس الإدارة وإذ صدر القرار رقم 535 لسنة 1985 بمجازاة الطاعن استنادا إلى القانون رقم 80 لسنة 1971 بشأن إنشاء هيئة الأوقاف وإلى القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون العاملين المدنيين بالدولة وإلى القرار الجمهوري رقم 1140 لسنة 1981 بشأن تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية وكان مصدر القرار وهو رئيس الإدارة المركزية للشئون الاقتصادية لهيئة الأوقاف المصرية والتي تتبعه إدارة شئون الأفراد فإنه يكون السلطة المختصة في توقيع الجزاءات بالنسبة للطاعن، وإذ لم يوضح الطاعن سببا آخر لسلب هذه السلطة عن مصدر القرار في تاريخ إصداره، فإن هذا الوجه للنعي على هذا الحكم يكون على غير سند سليم من القانون.
ومن حيث إنه عن وجه النعي على الحكم بمخالفته للقانون لعدم جواز توقيع الحجز الإداري ضد أموال الوحدة المحلية بسمنود فإن هذا السبب للطعن على الحكم قد جاء سد يدا، ذلك لأن الحجز الإداري قد تقرر بالقانون رقم 308 لسنة 1955، وبمطالعة نصوص هذا القانون يتبين أنه يتضمن مبادئ خاصة في الحجز والتنفيذ على أموال المدين ومن ذلك أن الحجز الإداري يوقع بأمر من الجهة الإدارية ولا يتم وفقا للأصل المقرر بقانون المرافعات بسند تنفيذي (المادة 6) ويقع الحجز على أموال المدنيين أيا كان نوعها (المادة 3) ويجوز لمندوب الحاجز كسر الأبواب أو فض الإقفال بالقوة بحضور أحد مأموري الضبط القضائي (المادة ه) ولا يجوز وقف إجراءات الحجز والبيع إلا بأداء المبالغ المطلوبة والمصروفات (المادة 21)، وأن الحجز القضائي لا يمنع من توقيع الحجز الإداري (المادة 25) ويتم حجز أموال المدين لدى الغير بموجب محضر حجز (المادة 29)، ويلتزم المحجوز لديه بمجرد إعلانه بمحضر الحجز بالتقرير بما لديه للمدين (المادة 30) ويلتزم خلال أربعين يوما أن يؤدي للحاجز ما أقر به (المادة 31)، كما يجوز الحجز على العقار وبيعه بإعلان موجه لواضع اليد على عقار المدين (المادة .4).
ومن حيث أن مطالعة نصوص القانون رقم 308 لسنة 1955 سالف الذكر ومذكرته الإيضاحية توضح أن المشرع قصد بالتنظيم الوارد بهذا القانون تقرير وسائل خاصة لاستيفاء الدولة وغيرها من الأشخاص العامة لحقوقها قبل آحاد الناس، وكانت هذه الوسيلة تخرج عن الوسائل المقررة للحجز والتنفيذ على أموال المدين المقررة في القانون العام وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية بما يكشف عن أحد مزايا السلطة العامة المقررة لتسيير المرافق العامة.
ومن حيث أنه يتضح مما تقدم أن الحجز الإداري بوصفه أحد امتيازات السلطة العامة- مقرر لجباية أموال الدولة بأسلوب ميسر للجهات العامة، وذلك بغية استئداء ديون الدولة لإنفاقها في حاجات المرافق العامة ومن ثم فإنه لا يكون متصورا- وفقا للغاية من الحجز الإداري- أن تسرى أحكامه قبل المرافق العامة، فيتم الحجز على أموالها والتنفيذ عليها- حتى ولو كانت هذه الأموال قابلة للحجز عليها وذلك باستبعاد الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم وفقا لصريح نص المادة 87 من القانون المدني، إذ لا يكون الحجز الإداري باعتباره وسيلة خارجة عن إطار النظام القانوني العام للتنفيذ على أموال المدين وسيلة محققة لغايات تشريع الحجز الإداري وقد يترتب على اتباع أسلوب الحجز الإداري عثرات في تسيير المرفق العام الذي يلزم أن يعمل باستمرار واضطرار وفقا للمبدأ الدستوري في هذا الشأن، ومن ثم فلا مجال لاستعمال وسيلة الحجز الإداري تجاه الدولة أو أشخاص القانون العام، ولا يبقى للدائن من أشخاص القانون العام بعد ذلك إلا الالتجاء إلى الطرق الأخرى لاقتضاء دينه قبل شخص عام أخر فيما خلا طريقه الحجز الإداري.
ومن حيث إنه لا حجاج بأن العامل ملزم بأداء الأعمال التي يكلف بأدائها ولو لم يكن مختصا بما كلف به، لأن مناط ذلك أن تكون هذه الأعمال داخلة في الاختصاص الشامل لأعمال الوظيفة العامة أما ما لا يجوز إتيانه لأي عامل كان فإنه لا يجوز أن يكلف به أي عامل بالمرفق لخروجه أصلا من دائرة الالتزامات الوظيفية.
ومن حيث إنه لا يسوغ كذلك القول بأنه من واجب المرؤوس الاعتراض كتابة على ما تضمنه الأمر الصادر إليه من مخالفة للقانون، ذلك لأنه فضلا عن القول بأن الكتابة متطلبه للإثبات يمكن المحكمة أن تتثبت من حدوث الواقعة بعدم تنفيذ الأمر غير المشروع وإعلام الرؤساء بعدم مشروعيته، فإن البادي من الأوراق أن الطاعن قد اعترض على تنفيذ الحجز الإداري على أموال الوحدة المحلية بسمنود وطلب أن تقوم المنطقة من جانبها بتوقيع هذه الحجوز لأن المطلوب توقيع الحجز عليه هي مصالح حكومية (المستند رقم 5 حافظة مستندات الطاعن أمام المحكمة التأديبية). وإذا كان الأمر المطلوب تنفيذه غير قابل للتنفيذ ماديا أو قانونيا غير أن السلطة الرئاسية اعتبرت أن امتناعه عن التنفيذ مخالفة إدارية وأوقعت عليه الجزاء الإداري بالقرار رقم 535 لسنة 1985 بناء على الامتناع عن تنفيذ أوامر الحجز الإداري ضد الوحدة المحلية بسمنود.
ومن حيث أن قرار الجزاء رقم 535 لسنة 1985 يكون قد صدر غير مشروع لافتقاده السبب الصحيح لإصداره وإذ ذهب الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك فإنه يكون حريا بالإلغاء والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه.
ومن حيث إن هذا الطعن معفي من الرسوم القضائية باعتباره طعنا في حكم محكمة تأديبية وفقا لما تقضى به المادة 90 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 535 لسنة 1985 الصادر من رئيس الإدارة المركزية للشئون الاقتصادية بهيئة الأوقاف المصرية وببراءة الطاعن بما نسب إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تحياتي / محمود حموده :- سيتم مراجعة هذا التعليق قبل نشره خلال الـ 24 ساعة القادمة